عودة لموضوع الواقع الافتراضي والواقع المعزز (1 - 3)

  • 9/17/2020
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

أثارت الحلقات الثلاث التي تناولت موضوع «الواقع الافتراضي والواقع المعزز...»، مجموعة من الملاحظات التي جاء البعض منها في هيئة تساؤلات، في حين ذهب البعض الآخر إلى إثارة مجموعة من التحديات التي تحيط بصناعة البيئة الافتراضية والنظم المرتبطة بها، وخاصة في البلاد العربية. وبين التساؤلات والتحديات تكمن الدعوة في رسم معالم رحلة البحث عن الإجابات التي قد لا تكون قادرة على رد يدمج بين الفئتين: التساؤلات والتحديات فحسب، بل أن تكون حريصة – تلك الإجابات – أيضًا على أن تحمل في ثناياها أيضًا الإجابات الصحيحة لواحدة منهما على الأقل، دون تجاوز الحدود الفاصلة التي تميز بين كل واحدة منهما. يتم ذلك مع الحرص على التطرق لموضوع البلاد العربية. وإن جاز لنا التمييز بين تلك الملاحظات فيمكن تصنيفها وفق الفئات التالية: 1. الخشية من تحمل الكلفة العالية الباهظة التي يحتاجها التأسيس لصناعة عربية تكون قادرة على بناء منظومة الواقع المعزز أو الواقع الافتراضي، والدخول إلى أسواقها بأسعار تنافسية. وهذه تشمل تحديد مواصفات المنتج في مراحله المختلفة، وتطوير البرمجيات والتطبيقات القادرة على مخاطبة تلك المواصفات ذات الطابع الديناميكي القابل للتغير بوتائر سريعة ومتتابعة ومعقدة في آن، وتشييد البيئات والمسارح التي سيتم عرض بيئات المجتمعات الافتراضية والمعززة عليها. يلي ذلك انتاج الأجهزة والمعدات التي ستولد هذه البيئات وتمد المستخدم بما يحتاجه كي يمارس دوره الصحيح عند الاستفادة منها. ثم تأتي بعد ذلك مراحل أعمال الصيانة وما يرافقها من الأبحاث والدراسات المطلوبة، قبل أن نصل إلى مراحل تدريب المستخدمين. 2. اتساع منظور أسواق منتجات صناعة الواقع المعزز والافتراضي، وتباين احتياجات، او حتى ميول الزبائن اللذين يتلقونها، وانعكاس ذلك على الفئات الاجتماعية أولاً، والعمرية ثانيًا، والنوعية الاجتماعية (الجندر) ثالثًا وليس أخيرًا، التي يفترض أنها سوف تتلقى تلك المنتجات، وتبدأ في استخدامها. 3. التفاوت في القدرة الشرائية للزبائن المخاطبين (بفتح الخاء)، بمن فيهم أولئك اللذين باتوا في حاجة ماسة لتلك المنتجات أفرادًا كانوا أولئك الزبائن، أم مؤسسات. كما يشمل ذلك أيضا من يصنفون في فئة ذوي الاحتياجات الخاصة، سواء أولئك الذي ولدوا وهم يعانون منها، أو أولئك الذين باتوا يعانون منها أثناء إصابات العمل أو خلال أنشطتهم اليومية. 4. الهوة السحيقة المتوقعة التي سوف تولدها هذه الصناعة، في حال ازدهارها على المستوى الدولي بشكل عام، أو في نطاق كل دولة على حدة على المستوى الخاص. ولن تقف حدود تلك الهوة عند تخوم صناعة معينة فحسب، وفي إطار فترة زمنية قصيرة فقط، بل سوف تمتد أيضا كي تغطي آجال طويلة، وصناعات مختلفة لكنها متكاملة، ويجمع بينها الواقع المعزز أو الافتراضي، أو كلاهما معًا في بعض الحالات المختارة. 