الواقع الافتراضي والواقع المعزز 3-3

  • 9/10/2020
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

على نحو موازٍ يتكامل الواقع الافتراضي (VR) مع توأمه الواقع المعزز (AR)، حيث نجد كليهما يستخدم التقنيات المحوسبة من أجل بناء نظام قادر على محاكاة الواقع، من أجل الوصول إلى بيئة قريبة من ذلك الواقع المطلوب محاكاته، كي تضع مستخدمها في تجربة ممتعة تمكنه من التفاعل الحي مع عالم ثلاثي الأبعاد يشعر ذلك المستخدم بأنه قادر على تشغيل أكبر عدد من الحواس، مثل الإصغاء الرؤية، والشم، بل وحتى اللمس في حالات معينة. وعند هذا المستوى ينتقل الحاسوب من مجرد حاسة صماء مستقبلة إلى أداة تفاعلية ولدتها الأجهزة والبرمجيات المستخدمة يتلقاها المستخدم كأنها بيئة حقيقية، ويعيش في أجوائها بفضل مخاطبتها، التي تقترب من الإتقان، لحواسه الخمس. وعلى مستوى الواقع الافتراضي أصبح له لغته المبرمجة الخاصة المعروفة من أجل الوصول إلى «نمذجة الواقع الافتراضي (VRML) للمنشئ بتحديد الصور وقواعد عرضها والتفاعل باستخدام عبارات اللغة النصية». ويحتل التفاعل موقعًا مفصليًا في التأسيس للبيئة الافتراضية. ففي غياب ذلك العامل التفاعلي يفقد الواقع الافتراضي أهو مكوناته وهي المحاكاة والمتعة، وحينها تتحول تجربة المستفيد إلى نوع من الاختبارات المسطحة الساكنة، التي تفتقد إلى عناصر الإثارة والتشويق، بفضل التفاعل الذي يكون مصاحبًا لأي تطبيق يستخدم الوقاع الافتراضي. وكما امتلك الواقع المعزز تاريخًا متواصلاً يحكي قصة تطوره، ويرصد مراحل الطفرات النوعية التي مر بها، كذلك الأمر مع الواقع الافتراضي الذي عرف هو الأخر مثل تلك القفزات النوعية منذ أن بدأ خطواته الأولى في مطلع الخمسينات من القرن العشرين، لعل الأبرز بينها تاريخيا تلك التي عرفها العالم في العام 1994 عندما «قدمت Sega جهاز محاكاة الحركة VR-1 في أروقة Sega World». وفي الفترة ما بين 2007-2015 تسارعت وتائر التطورات التي عرفتها برمجيات الواقع الافتراضي، والأجهزة والمعدات المصاحبة لها، عندما دخلت شركات عملاقة مثل غوغل، وأبل، وسامسونغ، وسوني هذا الميدان، بعد أن اكتشفت جدواه العملية والتجارية على حد سواء. تؤكد ذلك أرقام المبيعات. ففي العام، 2019 «أعلنت شركة سوني (Sony) أنها باعت أكثر من أربعة ملايين سماعة رأس PSVR. وفي العام 2021 أعلنت شركة (برايس واتر كوبر (PwC) أنه سيتم استخدام أكثر من 85 مليون سماعة رأس VR في الصين. وفي العام 2023 تتوقع الدراسات ازدياد أهمية ألعاب الواقع الافتراضي القائمة على الحوسبة السحابية، بدعم من شبكات الجيل الخامس». ورغم ما يبدو من تشابه بين الواقع الافتراضي والواقع المعزز، لكن هناك بعض الفروقات النوعية التي باتت تميز بين الاثنين. فبينما يفسح الواقع المعزز لمستخدمه العيش في تجربة تعتمد على العالم الحقيقي، مع الاستفادة مما تتيحه البيئات الرقمية من إمكانات التحسين، والاستعانة بالإضافات التي باتت توفرها الأجهزة والبرمجيات المصاحبة لها، نجد أن مستخدم الواقع الافتراضي يفتقد إلى تلك البيئة الواقعية، ويقبل بما توفره بيئة محاكاة تسعى هي الأخرى إلى محاكاة الواقع. لكن رغم الاختلافات بين التقنيتين، يبقى