يستمر الجدل حول آفاق أزمة الديون في اليونان رغم ما بدا حلا لها، وتنطلق المفاوضات بين الأطراف الدائنة واليونان، حول برنامج ثالث يتضمن حزمة مساعدات لأثينا، وهي المفاوضات التي من المقرر أن تستمر حتى 12 أغسطس (آب) القادم وبعدها يجب إقرار البرنامج الجديد من جانب دول مجموعة اليورو، فضلا عن تصويت عليه من جانب برلمانات عدد من الدول الأعضاء في منطقة اليورو. ويجب أن يتم الانتهاء من كل هذه الأمور قبل موعد 20 أغسطس، وهو الموعد المحدد لسداد اليونان 3.2 مليار يورو مستحقة للمصرف المركزي الأوروبي. وكان من المفترض أن تنعقد المفاوضات الجمعة الماضي ولكن تقرر تأجيلها لأسباب لوجيستية، حسب ما أفادت به أمس، وكالة الأنباء البلجيكية في بروكسل، التي أضافت بأن ممثلي المفوضية الأوروبية وصندوق النقد الدولي والمصرف المركزي الأوروبي كان من المفترض أن يبدأوا المفاوضات مع الحكومة اليونانية الجمعة الماضي، ولكن لم يتم تحديد مكان للمفاوضات، ولم يتم اتخاذ التدابير الأمنية اللازمة. وأشارت إلى أن تحديد الاحتياجات المالية لبنوك اليونان سيتم في أعقاب الجولة الجديدة من اختبارات الضغط التي تجرى على البنوك، ومقرر لها في أغسطس القادم. وكانت البنوك اليونانية قد أغلقت أبوابها لمدة أسبوعين في بداية الشهر الحالي، وتبع ذلك إغلاق بورصة الأسهم المالية في أثينا، وسيتم في وقت لاحق من الأسبوع الحالي تحديد موعد لإعادة فتح البورصة. ويأتي ذلك بعد موافقة مجلس النواب اليوناني على الشروط الصارمة الجديدة التي وضعها الدائنون الدوليون، وطلبت حكومة أثينا رسميا من صندوق النقد الدولي الحصول على تسهيل قرض جديد. وجاء ذلك في رسالة بعث بها وزير المالية اليوناني إيوكليد تساكالوتوس إلى مديرة صندوق النقد الدولي كريستين لاغارد، مؤكدا تطلع الحكومة إلى مواصلة التعاون مع الصندوق. وقد لمح وزير المالية الألماني فولفغانغ شويبله إلى إمكانية تقديمه لاستقالته من منصبه لو سارت المفاوضات مع اليونان بشكل مختلف عن المأمول منها، وكان الوزير اقترح في وقت سابق خروجا مؤقتا لليونان من منطقة اليورو كحلّ لأزمة عرفتها الشهور الماضية في التفاوض بين اليونان والأطراف الدائنة، للتوصل إلى اتفاق حول برنامج دعم مالي جديد. من جانبه قال رئيس مجموعة اليورو إنه لا يستبعد وجود مشكلات خلال الفترة القادمة مع اليونان، ولكنه عاد وقال: «أعتقد أننا لدينا القدرة على إيجاد الحلول لها». وجاء ذلك بعد أن رحب جيروين ديسلبلوم رئيس مجموعة اليورو باتخاذ الخطوات اللازمة لفتح الطريق أمام المفاوضات بشأن الدعم المالي لليونان، التي اتخذت بالفعل، وذلك لمتابعة اتفاق توصلت إليه دول منطقة اليورو في وقت سابق من الشهر الحالي. وقال ديسلبلوم في بيان إن الاتفاق يوفر فرصة لوضع الاقتصاد اليوناني على المسار الصحيح. وأشار البيان إلى أن مجلس محافظي آلية الاستقرار الأوروبي وافق على إطلاق مفاوضات لإعداد مذكرة تفاهم بالتعاون بين المفوضية الأوروبية والمصرف المركزي الأوروبي وصندوق النقد الدولي، وتحتوي المذكرة من حيث المبدأ على الشروط المطلوبة للحصول على قرض لمدة 3 سنوات من آلية الاستقرار الأوروبي، وأضاف بأن الخطوات