استضاف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، أمس الأول، في قمة مصغرة هي السابعة لمجموعة "ميد 7″، وهو اجتماع غير رسمي بين دول جنوب دول الاتحاد الأوروبي المطلة على حوض البحر المتوسط، وذلك في جزيرة كوسيكا في فندق في منتجع بورتيتشيو الساحلي في خليج أجاكسيو في محاولة لضبط استراتيجيتهم من أجل تجنب تفاقم الأزمة بين تركيا واليونان. وكانت هذه المجموعة عقدت قمتها الاولى في 2016.حضر القمة الرئيس القبرصي نيكوس أنستاسياديس وبمشاركة رؤساء حكومات إيطاليا جوزيبي كونتي، وإسبانيا بيدرو سانشيز، واليونان كيرياكوس ميتسوتاكيس، والبرتغال أنطونيو كوستا، ومالطا روبرت أبيلا، وتباحث قادة جنوب أوروبا عدة ملفات، أبرزها الملف التركي ولا سيما التوتر في شرق المتوسط. حيث تجد اليونان وقبرص نفسيهما في خط المواجهة الأول مع تركيا التي تطالب بحق استغلال النفط والغاز في منطقة بحرية تؤكد أثينا أنها خاضعة لسيادتها فيما تزعج ألعاب أوردغان في ليبيا كل من مصر وفرنسا والاتحاد الأوروبي. وقبل بدء القمة أجري الرئيس الفرنسي محادثات جانبية مع رئيس الوزراء اليوناني ميتسوتاكيس قد تشمل شراء أثينا لطائرات رافال فرنسية وفق مصادرنا الخاصة. يُذكر أنه منذ أشهر يتصاعد التوتر في شرق المتوسط حيث ينتهج الرئيس التركي سياسة احتلالية وأطماع في ثروات المتوسط مما وضع كل من اليونان وقبرص على خط المواجهة معه. وتحاول فرنسا الدولة الأكثر ثباتا في دعمها لأثينا ونيقوسيا ردع تركيا وقد ذهبت إلى حد نشر قطع عسكرية في المنطقة.وقد أبدى الرئيس ماكرون بوضوح دعمه لليونان في مواجهتها لتركيا وقام بنشر سفنا حربية وطائرات مقاتلة في المنطقة في مبادرة شجبها بقوة الرئيس التركي المغتاظ أساسا من فرنسا ومن ماكرون شخصيا حيث كان بينمها تلاسن وتنابذ بالألفاظ في عدة مناسبات خصوصا في قمة حلف الناتو الذي وصف فيها أوردغان ماكرون بأن عقله مصاب بسكتة دماغية حينما انتقد الرئيس الفرنسي سياسة الحلف الاطلنطي وقال بانه مصاب بسكتة دماغية.وأوضحت الرئاسة الفرنسية مؤخرا بأن باريس تدعو اليوم إلى توضيح علاقاتها مع تركيا التي كانت تعتبرها شريكا مهما ينبغي التمكن من العمل معها على أساس متين.القمة المصغرةماكرون: نقبل الحوار مع اوردغان بنية حسنة ولكن بلا سذاجةاستعرض الرئيس إيمانويل ماكرون في القمة الأوروبية المتوسطية المصغرة أبعاد الأوضاع الراهنة وأعلن بأنّ دول المتوسط السبع تريد "حوارًا بنية حسنة " مع تركيا التي تقود سياسة توسعية في البحر الأبيض المتوسط.وأشار إلى الرغبة الفرنسية في إطلاق حوار مسئول وإيجاد سبل للتوازن". وقال الرئيس الفرنسي إن "بحرنا الأبيض المتوسط اليوم مسرح لنزاعات مستمرة، في سوريا، في ليبيا (...) للعبة هيمنة تمارسها قوى تاريخية تسعى إلى زعزعة استقرار المنطقة كافة، والدور الروسي كما التركي يثيران قلقنا في هذا الصدد".وكان ماكرون في وقت سابق قد دعا أوروبا إلى أن ترفع "صوتًا أكثر وحدةً ووضوحًا" تجاه تركيا. ووجه رسالة شديدة اللهجة للسلطان التركي العثماني الجديد حيث قال: "نحن كأوروبيين علينا أن نكون واضحين وحازمين مع حكومة الرئيس التركي رجب طيب إردوغان التي لديها اليوم تصرفات غير مقبولة ليس مع تركيا كأمة أو كشعب، وإنما مع الرئيس رجب طيب أردوغان وحكومته" ويجب عليه "أن يوضح نواياه" معبرا في الوقت نفسه عن "رغبته العميقة في بدء حوار مثمر مجددا مع تركيا ولكن بدون سذاجة وتهور ". وأكد أن "ممارسات غير مقبولة حصلت على السواحل الليبية" تجاه فرقاطة فرنسية كانت تعمل تحت قيادة حلف شمال الأطلسي. وأضاف أن "تركيا وقعت اتفاقات غير مقبولة مع حكومة الوفاق الوطني الليبية، منكرةً الحقوق الشرعية لليونان"، مشيرا أيضا إلى أن "تركيا تقوم بعمليات تنقيب في المنطقة القبرصية وهي عملية لم تُعد غير مقبولة".