هناك ما يجمع بينهما وهو النمو المتزايد الذي باتت تشهدهما أسوقهما العالمية والشرق أوسطية على حد سواء. ويقف وراء هذا النمو الطبيعي ذلك الانتشار الواسع غير المسبوق والمتزايد للأجهزة الذكية. فكما تتحدث العديد من الدراسات، من المتوقع أن يشهد سوق الواقع المعزز والافتراضي العالمي نموًا كبيرًا خلال الفترة القادمة  فوفقًا للإحصاءات المنشورة بلغ حجم «سوق الواقع المعزز العالمي والواقع الافتراضي في العام 2017 ما يقارب من 11.35 مليار دولار أمريكي. ومن المتوقع أن تصل الصناعة إلى 571.42 مليار دولار أمريكي بحلول العام 2025، بمعدل نمو سنوي مركب قدره 63.3 في المائة بين عامي 2018 و 2025». وتشير بعض تلك الدراسات إلى أن «حالات الاستخدام التجاري ستمثل ما يقرب من نصف إجمالي إنفاق AR /‏ VR في العام 2020، بقيادة التدريب (2.6 مليار دولار) والصيانة الصناعية (914 مليون دولار). كما سيقود إنفاق المستهلك حالتا استخدام كبيرتان: ألعاب الواقع الافتراضي (3.3 مليار دولار) ومشاهدة ميزة الواقع الافتراضي (1.4 مليار دولار)».  ولن تكون أسواق الشرق الأوسط، وعلى نحو خاص الخليجية منها، بعيدة عن هذا النمو المرصود. ففي تقرير صادر عن شركة ديلويت «Deloitte»، من المتوقع أن يكون «معظم عائدات منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (MENA) من أجهزة وخدمات الواقع الافتراضي في العام 2016 مدفوعة بألعاب الفيديو. وتقدر مصادر إقليمية قيمة سوق ألعاب الحاسوب في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا حاليًا بنحو 1.5 مليار دولار أمريكي، ومن المتوقع أن يستمر في النمو. ويأتي معظم النمو من منطقة مجلس التعاون الخليجي. وتعد منطقة الشرق الأوسط واحدة من أسرع المناطق نموًا وأكثرها واعدة بالنسبة للواقع الافتراضي، سواء بالنسبة لتطبيقات الألعاب أو المؤسسات. وقد شهدت بلدان مثل الإمارات العربية المتحدة والبحرين والمملكة العربية السعودية أن المستهلكين يتبنون شاشات عرض محمولة على الرأس (HMD)، وهي جزء لا يتجزأ من العديد من تطبيقات الواقع الافتراضي، لكل من الألعاب واستخدام الشركات. ومع ارتفاع الدخل المتاح، وسكان الشباب سريع النمو وزيادة الطلب على الأنشطة الترفيهية، شهدت صناعة الألعاب نموًا سريعًا، مع اتباع الواقع الافتراضي». وكما ورد في تقارير صادرة عن شركة 6Wresearch، «من المتوقع أن ينمو حجم سوق الواقع المعزز والافتراضي في الإمارات العربية المتحدة بمعدل نمو سنوي مركب يزيد على 55% خلال الفترة بين 2017-2023. ومع إدخال تطبيقات الأجهزة المحمولة بالإضافة إلى انخفاض أسعار سماعات الواقع الافتراضي والواقع المعزز، سجل السوق نموًا هائلاً بنسبة 112% خلال 2015-2016. ومن المتوقع كذلك أن يسجل السوق نموًا أعلى خلال فترة التوقعات على خلفية زيادة استخدام سماعات الرأس AR وVR في القطاع التجاري لوسائل الإعلام والبناء والضيافة. علاوة على ذلك، يكتسب السوق أيضًا قبولاً في النظارات الذكية والمثبتة على الرأس للإعلانات». تبقى ملاحظة، قد تبدو عابرة، لكنها مهمة، وهي أن أرقام الشرق الأوسط، ومن بينها أرقام أسواق الخليج العربي، تقع في خانة الاقتصاد المستهلك وليس المنتج.

مشاركة :