دفعت السياسة الخارجية "المقلقة" للرئيس التركي رجب طيب أردوغان المسؤولين الأميركيين إلى التفكير ببدائل لقاعدة إنجرليك الجوية، وفقاً لما أكده مسؤول كبير في الحزب الجمهوري ومحللون أميركيون. وقال السناتور الجمهوري عن ولاية ويسكونسن رون جونسون، الذي يرأس اللجنة الفرعية للعلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، لصحيفة "واشنطن إكزامينر": "لا نعرف ما الذي سيحدث لإنجرليك". وأضاف: "نأمل في الأفضل، لكن علينا التخطيط للأسوأ". وتابع جونسون: "نريد الحفاظ على وجودنا الكامل (في إنجرليك) وعلى تعاوننا في تركيا.. لا أعتقد أننا نريد إجراء هذا التحول الاستراتيجي. لكن من منطلق دفاعي، أعتقد أنه يتعين علينا النظر إلى حقيقة الوضع وأن نعترف بأن المسار الذي يسلكه أردوغان ليس جيداً".توتر العلاقة بين تركيا وأميركا وكان أردوغان قد هدد مراراً في السابق بإعاقة وصول الولايات المتحدة إلى هذه القاعدة، التي يقال إنها تضم عشرات الأسلحة النووية الأميركية. وفي حال انسحاب الأميركيين من هذه القاعدة، سيشير هذا الأمر إلى تحول كبير في ميزان الثقة بين الولايات المتحدة وتركيا. ويأتي التقارب المتزايد بين أردوغان والرئيس الروسي فلاديمير بوتين والسياسة العدوانية التي تبنتها تركيا تجاه دول أخرى في حلف شمال الأطلسي (الناتو) ليزيد من غضب المسؤولين الأميركيين تجاه أنقرة. ونمت حدة الخلافات بين تركيا وأميركا بعد شراء أردوغان لأنظمة "إس 400" الصاروخية الروسية، وهو القرار الذي دفع إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب لإقصاء أنقرة من برنامج تصنيع مقاتلات F-35. النزاع التركي اليوناني وفي الآونة الأخيرة، دخلت تركيا في نزاع على الحدود البحرية مع اليونان، وهو خطير بما يكفي لدفع مسؤولي "الناتو" إلى التدخل لتجنب أي مواجهة عسكرية بين الدولتين العضوين في الحلف. في سياق متصل، قال أيكان إردمير، كبير محللي الشؤون التركية في "مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات"، وهو مشرع تركي سابق ومعارض لأردوغان، خلال نقاش حول النزاع التركي اليوناني: "ما يقلقني هو صدام غير مقصود" بين البلدين. وأضاف: "حتى نزاع عسكري قصير الأمد (بين اليونان وتركيا) يمكن أن يكون ضاراً للغاية بحلف الناتو". وشرح أنه "من المنظور الروسي، لا شيء يمكن أن يكون أفضل بالنسبة لموسكو من اقتتال عضوين رئيسيين في الجناح الجنوبي الشرقي لحلف الناتو". من جهته قال جونسون، عند تطرقه لانسحاب محتمل من إنجرليك: "نحن ننظر بالفعل إلى اليونان كبديل". يذكر أن للبحرية الأميركية قاعدة في جزيرة كريت اليونانية. وتتزايد أهمية هذا الموقع الاستراتيجي في ظل التوترات بين واشنطن وأنقرة. وأضاف جونسون: "إنه أمر مؤسف للغاية أن يسلك أردوغان هذا الطريق. إنه أمر مقلق للغاية. وهو أحد الأسباب التي تجعلنا نعمل على زيادة وتحسين تعاوننا العسكري مع اليونان وتعزيز وجودنا في خليج سودا، لأن وجودنا في تركيا مهدد بالتأكيد".رفع التسلح عن قبرص وفي خضم هذه الخلافات، أعلن وزير الخارجية مايك بومبيو الأسبوع الماضي أنه سيُسمح لقبرص بشراء "مواد وأنظمة دفاعية"، مما يخفف جزئياً حظر الأسلحة المفروض عليها منذ عام 1987. وفي هذا السياق، أعرب السناتور الديموقراطي بوب مينينديز، العضو في لجنة العلاقات الخارجية، عن دعمه لإعلان بومبيو قائلاً: "من مصلحة أمننا القومي رفع قيود التسلح التي عفا عليها الزمن منذ عقود، وتعميق علاقتنا الأمنية مع جمهورية قبرص". من جانبهم، اعتبر مسؤولو وزارة الخارجية أن هذا القرار هو وسيلة للمساعدة على تخفيف النفوذ الروسي في قبرص. ومع ذلك، فإن تعزيز العلاقات الأمنية بين قبرص والولايات المتحدة يمثل أيضاً تحذيراً لأردوغان وإشارة إلى أن الولايات المتحدة تعد مجموعة من الخيارات لنقل القوات الأميركية من تركيا إلى قواعد جديدة في حال واصل أردوغان سياسته العدائية. وفي هذا السياق، قال مايكل روبين من "معهد أميركان إنتربرايز" إن إلغاء حظر الأسلحة عن قبرص هو بمثابة تحضير للسماح للجزيرة بالاستعداد لاستضافة قوات أميركية. بدوره، اعتبر إردمير أن الانفتاح الأميركي على قبرص واليونان مصمم جزئياً للتحوط ضد تهديدات أردوغان المتصلة بقاعدة إنجرليك. وقال: "لا تفكر واشنطن بالضرورة في بديل واحد لإنجرليك، لكن في عدد من الخيارات وفي خطة طوارئ بديلة لإنجرليك".
مشاركة :