التي اتخذت خلال الأيام القليلة الماضية يجب أن تساهم في استعادة الثقة بين منطقة اليورو واليونان، واعترف بأن الفترة القادمة لن تكون سهلة وستكون هناك مشكلات. وعاد وقال: «أعتقد أننا سيكون لدينا القدرة على حلها». وفي وقت سابق توقع ديسلبلوم أن تستمر المفاوضات بشأن حزمة الإنقاذ المالي الثالثة لليونان أربعة أسابيع. وقال فالديس دومبروفسكيس نائب رئيس المفوضية الأوروبية يوم الجمعة إنه يأمل بأن يكون بالإمكان التوصل إلى اتفاق مع اليونان على برنامج ثالث للإنقاذ المالي في غضون أسابيع قليلة، مضيفا أن المحادثات ستتناول إعادة جدولة للديون. وأضاف أن من المنتظر أن يكون صندوق النقد الدولي طرفا في البرنامج الثالث. ويأتي ذلك بعد أن قررت آلية الاستقرار الأوروبية رسميا فتح مفاوضات مع اليونان حول برنامج ثالث للإنقاذ المالي قد تبلغ قيمته الإجمالية 86 مليار يورو (93.3 مليار دولار) على مدى ثلاث سنوات.. وقالت آلية الاستقرار الأوروبية في بيان: «هذا القرار يمهد الطريق أمام المؤسسات للتفاوض على مذكرة تفاهم تتضمن تفاصيل إصلاحات الاقتصاد الكلي المتفق عليها - أو مشروطية السياسة - المرتبطة بتسهيلات المساعدة المالية لآلية الاستقرار الأوروبية». ويأمل مسؤولو الاتحاد الأوروبي أن يكون اتفاق الإنقاذ المالي جاهزا بحلول منتصف أغسطس، وهو الموعد الذي ستحتاج فيه اليونان إلى إجراء مزيد من المدفوعات للبنك المركزي الأوروبي لاسترداد سنداتها المستحقة الدفع لأن التمويل المؤقت الذي جرى ترتيبه حتى الآن يبلغ 7.16 مليار يورو فقط، وهو ما يكفي اليونان حتى نهاية يوليو (تموز)، لكن ليس حتى نهاية أغسطس. وأعلنت المفوضية الأوروبية ببروكسل عن خطط لمساعدة اليونان نحو تحقيق الاستخدام الأمثل لأموال الاتحاد الأوروبي. وقالت المفوضية إنه بعد اتفاق يمهد الطريق لبرنامج دعم جديد لليونان، وبناء على تكليف صادر عن القمة الأخيرة لقادة دول اليورو، سوف تساعد المفوضية على تعبئة 35 مليار يورو حتى 2020، من ميزانية الاتحاد الأوروبي، لدعم الاقتصاد اليوناني، بعد التزام أثينا بالشروط التي وردت في الاتفاق، الذي جرى التوصل إليه في قمة بروكسل الأخيرة. وقال جان كلود يونكر رئيس المفوضية الأوروبية، في بيان، إن المفوضية مستعدة لتعزيز هذا الأمر، بمساعدة اليونان ليطلق العنان لانتعاش اقتصادي كبير، وإعطاء الإصلاحات المقترحة فرصة أفضل للعمل، وأشار يونكر إلى أن 35 مليار يورو يمكن أن تساعد في جعل اليونان موقعا جذابا للاستثمار، وإعطاء الأمل للمواطنين، وخصوصا جيل الشباب. وجاء في البيان أنه بعد أوقات صعبة عرفتها المفاوضات بين اليونان والأطراف الدائنة، هناك حاجة إلى التطلع للمستقبل، وهذه بداية جديدة لفرص العمل والنمو». وقال يونكر: «إن هذه مساهمة المفوضية الأوروبية، وأنا على يقين بأن البرلمان الأوروبي والدول الأعضاء ستقوم بدورها، حتى نتمكن من صرف هذه الأموال في أسرع وقت، وخصوصا أن الخطة الجديدة للنمو والتوظيف سوف تساهم في مساعدة المواطنين والشركات، وهي تعتبر استمرارا للدعم الذي قدمته المفوضية الأوروبية لليونان طوال فترة الأزمة، سواء من حيث الدعم المالي أو المساعدة التقنية».
مشاركة :