-كتبت الرواية بالإيطالية ثم ترجمتها بنفسي للإنجليزية.. هكذا كتبتها مرتين-اعتمدت في الرواية على تجربتي الشخصية.. ولم أتوقع رد فعل القراءلا يمكن لك إذا صادفت هيدي جودريتش إلا وتجذبت انتباهك بنظراتها الفضولية العديدة، للأماكن والشوارع والمارة من حولها؛ تتطلع إلى الجميع وكأنها تود أن تحفرهم في ذاكرتها حتى تعيد إنتاج هذه المشاهدات على الورق. تسير بخطوات متمهلة فتحسبها مجرد سائحة تبحث عن طريقها إلى الأهرامات أو متحف التحرير، بينما في الواقع رحلتها الحقيقية هي تلك الشوارع التي تسير فيها باحثة عن حكاية أخرى تدونها. هيدي، التي جاءت إلى القاهرة بدعوة من منشورات إبييدي، لتوقيع النسخة العربية لروايتها "تائهة في الحي الإسباني"، الصادرة عن دار النشر الإيطالية جونتي إيديتوري، قضت أربعة أيام في جولات عدة لما يمكن أن تزور من مواضع العاصمة المصرية العريقة، والتي دفعتها للتفكير في عمل جديد ربما قد نقرأه لاحقا. تتحدث هيدي، الأمريكية التي تعيش منذ سنوات في إيطاليا ل"البوابة" عن تجربتها الروائية فتقول: "كتبت الرواية بالإيطالية رغم أنني أمريكية وأعمل مدرسة للغة الإنجليزية، ونشرتها عبر دار جونتي الإيطالية بنفس العنوان الذذي صدرت به نسختها العربية "تائهة في الحي الإسباني"، ثم قمت بترجمتها بنفسي إلى الإنجليزية، هكذا اعتبر أنني أصدرت كتابين في عام واحد".الرواية هي قصة حب تجمع بين شابين لا يزالا في المرحلة الجامعية، واللذان يلتقيا في مرحللة مبكرة من حياتهما، والتي تمتلئ بالأحلام والطموحات والخيبات كذلك. تقول هيدي: "في تلك المرحلة تكون لا تزال تبحث عن هويتك، تفتش عنها بداخلك وفي كل ما حولك، لذا كان من الطبيعي أن يحدث نوع من الصدام أو الاضطراب بين الحبيبين اللذان ينتمي كلٌ منهما إلى ثقافة مختلفة، حيث الفتاة الأمريكية التي لديها الكثير من القيم والمعارف والرؤى التي تختلف عن ذلك الشاب الذي ينتمي إلى بلدة صغيرة في جنوب إيطاليا، ويشعر بالانتماء الشديد إلى أرضه، بينما هى لا تُدرك هذا المعنى بنفس الشكل. هكذا يحدث صدام بين ثقافتيهما وأسرتيهما كذلك".اعتمدت هيدي جودريتش في كتابة الرواية بشكل كبير على تجربتها الشخصية "فأنا أمريكية وأعيش في إيطاليا منذ ذهبت إليها في سن السادسة عشرة عبر برنامج تبادل طلابي ثم بعد ذلك بدأت في الدراسة في جامعاتها؛ هكذا تجدني اعتمدت كثيرًا على تجربتي وعلى ما اختزنته من خبرات خلال هذه الرحلة وعبر من تعرفت إليهم". تضيف: "عندما بدأت في كتابة هذه الرواية كنت أريد كتابة شئ ما حول مدينة أحببتها، والآن أنا أحببت القاهرة وخضت فيها بعض المغامرات البسيطة، لذا ربما أجعلها بطلًا لرواية أخرى في يوم ما".لم تأت هيدي إلى القاهرة وحيدة، بل كانت بصحبتها مسؤول التسويق بالدار الإيطالية، وهي -للصدفة- أمريكية تقيم في إيطاليا بدورها، قالت: "قضينا هنا أربعة أيام ممتلئة بأشياء كثيرة، لذا قلت لها: هيدي، لابد وأن نختزن الكثير مما حدث، هذا قد يصنع كتابًا جيدًا". وتابعت: "ربما كان من أكثر الأشياء التي جذبتنا في رواية هيدي هي كم التفاصيل التي كتبتها في الرواية بين الحبيبين، لم يكن الأمر مجرد فتى وفتاة متحابان، بل هناك الكثير عن المكان والمجتممع والثقافتين المختلفتين. وقد لاقينا الكثير من ردود الأفعال حول الرواية".منذ الفصل الأول ملكت هيدي ناصية الحكي، عبر تفاصيل متعددة ومختلفة توضح كلتا الثقافتين والعالمين المختلفين اللذان ينتمي لهما بطلا الرواية، وقدرتها على وصف تفاصيل كل مكان ومناخه وما يُمثله لدرجة تجعل القارئ يعيش مع كل هذه التفاصيل. تقول عن هذا: "أحب أكون في المكان حقا وأعيش تفاصيله، لا يهم ما إذا كان المكان مدينة كبيرة أو بلدة أو حتىى سجن، المهم أن أشعر بكل ما فيه لأنني أحب الاعتناء بهذا كله؛ كذلك أحب أن أكتب عن الأسئلة الكثيرة التي تجول بخاطري، مثل ما هي الحياة، إلى أين ننتمي، ما هو الوطن حقًا، وماذا يعني الحب لكل منا، وهل الحب هو بالفعل نوع من القدر كما يقول البعض أم هو صدفة أو فرصة ما نجدها في طريقنا، وكيف تجد نفسك في المكان الذي تتواجد فيه".في نهاية حديثنا القصير قالت: "تعجبت عندما تواصل معي الكثير من القراء الإيطاليين، والذين أعربوا جميعًا عن دهشتهم من تلك الكاتبة الأمريكية التي استطاعت أن تصف مشاعرهم. كثيرين قالوا لي: هذا بالفعل ما أشعر به نحو نفسي وموطني وأرضي، وهناك من قالوا أنني استطعت تقديم ما عاشوه في بلداتهم الصغيرة".
مشاركة :