أشاد متهمون في قضية الهجوم على مجلة "شارلي إيبدو" الفرنسية عام 2015 بشجاعة الناجين ونأوا بأنفسهم عن منفذي الهجوم، في خطوة أثارت جدلاً. فكيف كانت ردود فعل أهالي الضحايا والمحامين؟ بدأت محاكمة 14 متهماً في قضية الهجوم على مجلة شارلي إيبدو الفرنسية في الثاني من أيلول/سبتمبر الجاري في ختام أسبوع طغت عليه شهادات مؤثرة، أشاد متهمون في محاكمة "شارلي إيبدو" يوم الجمعة (11 أيلول/سبتمبر) بـ"شجاعة" و"كرامة" الناجين من الهجوم، ما أثار ردود فعل متفاوتة. وهؤلاء متهمون بتوفير مساعدة لوجيستية لمنفذي الاعتداء، ويؤكدون أنهم فعلوا ذلك من دون أن يكونوا على بينة من نياتهم "الإرهابية" التي يدينونها. فعندما طلب منه التعليق على الروايات الرهيبة التي استمع إليها منذ الاثنين أمام محكمة الجنايات الخاصة في باريس، أكد سعيد مخلوف على غرار كل المتهمين الآخرين معه: "أريد أن أقول لعائلات الضحايا إنها شجاعة جداً". وقال الرجل الثلاثيني القوي البنية إنه "تأثر فعلاً" بهذه الشهادات الكثيرة. وأوضح من قفص الاتهام الزجاجي الذي يضم جزءاً من المتهمين: "لا يسعني إلا أن أتعاطف مع معاناتها". ويحاكم 14 شخصاً أمام محكمة الجنايات بتهمة توفير دعم لوجستي لشريف وسعيد كواشي فضلاً عن أميدي كوليبالي، منفذي الهجمات على مجلة شارلي إيبدو وفي منطقة مونروج وعلى متجر يهودي. ويحاكم ثلاثة من المتهمين غيابياً. ونفذت هذه الهجمات المنسقة في الرابع من كانون الثاني/يناير 2015 والثامن والتاسع منه وأسفرت عن سقوط 17 قتيلاً من بينهم عشرة في مقر مجلة "شارلي إيبدو". ووصف ناجون عدة من هجوم المجلة ما حصل بأنه "مجزرة" ومن بينهم الرسامة كوكو التي استخدمت أحياناً عبارات مؤلمة جداً. وقال أحد المتهمين، ويلي بريفو، يوم الجمعة: "كان الأمر مؤثراً وقاسياً جداً. كان النظر إلى صور ما حدث في شارلي صعباً جداً. آمل بأن تتبلسم هذه الجراح مع الوقت". وعلى غرار متهمين آخرين، ندد نزار مايكل باستور الوتيك الذي بدا عليه التأثر "باعتداءات 2015"، مؤكداً أنه لا يؤيد الإيديولوجية الجهادية. وأضاف: "أنا أبصق على هؤلاء الأشخاص على الشقيقين كواشي اللذين لا أعرفهما وعلى أميدي كوليبالي الذي كنت أظن أنني أعرفه"."لا يجوز القتل بسبب رسم" وقال متين كاراسولار: "أنا مسلم ولا أفهم لمَ يتم القتل باسم الدين وباسم الرسول؟ لا أفهم. لا يجوز القتل بسبب رسم"، موجهاً "تعازيه" إلى عائلات الضحايا. وتتعذر معرفة إن كان هذا التأثر نابعاً من القلب أم أنه مجرد تمثيل في إطار استراتيجية الدفاع. وفي صفوف الجهات المدنية، لا تخفي ماري لور باريه محامية أقارب الضحايا امتعاضها وتقول: "أنا غير مرتاحة بتاتاً لما سمعت"، وتضيف: "أتفهم سعي المتهمين إلى النأي بأنفسهم عن هذه الأفعال البالغة الخطورة والصور" التي عرضت خلال الجلسة. وتتابع: "لكن عندما يوفر الشخص التجهيزات ويبيع الأسلحة والرشاشات، لا يكون الهدف ممارسة لعبة الغولف!". وفي جهة الدفاع، الجميع يحتج. وتقول إيزابيل كوتان-بير محامية علي رضا بولاد، المتهم الوحيد بـ"التواطؤ" في ارتكاب جرائم إرهابية من بين المتهمين ال11 الحاضرين: "بعض الأطراف المدنية تريد أن تحرم المتهمين من حرية الكلام". وقبل ذلك، قال موكلها الذي كان عدوانياً في بداية المحاكمة إنه "يأسف" لتصرفه. وأوضح: "أنا أغضب بسرعة لكن لا علاقة لي بما حصل. أنا أنأى بنفسي عما ارتكبه الثلاثة" متوجهاً بكلامه إلى الضحايا. وأتى هذا التبادل ليختتم يوماً آخر شهد إشادات بالضحايا مثل الرسام برنار فيرلاك المعروف بـ"تينيوس" وعالم الاقتصاد برنار ماريس الذي كان يكتب في "شارلي إيبدو" تحت اسم "أونكل برنار" (العم برنار). وقالت كلويه فيرلاك أرملة الرسام: "لا استكانة في ألمنا لأننا نشتاق إليه صباح مساء وخلال أعياد الميلاد والحفلات وعند بداية الموسم الدراسي"، لكنها شددت على إرادتها "مقاومة الخوف". م.ع.ح/ص.ش (أ ف ب)
مشاركة :