حين يصبح الصمت ردا

  • 9/11/2020
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

بقدر ما كانت بدايات وسائل التواصل الاجتماعي ، مبشرة بالخير ، كونها وجدت في الأساس كقناة للتلاقي بين بني البشر وطرح ما يشغلهم من آلام وآمال ، بقدر ما صارت الآن ، ساحة للفوضى والمهاترات وطرح الآراء التي تحمل شحنات من التعصب والتطرف والتطاول ، وهو ما يجعل الصمت وعدم التفاعل معها ، أفضل أساليب الرد ، لأنها ببساطة لا تستحق ، ويمنحها الرد ، قيمة في غير محلها . صحيح أننا في البحرين ، لدينا مساحة كبيرة من الحريات التي تجعل كل شخص يعبر عما لديه من آراء ووجهات نظر ، لكن هذه الميزة ، لا يجب توظيفها بشكل سيء والتعاطي معها من دون ضوابط ، وليس في ذلك مصادرة لرأي أو فكر بعينه ، وإنما محاولة لتنقية وسائل التواصل الاجتماعي وعدم استخدامها في بث التطرف الفكري والتعصب المذهبي . وعلي كل من كل من يتبنى رأيا أو توجها متطرفا ، ينم عن نفسيته ، أن تكون لديه القناعة التامة بأن المتلقي الذي يجلس على الطرف الآخر ، لديه أيضا قناعاته التي لن يغيرها ، بمجرد أن تبث له ما لديك . فمثلما تملك أنت الحق في إبداء رأيك ، من حقه كذلك أن يكون لديه توجه مخالف ووجهة نظر مضادة. وبالتالي ، إن لم تتعاطى معه بذهنية راقية وطرح مستنير ، فلن تجد سوى الصمت ، ردا عليك ويصبح عدم التفاعل مع الأصوات النشاز وتجاهلها ، موقفا محترما . وهنا نشير إلى مقولة الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه «إذا تم العقل نقص الكلام، وبكثرة الصمت تكون الهيبة» نعم إن كثرة الكلام تزيد من الزلات، وهي دليل على ضعف العقل وهشاشة الشخصية، خصوصا أننا صرنا نجد كثيرين يتحدثون في كل شئون الحياة، ويجادلون في كل شيء بهدف الجدال وإثبات الذات ليس إلا ، من دون أن يدرك الواحد منهم أن المحيطين به واعون تماما لمثل هذا السلوك وباتوا يدركون مراميه وأهدافه. وحين نقول ، إذا كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب ، فليست هذه دعوة منا إلى الانطوائية وألا يشارك الإنسان منا المحيطين به ما هم فيه، ولا يرد على من يسأله، حتى لا ينظر إليه على أنه فاشل أو فارغ أو متكبر. باختصار ، يحتاج الصمت إلى معادلة يجب أن يتحقق التوازن بين طرفيها: متى نصمت ومتى نتكلم؟ وتطبيق هذه المعادلة على أرض الواقع يتطلب تدريب العقل والنفس على تنفيذها. وتتبقى لنا كلمة: إذا كان كلامك لا يفيد ، فسكوتك أفضل لأن الصمت أبلغ لغات الكلام، وكما يقول الحديث الشريف لنبي الأمة محمد صلى الله عليه وسلم «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت».

مشاركة :