أعلنت فيرموث لإدارة الأصول عن توقعاتها بزوال "فقاعة الكربون" بشكل يؤثر تأثيراً بالغاً على الدول المنتجة للنفط في الشرق الأوسط وعلى الأسواق المالية العالمية والاقتصاد العالمي، وذلك بالنظر إلى توفر الطاقة الشمسية بسعر 4 سنتات أميركية لكل كيلو وات ساعة - وهو سعر لا يمكن للنفط الخام منافسته إلا في حال بيعه بأسعار أدنى من 7 دولارات للبرميل الواحد. وفي حال التزام قادة قمة الأعمال والمناخ (COP21) بهدف عالمي بواقع 2 درجة مئوية للحرارة بحلول عام 2050، ومن خلال تقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، فإن 80% من الاحتياطي العالمي المعروف من الوقود الأحفوري ستصبح غير قابلة للاستخدام من قبل كبرى شركات الطاقة. وبصرف النظر عن أي اتفاقيات، فإن المنافسة من جانب مصادر الطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة المتزايدة في المجال الصناعي تعني ضرورة تخفيض توقعات أسعار الوقود الأحفوري على المدى الطويل، مع ترجيح عدم استخدام ما قيمته 21 تريليون دولار من الاحتياطي العالمي. وشهد منتدى برلين للاستثمار، والذي استضافته فيرموث لإدارة الأصول في 15 يونيو الماضي، حضور سليم بن محمد العويس، رئيس مجلس إدارة "بيئة" من الإمارات العربية المتحدة، وفاليري روكفيلر واين من الأسرة الشهيرة في قطاع النفط بالولايات المتحدة الأميركية، وستيفن برينينكماير ممثل العلامة التجارية العملاقة سي أند إيه. وحضر عدد من المستثمرين من ممثلي المؤسسات والشركات العائلية وخبراء البيئة وأصحاب القرار لمناقشة المخاطر والفرص الكامنة في الاستثمارات البديلة بقطاع النفط. وقال يوخن فيرموث، الشريك المؤسس والرئيس التنفيذي للاستثمار لدى فيرموث لإدارة الأصول، في كلمته الافتتاحية ان الاستثمار في أصول النفط والغاز والفحم لم يعد واعداً بمستقبل باهر في أي من مناطق العالم. وأضاف يوخن فيرموث: "لا نزال في عصر النفط، ولكن إلى متى؟ سواء كان هناك اتفاق ملزم في باريس أم لا، فإن فقاعة الكربون على وشك الانفجار، ولهذا فإن المستثمر الذكي هو الذي سينجو بنفسه قبل أن يقع المحظور. فحتى المملكة العربية السعودية، أكبر منتج للنفط في العالم، بدأت تتحرك باتجاه البدائل الصديقة للبيئة. وبحسب وزير النفط علي النعيمي، فإن المملكة تطمح لتصدير الطاقة الشمسية وطاقة الريح بحلول العام 2030، وهذا بالنسبة لي دليل على ضرورة استثمار أصولنا في مجالات جديدة من قطاع الطاقة". يذكر أن "كاربون تراكر إنيشتف"، وهي منظمة غير حكومية، تنبأت بأن شركات النفط ستنفق على مدى الأعوام العشرة المقبلة أكثر من تريليون دولار سنوياً على مشروعات تعتمد على سعر يزيد عن 95 دولارا لبرميل النفط الخام. أما المتوسط الحالي لسعر النفط الخام فهو أقل من ذلك بحوالي الثلث. وتعتقد فيرموث لإدارة الأصول بأن المخاطر الافتراضية لتلك الاستثمارات لم تدخل بعد في أسعار أسهم تلك الشركات، ولكن قد يظهر في النهاية أنها أموال أنفقت بلا طائل. وأضاف يوخن فيرموث: "هناك توجهان بارزان يخفضان من توقعات الدول والشركات المنتجة للنفط. الأول هو استمرار ارتفاع حجم الإنتاج فيما يتقلص الاستهلاك في أوروبا وأمريكا الشمالية واليابان، حيث يباع نصف الإنتاج العالمي. كما أن الطلب في الصين بلغ ذروته، ولم يساهم الانهيار الأخير في أسعار النفط الخام في تنمية الطلب. أما التوجه الثاني فهو الانخفاض الملموس في تكلفة الطاقة المتجددة، وبشكل يتحدى الوقود الأحفوري بكافة أشكاله. تمكنت دبي من وضع معيار عالمي جديد في ديسمبر 2014 حينما نجحت "أكوا باور" و"تي إس كيه" في تقديم عرضها إلى هيئة كهرباء ومياه دبي بشأن مشروعها لمحطة الطاقة الشمسية بالخلايا الضوئية بقدرة 200 ميغاوات، حيث قدمت سعراً يبلغ 5.84 سنتات لكل كيلو وات ساعة. فهذه التكلفة أقل من تكلفة الطاقة المولدة بالنفط بسعر 10 دولارات للبرميل الواحد. وفيما فوجئ الكثيرون بذلك العرض، قدمت شركة "صن إديسون" عرضاً لتوفير الطاقة الشمسية بسعر 4 سنتات أميركية لكل كيلو وات ساعة في أوستن بولاية تكساس الأميركية. في تلك الحالة يجب أن يباع النفط بسعر 7 دولارات للبرميل الواحد، والغاز الطبيعي بسعر 3.50 دولارات لكل مليون وحدة حرارية بريطانية ليتمكنا من المنافسة. وإذا نظرنا إلى تكلفة الطاقة الشمسية البالغة 600 سنت لكل كيلو وات ساعة في ألمانيا عندما بدأت بتقديم تعرفة مدعومة عام 2000، نرى أن الأسعار أحرزت تقدماً ملموساً، ولم تعد هناك أي حاجة للدعم الحكومي: فالطاقة الشمسية تتفوق في المنافسة المفتوحة مع الوقود الأحفوري". تجدر الإشارة إلى أن الوكالة الدولية للطاقة قدّرت بأن استخدام النفط لتوليد الطاقة قد يكلّف دول الشرق الأوسط مبلغاً يصل إلى 60 دولاراً لكل ميغا وات ساعة (6 سنتات لكل كيلو وات) عام 2020، وهو رقم سيرتفع إلى 215 دولار لكل ميغا وات (215 سنت لكل كيلو وات) بدون دعم حكومي1. ومع ازدياد تنافسية الطاقة المتجددة، والتي لا تتطلب في الغالب أي دعم حكومي، تشجع فيرموث لإدارة الاستثمار البنوك وشركات التأمين والمستثمرين على انتهاج الشفافية فيما يتعلق بالمخاطر المرتبطة بالوقود الأحفوري، وتعديل موازناتها والابتعاد باستثماراتها عن المنتجات الهيدروكربونية. وأكدت الشركة العائلية بأن دول الخليج العربية التي لا زالت تعتمد على إيرادات النفط والغاز تحتاج إلى تنويع استثماراتها عاجلاً غير آجل. واختتم السيد فيرموث حديثه بالقول: "تمثل مبيعات النفط حوالي 85% من موازنات بعض دول الخليج، وبالتالي فإن انخفاض أسعار النفط الخام يعني ضرورة التنوع في تلك الاقتصاديات. فإذا كانت السعودية، أكبر منتج للنفط في العالم، قد وضعت برنامجاً بقيمة 110 مليارات دولار للطاقة الشمسية، فإن ذلك يعني أن الوقت قد حان ليتعامل المستثمرون في قطاع الطاقة مع المجريات على أرض الواقع".
مشاركة :