الحزب الحاكم في الجزائر أمام عملية تأهيل مستحيلة | صابر بليدي | صحيفة العرب

  • 9/6/2020
  • 00:00
  • 15
  • 0
  • 0
news-picture

الأزمات تطارد حزب جبهة التحرير الوطني في الجزائر، الذي قد يدفع خلال المرحلة الجديدة فاتورة أخطاء الماضي لدى الطبقة السياسية التي قادت البلاد خلال خمسين عاما.. أزمات كثيرة بينها ما يتعلق بشرعية مؤسسات الحزب، ودوره في المرحلة القادمة، وفشل رهانات تأهيله للاستمرار بلعب دوره الريادي مع قيادة جديدة. الجزائر - فوجئت القيادة الجديدة لحزب جبهة التحرير الوطني الحاكم في الجزائر باعترافات النائب البرلماني المسجون، ونجل الأمين العام السابق جمال ولد عباس، حول ممارسات فساد مذهلة سادت الانتخابات التشريعية الأخيرة، بشكل فاقم متاعبها عشية الذهاب إلى الاستفتاء الشعبي على الدستور، والاستعداد لانتخابات تشريعية ومحلية مبكرة. تلقى حزب جبهة التحرير الوطني ضربة قاصمة عشية الاستعداد للذهاب إلى استفتاء شعبي على الدستور الجديد، وانتخابات تشريعية ومحلية مبكرة، بعد الكشف عن ملابسات فساد مالي وسياسي مذهل تورطت فيه القيادة السابقة، وبعض رموز نظام الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة. وفيما أفضت الإفادات التي قدمها النائب البرلماني المسجون عن محافظة عنابة بهاءالدين طليبة، وإسكندر ولد عباس، نجل الأمين العام المسجون أيضا، إلى ضرورة حل المجالس المنتخبة التي أفرزتها انتخابات العام 2017، تتطلع القيادة الجديدة في الحزب إلى امتصاص الضربة واحتواء تداعياتها، تحسبا لأي عقاب انتخابي خلال الاستحقاقات المقبلة. وكان الحزب الحاكم محل غضب الشارع الجزائري خلال احتجاجات الحراك الشعبي التي اندلعت العام الماضي، والذي عبر عن ذلك بشعار “جبهة التحرير ارحل”، وذلك بعد أصوات سياسية تكررت في عدد من المنابر، دعت إلى تجريد الحزب الحاكم من شعار جبهة التحرير التاريخية. وسبق أن دعا حزب جيل جديد، في المقترحات التي قدمها إلى لجنة تعديل الدستور، إلى ضرورة سحب شعار جبهة التحرير التاريخية، من أي حزب سياسي وحظر استغلالها في الممارسة السياسية، على اعتبار أنها موروث تاريخي لكل الجزائريين بمختلف توجهاتهم وخلفياتهم السياسية والأيديولوجية. أبوالفضل بعجي: جبهة التحرير مرت بأزمات بينها شرعية الهياكل النظامية أبوالفضل بعجي: جبهة التحرير مرت بأزمات بينها شرعية الهياكل النظامية أما تيار السلام (حزب سياسي جديد)، فقد أطلق دعوة للطبقة الحزبية من أجل مقاطعة أية انتخابات تشارك فيها جبهة التحرير الوطني الحالية، بعد الفضائح التي تفجرت في الإفادات التي قدمها كل من بهاءالدين طليبة وإسكندر ولد عباس، لقضاء العاصمة. وكان الأمين العام الجديد للحزب الحاكم أبوالفضل بعجي، قد استغل فرصة لقائه بأعضاء الكتلة النيابية، للتأكيد على أن “الداعين لإحالة جبهة التحرير الوطني على المتحف، قد خابت أمانيهم، لأن الحزب لا يزال قائما وسيبقى خالدا في وجدان الشعب الجزائري”. وذكر أن “جبهة التحرير الوطني عود صلب، قد ينثني ولكن لا ينكسر، ورسالة الحزب العتيد المُعلن عنها في بيان أول نوفمبر لم تكتمل، لذلك فإن بقاءها واستمرارها أمر ضروري وحيوي”. وفي سياق حديثه عن موجة الفساد التي تعتري الحزب، أكد بعجي على أن “حزبه لن يضم في صفوفه الفاسدين وأصحاب المغانم المادية الذين جعلوا من جبهة التحرير الوطني سجلا تجاريا، وأن ظاهرة الفساد كانت غريبة على ثقافة مناضلي الحزب، غير أنها عمت مع توافد الغرباء الذين لا صلة تربطهم به، وأن قيادته بصدد تفعيل عمل لجان المالية والرقابة والانضباط في هذا المجال”. وأضاف “لا يخفى على أحد أن جبهة التحرير الوطني مرت بأزمة عميقة متعددة الأبعاد والجوانب، منها أزمة شرعية الهياكل النظامية التي لم تتجدد منذ ما يزيد على عشر سنوات، وكثير من المحافظات تسيّر بلجان انتقالية توشك أن تتحول إلى لجان انتقالية دائمة، ما جعلها عرضة لفقدان شرعية الوجود نهائيا”. ومنذ افتكاك جناح الرئاسة بقيادة الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة، لجبهة التحرير الوطني، من الغريم علي بن فليس العام 2004، تداول على الحزب العديد من القيادات، وصار أكثر ارتباطا بالسلطة، لدرجة تنصيب الرئيس بوتفليقة رئيسا للحزب، وظهر نفوذ محيطه في صفوفه بشكل لافت من طرف رموز وشخصيات رسمية ورجال أعمال، أثروا بشكل كبير على مسار جبهة التحرير الوطني خلال العشريّتين الأخيرتين. ويبدو أن حزب جبهة التحرير بطبعته الجديدة لا يريد التأخر عن الانخراط في أكبر الاستحقاقات المقبلة للسلطة، حيث دعا الأمين العام الجديد نوابه في البرلمان إلى “المساهمة الفعالة في مناقشة مشروع التعديل الدستوري الذي سيعرض عليهم بعد أيام”. وقال “إنني أعول عليكم في تنشيط حملة الاستفتاء على مشروع التعديل الدستوري في دوائركم الانتخابية، وضَعوا أنفسكم تحت تصرف قسماتكم لإبراز دور الحزب وإسهاماته في هذا الجهد الوطني المرتقب”. ولفت المتحدث إلى أن “التعديل الدستوري المرتقب سيترتب عنه انتقال نوعي في النظام السياسي، ينبثق عنه ميلاد جمهورية جديدة، لا تدير ظهرها لماضيها وسيكون لجميع الأجيال مكانة مرموقة فيها، جمهورية يسود فيها الحق والعدل والقانون”. ويتطلع قطاع عريض من المناضلين والقياديين الجدد في الحزب، إلى طبعة جديدة من الحزب العتيد في البلاد، تعيد لجبهة التحرير مجدها الضائع، وترمم الشرخ الذي مزق الحزب وأبعده عن وعائه الشعبي، وهي المهمة التي تبدو مستحيلة في ظل غياب الإجماع الداخلي على القيادة الجديدة، وغياب نية فك الارتباط بالسلطة التي وظفته في تسويق فشلها المتراكم.

مشاركة :