هجمات دارفور تستنزف السلطة الانتقالية في السودان | | صحيفة العرب

  • 7/29/2020
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

الخرطوم – يجمع خبراء ومحللون على أن الهدف من الهجمات الأخيرة في دارفور غرب السودان والتي تسبب آخرها الأحد بمقتل العشرات وبأضرار مادية جسيمة، هو إضعاف الحكومة الانتقالية في الخرطوم التي تخوض مفاوضات صعبة من أجل إرساء السلام في الإقليم المضطرب. ويقول مدير الأبحاث في المركز الوطني للبحث العلمي (سي أن آر أس) مارك لافيرني الخبير في شؤون السودان “إنها رسالة إلى الخارج تهدف إلى القول إن الحكومة تسيطر فقط على الخرطوم”، معتبرا أن مثل هذا الهجوم الذي وقع الأحد يشكل “تهديدا لاستقرار البلاد”. وأضاف “هجوم خمسمئة رجل مسلح في سيارات ذات دفع رباعي تسير على طرق وعرة حتى تصل إلى قرية كبيرة في ولاية غرب دارفور أمر يتطلب تنسيقا وتنظيما حقيقيا”. وتوعّدت الحكومة السودانية الأحد باستخدام القوة اللازمة قانونا في مواجهة حالة الانفلات والاحتجاجات المتكررة بمناطق متفرقة من البلاد. وبحسب الأمم المتحدة، فقد هاجم نحو 500 مسلّح السبت قرية مستيري الواقعة على مسافة 48 كيلومتراً من مدينة الجنينة عاصمة ولاية غرب دارفور، وقتلوا أكثر من ستّين شخصا، غالبيّتهم من قبيلة المساليت، وجرحوا ستين آخرين. وتمّ نهب عدد كبير من المنازل في شمال القرية وجنوبها وشرقها، وإحراقها، كما تمّ تخريب نصف السوق المحلّية. ويقطن القرية مزارعون متحدرون من قبيلة المساليت ذات الأصول الأفريقية. وقالت لجنة الأطباء المركزية في السودان إن الهجوم استمر تسع ساعات، مشيرة إلى أن بين القتلى ثماني نساء، وبين الجرحى 19 طفلا وامرأة. ويشهد إقليم دارفور منذ العام 2003 نزاعا بدأ عندما حملت مجموعات تنتمي إلى قبائل من أصل أفريقي السلاح ضد حكومة البشير بسبب تهميش الإقليم سياسيا واقتصاديا. واستعان الرئيس المعزول عمر حسن البشير بالقبائل العربية في النزاع الذي تسبّب، وفق الأمم المتحدة بمقتل أكثر من 300 ألف شخص وفرار 2.5 مليون من منازلهم. وأصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرة توقيف في حق البشير بتهمة تنفيذ تطهير عرقي وإبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب في دارفور. وأطاح الجيش بالبشير في أبريل 2019 تحت ضغط احتجاجات شعبية استمرت أشهرا، ما غيّر المعطيات على الأرض. وتحكم السودان حاليا سلطة انتقالية تضم مدنيين وعسكرا وقد جعلت من ملف المصالحة في المناطق المضطربة إحدى أولوياتها. ويرى الكاتب والخبير في شؤون دارفور عبدالله آدم خاطر أن الموجة الأخيرة من العنف في دارفور “مرتبطة بسقوط نظام البشير. فخلال سنوات طويلة، مدّ النظام الميليشيات بالأسلحة ومنحها الحقّ في مصادرة الأراضي ووصل إلى فرض ضرائب على المزارعين”. وأضاف “بعد سقوط البشير، رفض المزارعون دفع الضرائب، بينما لا تزال أراضيهم التي فرّوا منها محتلة”، والمحتلون “يستخدمون القوة والترهيب” للحفاظ على وجودهم. ويعتبر أن الوضع “خارج عن السيطرة”. ويرى مارك لافيرني من جهته “بالنسبة إلى الميليشيات التي تقوم بالهجمات، المسألة وجودية”، مضيفا “في حال نجحت الحكومة الجديدة وعاد الهدوء إلى دارفور وتمكنّ الفارون من الرجوع إلى مزارعهم، ستصبح هذه الميليشيا في وضع لا يسمح لها بإثارة الرعب والقيام بعمليات النهب”. وتبلغ مساحة إقليم دارفور حوالي 400 ألف كيلومتر مربع، نصفها تقريبا صحراء، ويزرع المزارعون من أصل أفريقي الحبوب (الذرة والسمسم والفول السوداني) إضافة إلى البرتقال على سفوح جبل مرة، السلسلة الجبلية التي تمتد في ولايات شمال منطقة دارفور ووسطها وجنوبها وهي خصبة وغنية بالمياه. ويعمل السكان من أصول عربية في الرعي ويتنقلون مع حيواناتهم طلبا لمصادر المياه والعشب لإطعامها. وبالتالي، فإن أحد أسباب الصراع الرئيسية يتمحور حول الموارد. وأعلن رئيس الوزراء السوداني عبدالله حمدوك الأحد أن الخرطوم تعتزم إرسال قوات أمنية إلى إقليم دارفور “لحماية المدنيين والموسم الزراعي”. ويصف خاطر القرار بأنه “مهمّ للغاية ويعكس لمواطني دارفور أن الحكومة الانتقالية تهتم بأمنهم واستقرارهم”.

مشاركة :