الحدود المنفلتة معضلة تستنزف السودان وتقلق إريتريا | | صحيفة العرب

  • 9/8/2020
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

الخرطوم – طغت الأبعاد الأمنية على زيارة رئيس مجلس السيادة السوداني، الفريق أول عبدالفتاح البرهان، إلى أسمرا، الاثنين، لوقف توترات شرق السودان عقب حدوث اشتباكات قبلية استمرت أكثر من أسبوعين. وكشفت مصادر أمنية لـ”العرب” أن لدى الخرطوم معلومات حول وجود تحركات قادها محسوبون على قبيلة البني عامر، ومعهم منتمون إلى الحركة الإسلامية في السودان التي لديها ديناميكية على الحدود المشتركة، تسهم في إشعال النيران. وأكدت وجود توافق كبير لتشكيل لجان أمنية من الجانبين لضبط الحدود، لكن الأمر بحاجة إلى المزيد من المشاورات، بشأن طبيعتها وأماكن انتشارها، لمنع اندلاع معارك مع القبائل المتواجدة في المنطقة، وهو ما يفسر استمرار الزيارات المتبادلة بين المسؤولين في البلدين، للتوافق حول المرتكزات الأمنية الصائبة. محمد خليفة صديق: يمكن أن يلجأ البرهان إلى إغلاق الحدود مع إريتريا مجددا محمد خليفة صديق: يمكن أن يلجأ البرهان إلى إغلاق الحدود مع إريتريا مجددا وأعلنت الأجهزة الأمنية المحلية، الأحد، عودة الأوضاع إلى طبيعتها في كسلا، وانتهاء مظاهر الجريمة والانفلات، غير أن الحكومة المركزية تخشى أن تواجه صعوبات جمة في السيطرة عليها تماما في المستقبل، وهو ما يتطلب تنسيقا أمنيّا دقيقا مع إريتريا، لمنع تسرب عناصر منها قيل إنها تعمل على تغذية الصراع. وتحاول السلطة الحاكمة في الخرطوم استثمار علاقتها الجيدة بالنظام الإريتري، لضبط الوضع شرق السودان في ظل شكوك بوجود أطراف تحاول إبقاء الشرق منطقة صراع لا تعاون بين البلدين. ويرى مراقبون أن وجود مدير جهاز الأمن والمخابرات العامة، اللواء جمال عبدالمجيد وكذلك رئيس هيئة الاستخبارات العسكرية، اللواء ياسر محمد عثمان، ضمن الوفد المرافق للبرهان، يؤكد غلبة التفاهمات الأمنية وارتفاع مستوى التوافق حول تفاصيلها، خاصة المتعلقة بضبط الحدود التي تشهد حراكا نشطاً من جانب قبيلة البني عامر التي يتوزع مواطنوها بين إريتريا وشرق السودان. وتعد زيارة البرهان إلى إريتريا الثانية له منذ الإطاحة بنظام عمر البشير، بينما زار أفورقي الخرطوم في يونيو الماضي، وأجرى مباحثات مطولة شملت نواحي أمنية وسياسية. واتفق البرهان وأفورقي، في زيارة سابقة أدّاها الأول إلى أسمرا، على فتح الحدود بين البلدين بعد إغلاقها لعام ونصف العام في أواخر عهد البشير، واتخاذ الترتيبات اللازمة لتأمينها. وقالت أستاذة العلاقات الدولية بجامعة الخرطوم، تماضر الطيب، لـ”العرب” إن جزءا من الصراع الدائر في شرق السودان يرتبط بالعلاقات المتداخلة بين القبائل، فقبيلة البني عامر تنحدر من إريتريا، قبل أن تستوطن في السودان، بينما تعد قبيلة النوبة المتخاصمة معها سودانية الأصل، وتظهر تلك النعرات وقت احتدام الاشتباكات. وأحد أوجه الاعتراض على تعيين والي كسلا الجديد (صالح محمد صالح) هو أن جذوره إريترية، غير أن تماضر الطيب لا ترى أن إريتريا يمكن أن تلعب دورا فاعلا في إنهاء أزمات الشرق، المرتبطة بقضايا داخلية، وتحتاج إلى جهود مضنية، وسوف يظل دور أسمرا قاصرا على الجوانب الأمنية في مسألة ضبط الحدود. وتتزايد أهمية الدور الإريتري حال اندلاع مناوشات حدودية، وقيام السلطات الأمنية في أسمرا بمنع مجموعات قبلية من دخول الأراضي السودانية، وعدم صب الزيت على النار، بما يضاعف توتر الأوضاع في كسلا. وتسعى السلطة الانتقالية في السودان إلى تأمين الحدود بالتفاهم مع القيادة الإريترية، ومحاولة تطويق عوامل التوتر كمقدمة لحصار التحركات القبلية في الداخل. وتؤمن بأنه كلما قطعت الإمدادات التي تصل إلى هذه القبائل من الخارج نجحت في فرض الأمن في شرق البلاد، الذي يعاني من تدخلات تقوم بها قوى إقليمية على غرار تركيا وقطر للسيطرة على الموانئ المطلة على البحر الأحمر في تلك المنطقة. Thumbnail ويضع السودان نصب عينيه ضرورة توفير شبكة أمان مع دول الجوار المتاخمة لحدوده الأربعة، من الشمال والجنوب والشرق والغرب، وسد المنافذ أمام أي تدخل خارجي يتسرب نحو أقاليم الهامش، وهو ما انعكس في تغليب الحوار والدبلوماسية والتعاون الاقتصادي والأمني مع كل من إثيوبيا ومصر وتشاد وإريتريا وغيرها. وتعتقد دوائر في الخرطوم أن تنويع علاقات الخرطوم الخارجية يصب في صالح تثبيت أركان السلام المطلوب تحقيقه سريعا في كل أقاليم البلاد، في ظل التداخل القوي بين قادة حركات مسلحة وجهات إقليمية شكلت دعماً لتصوراتها في السابق. وأوضح أستاذ العلوم السياسية بجامعة أفريقيا العالمية في الخرطوم، محمد خليفة صديق، أن الخرطوم تريد تثبيت الهدوء في شرق السودان تحديدا، لأن الأوضاع يمكن أن تنفلت من عقالها، وتتدحرج في إقليم ينطوي على كل مكونات الاضطراب التقليدي، حيث تتداخل فيه عوامل قبلية مع أخرى سياسية تصعّب مهمةَ السيطرة عليه. وأضاف صديق لـ”العرب” أن السلطة الانتقالية تعمل على إبعاد الأدوار الأمنية الداعمة لقبائل شرق السودان عقب الحديث عن محاولات يقوم بها البعض للدفع نحو زيادة تأزيم الأوضاع، خوفا من انتقال عدواها إلى أقاليم تفتقر للحد الكبير من التماسك. ولم يستبعد صديق أن يلجأ البرهان إلى اللعب بورقة إغلاق الحدود مجددا، إذا استمر العبث القادم من الخارج بأمن شرق السودان، وإريتريا بدورها يمكن أن تتضرر عند حدوث تدهور كبير، وستلحق بها تداعيات سلبية وقت وقوع اشتباكات واسعة، ومِن مصلحتها التكاتف لوأد الفتنة مبكرا.

مشاركة :