5. الاحتكار الذي يمكن أن تضعه صناعة مكونات البيئة الافتراضية في يد الدول العظمى دون غيرها من الدول الأخرى، بما فيها تلك الغنية ماليًا بفضل ثرواتها النقدية السائلة. إذ ستتحول الملكية الفكرية لصناعة منتجات الواقعين المعزز والافتراضي، بعد امتلاك ملكيتها الفكرية عند بلوغ هذه الأخيرة مرحلة النضج، إلى سلاح من أقوى الأسلحة لبسط النفوذ الاقتصادي. ومن الطبيعي أيضا أن يصاحب ذلك الاحتكار أنواعًا مختلفة ومؤثرة من أشكال النهب المصحوب بالنفوذ والسيطرة والتسلط. مجموعة لا بأس بها من الدراسات تناولت هذا الموضوع، وتوصلت إلى نتائج ملموسة بشأنها. ولو توقفنا قليلاً عند أول محطة بين محطات الملاحظات وهي الكلفة العالية، وتلك هي محطة تطوير البرامج، وتمعنا في أرقام كلفة تطوير برمجيات أو تطبيقات ذات علاقة بمنظومة الواقع المعزز أو الافتراضي، حاصرين ذلك في إطار البرمجيات، وتحديدا في دولة مثل أوكرانيا حيث كلفة اليد الماهرة المتطورة منخفضة (كلفة خدماتهم حوالي 25 إلى 50 دولارًا في الساعة) نسبيًا فيها فسوف تفاجئنا الأرقام الباهظة، رغم أن تلك الكلفة، كما أشرنا إليها منخفضة نسبيًا مقارنة مع دول أخرى مثل الهند وتايوان، بل وحتى الصين. هذا ما يجعل المؤسسات الضالعة في هذا الصناعة الاعتراف بأنه «لا يمكن لتطبيقات الواقع المعزز التي يتم تطويرها لغرض تجاري محدد أن تكون رخيصة، إذ تعتمد التكلفة بشكل أساسي على ميزات التطبيق، وتبدأ عادةً من 50،000 دولار؛ هذا لأن تطويرها سيحتاج إلى مطوّري تطبيقات مهرة وفنانين ومصممين ثلاثي الأبعاد، بالإضافة إلى عامل الوقت». هذا ما يجعل وصول التكلفة التقريبية لتطبيقات الواقع الافتراضي بالدولار الأمريكي، في مراحلها المختلفة، إلى المستويات التالية: 1. تتراوح كلفة أبسط لعبة بين 5،000 و8،000. 2. تتراوح كلفة إنشاء متجر على الإنترنت في الواقع الافتراضي أو الواقع المعزز بين 15،000 و25،000. 3. تتراوح بناء قصة لعبة الرعب بين 20،000 و80،000. وإذا ما أضفنا إلى ذلك كلفة النظارات الخاصة التي لا يستغني عنها المستخدم، والتي تصل كلفة الأنواع الجديدة منها إلى ما يقارب من 1000 دولار للنظارة الواحدة، وأسعار بناء المكعب الذكي (iCube) الذي تبلغ قيمته ما يقارب من 250،000 دولار لضمان بناء البيئة المناسبة لتطوير البرمجيات، واختبار البيئات المناسبة التي تمكن المستخدم من أن يعيش التجربة في المكان المناسب، فسوف نكتشف السبب الكامن وراء الغلاء المصاحب لضمان صناعة مجتمعات افتراضية أو معززة تساعدنا على تحقيق الأهداف المرجوة من تلك الصناعة. مثل تلك الأسعار ترفع من قيمة الاستثمارات المطلوب تخصيصها للبدء في مثل هذا القطاع الصناعي. فوفقا لبعض الدراسات، وصل مجموع المبالغ التي ضُخت في شركات الواقع المعزّز في العام 2017 إلى أكثر من 3 مليارات دولار أمريكي. وما يجعل من ضرورة رصد مثل الحجم من مثل هذه الاستثمارات الضخمة على نحو شبه مستقل، طبيعتها التي تتطلب جاهزية مثل تلك الأحجام بشكل متكرر، وفي فترات قصيرة متعاقبة، من جانب ومتطلبات مستوى مخرجات صناعتها الدقيقة والعالية في آن من جانب آخر.

مشاركة :