دمشقي ينفخ في الزجاج إحياء لصناعة الفينيقيين | | صحيفة العرب

  • 9/11/2020
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

دمشق - في ورشة صغيرة على أطراف دمشق الشرقية، ينفخ محمّد الحلاق عبر أنبوب معدني طويل في الزجاج المتوهّج قبل تلوينه، وهي حرفة يبذل مع شقيقيه قصارى جهدهم للحفاظ عليها رغم أن سنوات الحرب حرمتهم من إقبال الزبائن على إنتاجهم. وقال الحلاق (62 عاما) “نحن آخر عائلة تعمل في مهنة نفخ الزجاج بدمشق، وأخشى عليها من الاندثار”. ويتفنّن الرجل الستيني في صنع كأس متحكما عبر النفخ بالشكل والحجم، وهو يقف أمام الفرن الملتهب. وبعد أن يبلغ الشكل الذي يريده، يترك العجينة تبرد قليلا قبل أن يدخلها النيران مجدّدا. وعبر ملقط من حديد، ينهي تصميم تحفته. وتعلّم الحلاق مع شقيقيه مصطفى وخالد أصول هذه الحرفة من والدهم الذي بدوره توارثها عن جدّهم. ويؤكد “القطعة التي نصنعها بالنفخ نبث فيها روحا تتميز بها عن تلك التي تُصنع بالآلات، فهذه مهما بلغت من إتقان تبقى من دون روح”. ورغم قلّة الطلب، تصرّ عائلة الحلاق على فتح ورشتها يوميا في خان الزجاج بباب شرقي في دمشق القديمة. ويعود ابتكار حرفة النفخ في الزجاج قبل ألفي عام إلى الفينيقيين الذين طوروها خصوصا في مدينة سربتا (الصرفند حاليا)، التي تقع على ساحل البحر الأبيض المتوسط بين صيدا وصور في جنوب لبنان. وبحسب إحدى الأساطير، كان بعض التجار الفينيقيين يطهون طعامهم على شاطئ رملي في قدر مدعم بكتل من النطرون (كربونات الصوديوم)، عندما رأوا مادة غريبة تقطر منها فأدركوا أن الزجاج قابل للتمدد والتشكل. وأفاد رئيس الجمعية الحرفية للمنتجات الشرقية في دمشق فؤاد عربش أنه “لا يوجد حاليا في دمشق من يشكل الزجاج يدويا.. إلا عائلة الحلاق.. وربما في سوريا كلّها لم يعد هناك أحد سواها”.

مشاركة :