تحقيق إخباري: انتعاش السوق السوداء في ظل أزمة بنزين في السويداء جنوب سوريا

  • 9/7/2020
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

انتظر أبو عماد الرجل الستنيني بالعمر أكثر من 6 ساعات بداخل سيارته التي يعمل عليها، في ظل هذا الحر الشديد ليحصل على كمية بسيطة من مادة البنزين، وعلامات التعب والإرهاق بدت على ملامح وجهه الأسمر. وقال أبو عماد، وهو مواطن سوري يقطن في مدينة السويداء ( جنوب سوريا)، والعرق يتصبب من وجهه، وينظر إلى طابور السيارات الطويل الذي يقف أمام سيارته، لوكالة أنباء ( شينخوا) " أعمل على سيارتي التي هي مصدر رزقي منذ سنوات، وأعاني من قلة وجود البنزين في محطات الوقود، وخاصة بعد أن حددت الحكومة السورية كمية البنزين للسيارات العامة والخاصة ". وتابع أبو عماد يقول "علي أن أقارن بين الوقوف لساعات طويلة أمام محطات الوقود لأحصل على 30 لترا من الوقود المدعوم أو أذهب إلى السوق السوداء لكي أشتري اللتر الواحد من البنزين بأكثر من 700 ليرة سورية"، مبينا أن شراء البنزين من السوق السوداء مكلفا، ولا يستطيع أن يشتريه دائما. وتنتشر وبشكل كبير، بسطات باعة البنزين الحر على جنبات الطرقات في مدينة السويداء التي يقطنها غالبية من الطائفة الدرزية، وبالقرب من محطات الوقود ، في مشهد مثير للانتباه، وبأسعار خيالية، دون رقيب أو حسيب، والكل يبيع حسب هواه. كما تشاهد بذات الوقت طوابير السيارات على محطات البنزين بداخل مدينة السويداء، مع حصر توزيع المادة بعدد محدد من المحطات، الأمر الذي يشكل ازدحما كبيرا يصل لمسافة أكثر من كيلومتر تقريبا، على أمل أن تحل هذه الأزمة في وقت قريب . ومن جانبه روى باسل (24 عاما)، وهو عامل، من قرى ريف السويداء الشرقي، معاناته مع الوقوف لساعات طويلة أمام محطة البنزين ، بالتزامن مع استمرار ارتفاع درجات الحرارة في النهار، لتزيد من معاناته أكثر وأكثر. وقال باسل، وهو يملأ خزان سيارته الخاصة من أحد بسطات البنزين في شرق مدينة السويداء ، " بعد معاناتي الأسبوع الماضي ووقوفي لأكثر من 5 ساعات في إحدى محطات البنزين، قررت أن أتوجه للسوق السوداء، وأدفع أكثر مقابل أن أعود مبكرا إلى منزلي وخاصة في هذه الظروف الصعبة من انتشار فيروس كورونا الجديد، وارتفاع درجة الحرارة الكبير خلال النهار ". وبين أن السوق السوداء تنتعش أكثر في الأزمات، وعندما يكثر باعة البنزين في شوارع المدينة يمكن أن يعرف الأشخاص أن هناك أزمة بنزين ستحدث، مؤكدا أن الكميات التي تم تخصيصها للسيارات لم تعد كافية. وأثناء توزيع مادة البنزين في إحدى محطات الوقود في السويداء، وقع شجار بين شخصين أثناء اصطفاف طابور السيارات، تطور لاستدعاء أحدهما مجموعة من المسلحين، حيث وقع إطلاق نار كثيف أصيب خلاله 3 أشخاص، وتم تحويل أحد المصابين من المشفى الوطني بالسويداء إلى أحد المشافي في دمشق ، بحسب مراسل وكالة أنباء ( شينخوا) . وقال أحد باعة البنزين الحر والذي فضل عدم الكشف عن اسمه لوكالة أنباء ( شينخوا) إن "بعض أصحاب الدراجات النارية نبيع لهم كميات البنزين بسعر 500 ليرة سورية، وليتم بيعها لاحقا لأصحاب السيارات بأسعار أغلى"، مبينا أن بعض السيارات العامة تقوم بإفراغ خزانات سياراتهم قبل تعبئتها من جديد من محطات الوقود للاستفادة من فرق السعر. وتابع ، الشاب الثلاثيني بالعمر، وقد بنى خيمة بالقرب من المشفى الوطني بالسويداء ( شرقا)، يقول إن "السوق السوداء موجودة وتنتعش كثيرا خلال وجود الأزمات حالها حال أي سلعة يتم احتكارها للتحكم بسعرها، مبينا أن هذه السوق تخفف العبء عن الناس الذين لا يستطيعون الوقوف طويلا ، أو عملهم لا يسمح لهم . وقال ماهر 41 عاما، وهو طبيب أسنان " أنا لا استطيع أن أقف 5 أو 6 ساعات في محطة البنزين لملء سيارتي، فأذهب لشراء البنزين من السوق السوداء، توفيرا للوقت"، مبينا أن الأزمة بدأت منذ الأسبوع الماضي، ولاتزال. وشاهد مراسل وكالة أنباء ( شينخوا)، أثناء تجوله على أكثر من محطة وقود في السويداء، الكثير من الأشخاص يركنون سياراتهم أمام محطات البنزين من يوم لآخر كي يحجزوا دورا لهم عندما يبدأ توزيع البنزين في صباح اليوم التالي. وقال همام ديبات محافظ السويداء في تصريح صحفي لوسائل إعلامية من بينها وكالة أنباء ( شينخوا) إن " أزمة البنزين التي تشهدها المحافظة منذ 15 يوما ، جاءت بسبب انخفاض كميات الوقود إلى محافظة السويداء، بسبب الحصار الاقتصادي الجائر على سوريا"، مبينا أن هذه الأزمة "ليست في السويداء فحسب وإنما موجودة في عدة محافظات من بينها محافظة ريف دمشق ودرعا. وأشار محافظ السويداء إلى وجود بعض ضعاف النفوس الذين يحاولون استغلال ما يحدث وبيع كميات من البنزين للباعة في خارج المحطة، داعيا إلى تكثيف الرقابة على المحطات لضبط الكميات وإيصالها لمن يستحق. ومشهد ازدحام السيارات في السويداء امتد ليشمل عدد من المحافظات السورية في حلب ( شمال سوريا وحمص (وسط سوريا)، بالتزامن مع انتعاش باعة البنزين الحر في الشوارع الرئيسية، وعلى الطرقات الدولية التي تربط المحافظات السورية بعضها ببعض . وقامت وزارة النفط والثروة المعدنية في سوريا بتخفيض كمية البنزين المخصصة للسيارات العامة والخاصة من 40 لترا إلى 30 لترا مع تقليص المدة الزمنية من أسبوع إلى 4 أيام.

مشاركة :