أثبت النجم الفرنسي الشاب إدواردو كامافينغا أنه قادر على تحمل الضغوط والصعوبات منذ نعومة أظافره، فعندما كان صغيرا انتقلت عائلته من أنغولا إلى فرنسا وبنت منزلا لها هناك، لكن هذا المنزل احترق بالكامل. وقال كامافينغا لصحيفة «كويست فرانس» في مايو (أيار) الماضي: «أتذكر الحريق كما لو كان بالأمس. كنت في المدرسة ورأيت رجال الإطفاء من خلال النوافذ. رأيت الضرر الذي لحق بالمنزل بأم عيني، فقد كان المنزل يحترق. لم تكن الأمور تسير على ما يرام لعائلتي». وبعد انتقال العائلة إلى منزل جديد، التفت والد كامافينغا إلى ابنه البالغ من العمر 10 سنوات آنذاك، وقال له: «إدواردو، أنت أمل هذه الأسرة الآن». وبالفعل، لم يخذل كامافينغا والده وكان على قدر المسؤولية. من المؤكد أن معظم الأطفال سيجدون صعوبة كبيرة للغاية في تحمل مثل هذه الأمور، لكن كامافينغا كان على قدر توقعات والده، ويقول عن ذلك: «في ذلك الوقت، كنت أشعر بالراحة ولم آخذ الأمر على محمل الجد». لكنه الآن يتعامل مع الأمور بجدية كبيرة. لقد ساعد اللاعب البالغ من العمر 17 عاما، والذي يتميز بالذكاء الكروي والمهارة الفائقة، نادي رين الفرنسي على التأهل لدوري أبطال أوروبا. وبفضل الأداء الرائع الذي قدمه هذا الموسم، تم استدعاؤه لمنتخب فرنسا للمرة الأولى. وغالبًا ما يتم تقسيم لاعبي خط الوسط المعاصرين إلى فئات حسب المراكز التي يلعبون بها، لكن من الصعب للغاية تحديد المركز الذي يلعب به كامافينغا، لأنه قادر على اللعب في جميع مراكز خط الوسط، بفضل القدرات والإمكانيات الهائلة التي يمتلكها. وعلاوة على ذلك، يمتاز اللاعب الفرنسي الشاب بالحيوية والنشاط والتحرك المستمر داخل المستطيل الأخضر، كما يمكنه القيام بالأدوار الدفاعية والهجومية بشكل رائع، والتحرك الطولي من منطقة جزاء فريقه وحتى منطقة جزاء الفريق المنافس بشكل رائع. وعلى الرغم من جسده النحيل نسبيا، فإنه يمتاز بالقوة البدنية الكبيرة، كما يمكنه تقديم دعم كبير لرباعي خط الدفاع من خلفه. وعلاوة على ذلك، يمتاز كامافينغا بالرشاقة والقدرة على الاستحواذ على الكرة بمهارة فائقة، كما يتميز بالذكاء الخططي والتكتيكي بالشكل الذي يمكنه من التألق في مركز صانع الألعاب أيضا، بحيث يمكنه تقديم تمريرات قاتلة في عمق دفاعات الفرق المنافسة وخلق الكثير من الفرص لزملائه في الفريق. كما يمتاز اللاعب صاحب الأصول الأنغولية بالسرعة المذهلة والمهارة الفائقة، وهو ما يمكنه من مراوغة المنافسين وتجاوزهم بسهولة. وعندما تحدث عن أسلوبه في اللعب في وقت سابق من هذا العام، قال: «أحب لعب التمريرات لزملائي في الفريق، لكن لا مانع من استخلاص الكرة بكل قوة أيضا. قبل الموسم الماضي، لم ألعب في مركز محور الارتكاز أبدا، لكنني تعلمت أن أحب هذا المركز أيضا. كما أحب اللعب في مركز خط الوسط المهاجم، لأنني أحب التحرك في المساحات الخالية». وقد أظهر كامافينغا هذه القدرات الرائعة بالفعل تحت قيادة المدير الفني لنادي رين، جوليان ستيفان، الذي كان أول من ضم كامافينغا لصفوف الناشئين بنادي رين، قبل أن يأخذه معه للفريق الأول فور توليه مسؤولية الفريق. ويدين نادي رين بالفضل لكامافينغا في الأربعة نقاط التي حصل عليها في الموسم الجديد للدوري الفرنسي الممتاز حتى الآن. وفي الجولة الافتتاحية للموسم، شارك كامافينغا كبديل بعد مرور ساعة من عمر مباراة الفريق أمام ليل، ولعب دورا كبيرا في إدراك فريقه لهدف التعادل بعدما كان متأخرا بهدف دون رد. وعندما كان رين متقدما بهدف دون مقابل، وكان الفريقان يلعبان بعشرة لاعبين