الرسوم التي نشرتها صحيفة (شارلي إيبدو) من أجل الإساءة لرسول الله صلى الله عليه وسلم هي في حقيقة الأمر إساءة لأصحابها، فإنهم بفعلهم المخزي هذا لا ينالون من مقدار رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبدفاعنا هذا لن نزيد من مقدار سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا لا يعني بالضرورة أن مسيحي الغرب كلهم في بوتقة واحدة، فإنهم شهدوا بمدى تسامح سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وبُعده عن التعصب، يقول صاحب موسوعة الحضارة ويل ديورانت : (إذا حكمنا على العظمة بما كان للعظيم من أثر في الناس، قلنا إن محمدًا رسول المسلمين أعظم عظماء التاريخ، فقد كبح جماح التعصب والخرافات، وأقام فوق اليهودية والمسيحية ودين بلاده القديم دينًا واضحًا قويًا، استطاع أن يبقى إلى يومنا هذا قوة ذات خطر عظيم).فمنهم أهل إنصاف، ومنهم من صَنف كتبًا يمتدح فيها سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهذا هو المستشرق الكندي الدكتور زويمر الكندي : ولد (1813 ـ 1900) قال في كتابه (الشرق وعاداته): (إن محمدًا كان ولا شك من أعظم القادة المسلمين الدينيين، ويصدق عليه القول أيضًا بأنه كان مصلحًا قديرًا وبليغًا فصيحًا وجريئًا مغوارًا، ومفكرًا عظيمًا، ولا يجوز أن ننسب إليه ما ينافي هذه الصفات، وهذا قرآنه الذي جاء به وتاريخه يشهدان بصحة هذا الادعاء).وهذا هو الكونت ليف نيكولايافيتش تولستوي = Leo Tolstoy (9 سبتمبر 1828- 20 نوفمبر 1910) من عمالقة الروائيين الروس ومصلح اجتماعي وداعية سلام ومفكر أخلاقي خلال القرن التاسع عشر، وله مؤلفات عديدة في الأدب وفي الأخلاق، وله كتاب يحمل اسم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم أسماه (حِكَمُ محمد) بكسر الحاء وفتح الكاف.يقول في كتابه حِكَمُ محمد : (أنا من المبهورين والمعظمين بمحمد، فهو الذي اختاره الله لتكون آخر الرسالات على يديه، ويكون هو كذلك آخر الأنبياء؛ فيكفيه فخرًا وشرفًا أنه خلص أمة ذليلة همجية دموية من مخالب شيطان العادات الذميمة، وفتح على وجوههم طريق الرقي والتقدم).ويقول (إدوارد جيبون وسيمون أوكلي، من كتاب " تاريخ إمبراطورية الشرق" History of the SaracenEmpire، لندن 1870م): (ليس انتشار الدعوة الإسلامية هو ما يستحق الانبهار وإنما استمراريتها وثباتها على مر العصور. فما زال الانطباع الرائع الذي حفره محمد في مكة والمدينة له نفس الروعة والقوة في نفوس الهنود والأفارقة والأتراك حديثي العهد بالقرآن، رغم مرور اثني عشر قرنًا من الزمان).وليس بيننا وبين المسيحية عداء، بالعكس بيننا ود، وسيدنا المسيح عليه السلام هو شقيق سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، يقول الفيلسوف الإنجليزى جورج برناردشو مقرًا بهذا: (لقد درست محمدًا باعتباره رجلًا مدهشًا، فرأيته بعيدًا عن مخاصمة المسيح، بل يجب أن يدعى منقذ الإنسانية، وأوربة بدأت فى العصر الراهن تفهم عقيدة التوحيد، وربما ذهبت إلى أبعد من ذلك، فتعترف بقدرة هذه العقيدة على حل مشكلاتها بطريقة تجلب السلام والسعادة، فبهذه الروح يجب أن تفهموا نبوءتي).ويقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتابه (العرب) : "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله : (( وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ )) كان محمد رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".ويقول ألكسندر بوشكين في (قصائد شرقية) مدحًا في سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: (شُقّ الصدر، ونُزع منه القلب الخافق ** غسلته الملائكة، ثم أُثبت مكانه. قم أيها النبي وطف العالم ** وأشعل النور في قلوب الناس).ويقول الشاعر السوري الكبير (جاك صبري شمّاس ) (1947 - 17 يونيو 2017 )، في رائعته التي سماها "أوراق اعتمادي": إني مسيحيٌ أجلّ محمدًا وأجلّ ضادًا مهدُها الإسلامُ وأجلّ أصحاب النبي وأهله حيث الصحابة صفوة ومقامُ كمّلتُ شعري بالعروبة والهوى ولأجل طه تفخر الأقلامُ أودعتُ روحي في هيام محمدٍ دانت له الأعراب والأعجامُوألف قصيدة أخرى بعنوان (عذرًا رسول الله): قال فيهاعذرًا رسول الله مما أكتبُ عُذرًا وعفوك بالخلائق أرحبُ إن زل نطقٌ في لساني غفلة فارحم فديتك إنني أتعذبُفالكلمات ومواطن الاستشهاد كثيرة فيها أبلغ رد على من تطاول على مقام سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم.. وللحديث بقية .
مشاركة :