لم تصمد القوات النظامية السورية، أمس، أمام هجمات واسعة أطلقتها قوات المعارضة في شمال البلاد، التي سيطرت على عدد من القرى والبلدات في ريفي إدلب وحماه، وهددت غرفة عمليات قوات نظام الرئيس السوري بشار الأسد في بلدة جورين، إثر انهيار تحصينات تلك القوات بسرعة، وعجزها عن الصمود، بعد ساعات قليلة من إطلاق الهجوم، كما أفاد ناشطون. وقال مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان» رامي عبد الرحمن، لـ«الشرق الأوسط»، إن الهجوم الواسع الذي أطلقته المعارضة، والمحضر له سلفا «نجح في السيطرة على بلدات في ريف إدلب وأخرى في ريف حماه الغربي، المتصل بإدلب، وواصلت قوات المعارضة تقدمها حتى تخوم البلدات العلوية في ريف حماه الغربي»، مشيرا إلى أن «قوات النظام توشك على الانهيار، بعد سقوط تحصيناتها التي عجزت عن الصمود أمام هجمات مقاتلي المعارضة». وأعلن ناشطون أمس أن مقاتلي المعارضة شنوا هجوما كبيرا على مناطق تسيطر عليها القوات الحكومية في شمال غربي سوريا، في محاولة للتقدم نحو منطقة ساحلية ذات أهمية حيوية بالنسبة للقوات النظامية. ووصف مصدر عسكري سوري الهجوم بأنه «كبير وواسع النطاق»، في حين يسعى مقاتلو المعارضة للزحف إلى سهل الغاب، وهي منطقة مهمة للدفاع عن المرتفعات الساحلية التي تمثل معقل الطائفة العلوية التي ينتمي إليها الأسد. وقال أنصار «جيش الفتح»، وهو تحالف للمعارضة يقاتل في المنطقة، إن المقاتلين استولوا على محطة زيزون الحرارية التي تغذي المنطقة بالكهرباء، ليصل إلى 16 إجمالي عدد المواقع التي انتزعوها من قبضة القوات الحكومية في الهجوم. وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن مقاتلي المعارضة، وبينهم «أحرار الشام» و«فيلق الشام» وغيرهما من الفصائل الإسلامية، مثل «جند الأقصى» و«أجناد الشام» و«صقور الغاب» و«جنود الشام الشيشان» و«الحزب الإسلامي التركستاني»، و«صقور الجبل»، إضافة إلى مقاتلي «جبهة النصرة»: «استولوا على مواقع تسيطر عليها القوات الحكومية خارج بلدة جسر الشغور (ريف إدلب)، وتقدموا نحو الطرف الشمالي لسهل الغاب الليلة الماضية». وتواصلت الاشتباكات منذ ليل الاثنين - الثلاثاء، بحسب ما أكد ناشطون، حيث استهدفت قوات المعارضة عدة حواجز ومناطق تسيطر عليها قوات النظام في ريف مدينة جسر الشغور بريف إدلب الغربي وسهل الغاب في ريف حماه الشمالي الغربي. وتمكنت الفصائل الإسلامية من التقدم والسيطرة على محطة زيزون وجزء من بلدة الزيارة بسهل الغاب وتل حمكي وتلة خطاب وقرية المشيرفة وتلة الزهور ومرج الزهور بريف جسر الشغور، بعد سيطرتهم ليل الاثنين على تل واسط وتل أعور وتل الشيخ الياس، بالتزامن مع تمهيد بعشرات القذائف من قبل الفصائل المقاتلة وفصائل إسلامية على مناطق سيطرة قوات النظام. وأفاد المرصد السوري بانسحاب آليات لقوات النظام من منطقة الفريكة بريف جسر الشغور نحو منطقة القرقور عند أطراف سهل الغاب. بدوره، أشار الناشط هادي عبد الله على حسابه على «تويتر» إلى السيطرة على مجموعة تلال استراتيجية، بينها «تل أعور» وتلة «الشيخ الياس» و«تل حمكة» وتلة «خطاب»، أهلت قوات المعارضة للتقدم باتجاه سهل الغاب. وقال إن هناك «انهيارات عجيبة في صفوف قوات الأسد بكل من سهل الغاب وريف جسر الشغور، تذكرنا بالانهيارات التي حصلت في إدلب وجسر الشغور وأريحا». وكان مقاتلو المعارضة ومعهم مسلحو جبهة النصرة قد استولوا على جسر الشغور في مايو (أيار) الماضي، وذلك في إطار هجوم أوسع نطاقا أسفر عن طرد القوات الحكومية السورية من جميع المناطق تقريبا في محافظة إدلب بشمال غرب البلاد. كما أشار هادي العبد الله إلى أن جيش الفتح قصف معاقل قوات النظام في قرية الفريكة قبل دخولها، لافتا إلى أن العشرات من جنود الميليشيات بدأت في الفرار أمام ضربات مقاتلي المعارضة. وحاولت قوات النظام، أمس، شن هجمات مضادة لاستعادة السيطرة على مناطق خسرتها، تمكنت خلالها من استعادة السيطرة على بلدة الزيارة وتل واسط، كما أفاد المرصد السوري. وقال رامي عبد الرحمن، لـ«الشرق الأوسط»، إن قوات المعارضة «إذا استطاعت تثبيت نقاطها في المواقع التي سيطرت عليها، فإنها ستهدد غرفة عمليات قوات النظام في سهل الغاب، القائمة في بلدة جورين والتي باتت قوات المعارضة قريبة منها». كما أكد أنها ستهدد خط القرى العلوية في سهل الغاب، مما يعني «إسقاط خطوط التماس غير المعلنة بموجب خطة تقسيم سرية لسوريا». وبينما اكتفت وكالة «سانا» الرسمية السورية بالقول إن «وحدات من الجيش تصدت لهجوم إرهابيين على اتجاه تل خطاب والمشيرفة ومحيط قرية الفريكة بريف إدلب، وأوقعت في صفوفهم عشرات القتلى والمصابين»، أفاد هادي العبد الله بتنفيذ طائرات النظام 150 غارة جوية استهدفت مناطق سيطرة قوات المعارضة.
مشاركة :