في ختام قمة جمعت رؤساء دول وحكومات الاتحاد الأوروبي المتوسطية، في جزيرة كورسيكا، حذر الرئيس الفرنسي تركيا من فرض عقوبات أوروبية عليها إذا لم توقف سياسة "المواجهة" في شرق المتوسط.وقال ماكرون: "نعتقد أنه إذا لم تمض تركيا قدما على طريق الحوار وتضع حدا لأنشطتها الأحادية الجانب." وصرح الرئيس الفرنسي، بأن تركيا «لم تعد شريكًا» في شرق البحر المتوسط إذا ما استمر أوردغان على هذا النهج.وأكد ماكرون على أن الحكومة التركية تنخرط في «سلوك غير مقبول» بقيامها بالتنقيب عن الغاز في مياه تابعة للمناطق القبرصية. كذلك بادعائها أن لها منطقة اقتصادية خالصة في مياه تابعة لليونان، إلى جانب غير ذلك من «الاستفزازات»، وقال ماكرون: «نريد تجنب أي تصعيد»، شدد على أن «تجنب التصعيد لا يعني السلبية أو الخنوع «.الرد التركيوأدانت تركيا على الفور التصريحات التي وصفتها بأنها" وقحة" لإيمانويل ماكرون الذي انتقد تحركات أنقرة في شرق المتوسط، متهمة الرئيس الفرنسي بأنه "يعرض للخطر" مصالح أوروبا. وقالت وزارة الخارجية التركية إن "الرئيس ماكرون أدلى مجددا بتصريحات وقحة، بفكر استعماري قديم"، معتبرة أن رئيس الدولة الفرنسي "يعرض للخطر مصالح أوروبا والاتحاد الأوروبي".واعتبرت الخارجية التركية في بيان لها أنه ليس من صلاحية ماكرون أن يحدد منطقة النفوذ البحرية لأي دولة، لا في البحر المتوسط ولا في أي مكان بالعالم.وشددت الوزارة التركية على ضرورة أن تتخذ فرنسا موقفا مؤيدا للمصالحة والحوار، وأضافت أن وقوف فرنسا في صف اليونان "يشجع على التوتر ويهدد المصالح الكبرى لأوروبا والاتحاد الأوروبيالرد الفرنسيفيما قال قصر الإليزيه الفرنسي إن الهدف هو "التقدم على طريق التوافق حول علاقة الاتحاد الأوروبي بتركيا، تحضيرا خصوصا للقمة الأوروبية في 24 و25 سبتمبر الجاري التي ستكرس" لهذا الغرض في بروكسل. ودافع قصر الاليزيه عن تصريحات رجل فرنسا الأول واعتبروا بأن له مبرراته وليس ماكرون وحده الذي ينزعج من تصرفات أوردغان الهوجاء وإنما كل دول الاتحاد الأوروبي ومعظم الدول العربية.فيما أعلن وزير الخارجية الفرنسي جان-إيف لودريان، أن المجلس الأوروبي المقرر عقده في نهاية سبتمبر الجاري، سيخصص في المقام الأول للمسألة التركية والتوتر في شرق البحر المتوسط، وبخاصة درس فرض عقوبات على أنقرة. وأضاف: "لقد أعددنا هذا الملف التركي منذ أيام عدة مع وزراء الخارجية في برلين، لتعداد أدوات الرد التي يمكن أن نستخدمها حيال تركيا". وتابع وزير الخارجية الفرنسي: "نقول لتركيا: من الآن إلى عقد المجلس الأوروبي، يجب إبداء القدرة على مناقشة شرق المتوسط أولًا. أمر مناقشة هذه المسألة يعود للأتراك (...). هذا ممكن! حينها، ندخل في مرحلة فعالة حول جميع المشكلات المطروحة".وتشهد علاقات دول عدة في الاتحاد الأوروبي، في مقدمها فرنسا، مع تركيا توترا شديدا، بخاصة حول القضية الليبية ومسألة الهجرة فضلا عن احتياطيات الأمن والغاز في شرق البحر المتوسط، حيث تتهم أنقرة باتباع سياسة توسعية.وفي سياق متصل، قال رئيس الوزراء اليوناني إنه يتعين على الاتحاد الأوروبي أن يفرض عقوبات "مجدية" على تركيا إذا لم تسحب قطعها البحرية من المناطق المتنازع عليها شرقي البحر المتوسط، في وقت تجري فيه أنقرة مشاورات بشأن استكشاف النفط والغاز مع حكومة الوفاق الوطني الليبية.
مشاركة :