صوّت نواب المجلس الشعبي الوطني الجزائري الخميس كما كان متوقعا "بالإجماع"لمصلحة مشروع تعديل الدستور الذي يعد أحد أهم الوعود الانتخابية للرئيس عبد المجيد تبون الانتخابية ويفترض ان يستجيب لمطالب الحراك الشعبي بتغيير النظام. ولدى عرض المشروع على النواب ذكّر رئيس الوزراء عبد العزيز جراد بأن "تعديل الدستور جاء استجابة لإرادة الشعب التي عبر عنها في 22 (شباط) فبراير 2019 من خلال حراكه المبارك الأصيل الذي وضع حدا لأخطاء وانحرافات خطيرة التي كادت أن تقوض أركان الدولة الوطنية ومؤسساتها وتزعزع التماسك الوطني". وأكد أن الحراك الذي توقف بسبب وباء كوفيد-19 "أفضى إلى إسقاط النظام الفاسد". وتم التصويت على القانون الأساسي للبلاد وفق إجراء قانوني خاص لا يتضمن مناقشة اوتعديلا من طرف النواب، "نظرا للحالة الاستعجالية" بعد ان شهد التعديل الدستوري عدة تأخيرات بسبب الأومة الصحية الناتجة عن انتشار فيروس كورونا المستجد. وقال رئيس المجلس الشعبي الوطني (مجلس النواب) سليمان شنين، بعد التصويت برفع الأيدي "أعتبر أن المجلس صوت بقبول التعديل الدستوري بإجماع الحاضرين" الذين بلغ عددهم 256 من أصل 462 نائبا. لكن الدستور لن يصبح ساريا إلا بعد التصويت الشعبي عليه في الاستفتاء المقرر في الأول من تشرين الثاني/نوفمبر، الموعد الرمزي الذي يصادف ممع الاحتفال بذكرى اندلاع حرب التحرير من الاستعمار الفرنسي (1954-1962). وقال الرئيس تبون في مجلس الوزراء الأحد إن مشروع الدستور" ينسجم مع متطلبات بناء الدولة العصرية، ويلبي مطالب الحراك الشعبي المبارك الأصيل". وأكد بيان مجلس الوزراء الأحد أن الدستور الجديد يهدف إلى "الفصل بين السلطات والتوازن بينها والتداول السلمي على السلطة" و"الشفافية في إدارة المال العام وتجنيب البلاد أي انحراف استبدادي". - "جمهورية جديدة" - صرح وزير العدل بلقاسم زغماتي الأربعاء، ان الهدف من التعديل الدستوي هو "التغيير الجذري لنظام الحكم" الموروث عن عشرين سنة من حكم الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، حيث ساد الفساد والاستبداد. وكان بوتفليقة عدّل الدستور ثلاث مرات لتعزيز صلاحياته. وكان أهم هذه التعديلات في 2008 إلغاء عدد الولايات الرئاسية التي كانت محددة باثنتين حتى يبقى في السلطة. وقبل وصول مشروع الدستور الذي أعدته لجنة خبراء عينها تبون، الى البرلمان تم توزيع مسودّة منه على الأحزاب والنقابات والجمعيات ووسائل الإعلام المحلية من أجل تقديم اقتراحاتها. وانتهت هذه اللجنة من عملها وأعدت مجموعة اقتراحات قدمتها لرئيس الجمهورية في 26 آذار/مارس، لكن انتشار وباء كوفيد-19 أخر الإعلان عنها إلى السابع من أيار/مايو. ومن البداية رفض ناشطو الحراك الشعبي وبعض أحزاب المعارضة المشاركة في هذه المشاورات، وطالبوا بمؤسسات انتقالية تكلف إعداد دستور جديد، معتبرين البرلمان الحالي غير مؤهل لمناقشة الدستور. واعتبرت قوى البديل الديموقراطي وهي تحالف للمعارضة، ان الاستفتاء على الدستور "لا يمكن أن يكون حلاّ دائما للأزمة السياسية الخانقة التي تعيشها البلاد". وغداة انتخابه في 12 كانون/ديسمبر 2019، وعد الرئيس عبد المجيد تبون، بتعديل "عميق" للدستور من اجل بناء "جمهورية جديدة" تطوي صفحة حكم بوتفليقة. ورغم ان العنوان الرئيس للدستور الجديد كما أعلنه تبون هو "تقليص صلاحيات الرئيس" لصالح البرلمان والحكومة، إلا ان خبراء دستوريين اعتبروا ان التعديلات الواردة في هذا المجال "بسيطة". ومن هذه التعديلات، عدم قدرة رئيس الجمهورية على التشريع بمراسيم إلا في حال حل البرلمان، وكذلك فرض تعيين رئيس الحكومة من الأغلبية البرلمانية في حالة وجودها. لكن التعديل الذي أثار الكثير من النقاش في وسائل الاعلام هو السماح للجيش الجزائري بالمشاركة في عمليات حفظ السلام في الخارج. وينصّ التعديل على أن الجزائر يمكنها "في إطار الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي والجامعة العربية، وفي ظل الامتثال التام لمبادئها وأهدافها، أن تشترك في عمليات حفظ سلام في الخارج". وتعطي الصيغة الجديدة الحق للرئيس -القائد الأعلى للقوات المسلحة ووزير الدفاع- بإرسال القوات بعد موافقة ثلثي البرلمان.
مشاركة :