قيل إنه من لم يرضَ من صديقه إلّا بالإخلاص له دام سخطه، فالصداقة مدينة مفتاحها الوفاء، وسكانها الأوفياء، والصداقة شجرة بذورها الوفاء وأغصانها الأمل وأوراقها السعادة. والصداقة زهرة لا بدّ أن نرويها بماء الوفاء، ونحيطها بتراب الإخلاص حتّى تظل دائماً مشرقة. فالصداقة ليست تعارفًا بين أشخاص وحفظ أسماء، وابتسامات، وزيارات، وروايات يتبادلها الأفراد فيما بينهم. الصديق هو الشخص الذي يتواجد معك عندما يكون بإمكانه أن يتواجد في مكان آخر. لا تمشي أمامه فربما لا يستطيع اللحاق بك، ولا تمشي خلفه فربما لا يستطيع القيادة، ولكن امشي بجانبه وكن صديقه. وكم هو جميل أن تبدأ الصداقة بابتسامة، والأجمل منها أن تنتهي بابتسامة. يقول أحد الشعراء: إن الصديق الحق من كان معك ومن يضر نفسه لينفعك ومن إذا ريب الزمان صدعك شتت فيك شمله ليجمعك وقيل في الصداقة: صديقك من صدقك لا من صدّقك. ونحن يمكننا التخلص من الصديق بكلمة واحدة، لكن ألف كلمة لا تكفي لاكتسابه. الجميع يسمع ما تقول، الأصدقاء يستمعون لما تقول، وأحسن وأفضل الأصدقاء يستمع لما لم تقل. البئر الجيد يعطيك الماء عند القحط، والصديق الجيد تعرفه عند الحاجة. الصداقة الحقيقية تحفة تزداد قيمتها كلما مر الزمن. معظم الناس يدخلون ويخرجون من حياتك، لكنّ أصدقاءك الحقيقيّين هم من لهم موضع قدم في قلبك. الصداقة كالصحة لا تعرف قيمتها إلّا إذا خسرتها. السعادة التي تشاركها مع الأصدقاء هي سعادة مزدوجة. الإخلاص في الحب حب، وبلا إخلاص بناء بلا أساس. وأجمل ما يمكن أن تهديه في حياتك هو العفو عن عدوك والصبر على خصمك، والقدوة الحسنة لطفلك، والإحسان لوالديك، والاحترام لنفسك، والأفضل على الإطلاق هو الإخلاص لكل هذا. لا تقاس العلاقات أبداً بطول العشرة، ولكن تقاس بجميل الأثر وجميل الإخلاص والمحبة، فكم من معرفة قصيرة المدى لكنّها بجمالها وهدوئها أعمق وأنقى بكثير من أطول معرفة. من يقدم لك الإخلاص فإياك أن تهمله أبدًا، لأنّ هذه النوعية من القلوب على وجه الانقراض. الإخلاص عملة نادرة في مجتمع المادة اللا أخلاقي. الحياة بلا إخلاص وقاحة لا تنتهي. إن كان قلبك ينبض بالحب الحقيقي وبالإخلاص فلا تتخاذل أبدًا، لأن التخاذل هو الخيانة ولكن بحروف مختلفة فقط. من المؤسف حقًا أن تبحث عن الصدق في عصر الخيانة، وتبحث عن الحب في قلوب جبانة. السعادة الحقيقية لا تتحقق أبدًا من إشباع رغباتنا وتحقيق أمنياتنا فقط، ولكن تتحقق بالإخلاص لهدف يستحق ذلك. كل خائن يختلق لنفسه ألف عذر وعذر ليقنع نفسه بأنّه فعل الصواب. إذا خانك شخص مرة فهو ذنبه، ولكن إن خانك للمرة الثانية فهو ذنبك أنت، فمن اتكل على زاد غيره طال جوعه. البقاء مع شخص تحبه وأنت تعلم أنك ستفارقه، كاللعب تحت المطر ممتع لكنك تعلم أنّك ستمرض لاحقًا. ليس كل من يتكلم عن الحب كمن يتألم من الحب، وليس كل من يقرأ رسائل الحب كمن يكتبها بدم القلب. إن للوفاء والإخلاص دورا كبيرا بين الأحبة الذين لا يتغيرون على مر الزمان والمكان فهم صامدون لا تغيرهم أمواج البحر.. ويبقى الوفاء والإخلاص باقي على مر الزمان أما الإخلاص في حب الوطن فهو من أرقى أنواع الإخلاص، فالوطن ليس سؤالاً تجيب عليه وتمضي، إنّه حياتك وقضيتك معًا. عندما يكون الوطن في خطر فكل أبنائه جنود. الوطن شجرة طيبة لا تنمو إلّا في تربة التضحيات وتسقى بالعرق والدم. وما زلنا نحمل جزءًا من الوطن لا يُفارقنا في البُعد ويؤرّقُنا حُزنًا في البلايا. صارت الثقافة مدينة بحجم الوطن أعيشها وحدي. الوطن هو السند لمن لا ظهر له، وهو البطن الثاني الذي يحملنا بعد بطن الأم.
مشاركة :