بعد طرد لاعب من كل فريق، نزل كامافينغا لينشر سحره داخل المستطيل الأخضر ويقدم مستويات مذهلة تفوق قدرات أي لاعب آخر في مثل هذه السن الصغيرة. وصنع هدف التعادل بطريقة رائعة لزميله داماين دا سيلفا. وشارك كامافينغا في التشكيلة الأساسية لرين في الجولة الثانية وقاده للفوز على مونبلييه بهدفين مقابل هدف وحيد. ومرة أخرى، قدم اللاعب الشاب مستويات استثنائية وأحرز هدفا رائعا تم اختياره أفضل هدف في تلك الجولة بالدوري الفرنسي الممتاز، حيث تبادل التمريرات مع فيتوت مواسا، ثم انطلق داخل منطقة الجزاء وراوغ مدافع مونبيليه، بيدرو مينديز، قبل أن يضع الكرة بشكل رائع في شباك الحارس جوناس أوملين. وعلى الرغم من إحراز هذا الهدف الرائع (والذي يشبه هدف الفوز الذي سجله ضد ليون الموسم الماضي)، ما زال يتعين على كامافينغا العمل على تحسين قدرته على إنهاء الهجمات أمام المرمى، حيث تشير الأرقام والإحصائيات إلى أنه شارك في 45 مباراة مع رين لم يسجل خلالها سوى هدفين فقط، في حين صنع ثلاثة أهداف. من المؤكد أن مستوى اللاعب سيتطور بشكل أكبر خلال الموسم الجاري، خاصة إذا استمر في اللعب إلى جانب ستيفن نزونزي، الذي سيسمح له بأن يلعب بحرية أكبر. لقد أصبح كامافينغا بالفعل هو اللاعب الذي يعتمد عليه فريقه في شن الهجمات السريعة وخلخلة دفاعات الفرق المنافسة، وتقديم تمريرات في عمق دفاعات المنافسين. إنه يلعب الآن في فريق سيشارك في دوري أبطال أوروبا، ويمتلك لاعبا فائزا بكأس العالم مع منتخب فرنسا – نزونزي - ويلعب إلى جانب نجوم لامعة في الدوري الفرنسي الممتاز، وغيرهم من الشباب الموهوبين، لكن كامافينغا، الذي يلقبه زملاؤه في الفريق بـ«رجل الثلج»، سرعان ما أصبح أهم لاعب في الفريق. وأفادت تقارير بأن ريال مدريد وبوروسيا دورتموند وأندية أخرى مهتمون بالتعاقد مع كامافينغا، لكنه أكد أنه سيستمر مع رين خلال الموسم الحالي، خاصة وأن الفريق سيلعب في دوري أبطال أوروبا. وإذا واصل كامافينغا التطور بهذا الشكل وابتعدت عنه الإصابات ولم ينخفض مستواه، فسوف يرحل عن رين خلال الصيف المقبل وهو في الثامنة عشرة من عمره بعد خوضه أكثر من 100 مباراة مع النادي الفرنسي. ومن الواضح للجميع أن كامافينغا يتطور بالفعل، سواء على مستوى اللعب أو حتى على مستوى الشخصية. وقال في وقت سابق من هذا العام: «أحب أن أركض بشكل مستمر حتى يمكنني مساعدة زملائي. وإذا لم ألعب بشكل جيد، فإن أمي وأبي سوف يخبراني بذلك على الفور». قد تكون هناك بعض العقبات الكبيرة في طريق كامافينغا، لكن من الواضح للجميع أنه يمتلك قدرات وفنيات تؤهله للوصول إلى قمة كرة القدم العالمية، فهو يمتلك الموهبة التي تجعله قادرا على التربع على عرش كرة القدم الأوروبية على مدار العشرين عامًا القادمة. وإذا لعب كامافينغا أول مباراة دولية له في مباريات دوري الأمم الأوروبية خلال الشهر الجاري، فسيصبح أصغر لاعب يشارك مع منتخب فرنسا الأول على مدار أكثر من قرن من الزمان، متفوقا على كيليان مبابي بحوالي ستة أشهر. ويقارن كثيرون بالفعل بين مبابي وكامافينغا، لدرجة أنه بعد إحدى مباريات رين الموسم الماضي، مازح أحد لاعبي الفريق المنافس كامافينغا قائلا إنه يتعين عليه أن يحصل على قميصه بسرعة «قبل أن ينتقل إلى ريال مدريد». قد تؤدي هذه الضغوط إلى شعور أي لاعب شاب بعد الاستقرار بسهولة، لكن كامافينغا لا يزال محافظا على تركيزه. ورغم كل ذلك لا يزال اللاعب الشاب يرى أن هذه «مجرد بداية»، وأنه ما زال يمكنه تقديم الكثير في عالم كرة القدم خلال الفترة القادمة.
مشاركة :