البلاد – مها العواودة ومع قرب انتهاء المهلة التي أعطاها الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون لتأليف الحكومة اللبنانية الجديدة، أكد مسؤولون وسياسيون لبنانيون لـ”البلاد، أن رفض بري دخول الحكومة وتخليه عن وزارة المالية، وانسحاب باسيل ما هو إلا انحناء لعاصفة العقوبات الأمريكية، واستجابة للضغوط الفرنسية من أجل القبول بأسس المبادرة الدولية وهي أولوية لترميم ما تبقى من مؤسسات الدولة، وفيه وقف لحالة تصلب تشكيل الحكومة الذي أصاب جبهة التأليف طيلة الأيام الماضية. وحذر الوزير اللبناني السابق محلم الرياشي، من عدم ولادة حكومة خبراء والتأخر في تشكيلها، حيث من شأن ذلك تفجير الوضع الاجتماعي الذي سينعكس فوضى سياسية قد تصبح بنيوية، مشيراً إلى أن ولادة حكومة جديدة من الضرورات، في ظل الأوضاع الخطيرة والمتدحرجة باتجاه الأسوأ، معتبراً أن التدخل الفرنسي المتواصل لولادة حكومة الإنقاذ، يعد ترقيعا وليس حلاًّ للبنان المنهك بالأزمات، وربما يدخل البلاد في نفق مظلم. وأكد الكاتب والمحلل السياسي أحمد عياش، أن لبنان يمر بمرحلة دقيقة جداً، مع قرب انتهاء المهلة التي حددها الرئيس الفرنسي لتشكيل الحكومة الجديدة، ويرى أن العقوبات الأمريكية الأخيرة التي فرضتها على بعض المؤثرين في تشكيل الحكومة انعكست على التشكيل، مشيراً إلى أن الحكومة يجب أن تكون خارج السياق الذي حكم به “حزب الله” طيلة السنوات الماضية، ليتخلص القرار اللبناني من الهيمنة المرتبطة بإيران. من جانبه، أكد الخبير العسكري والاستراتيجي العميد خليل الحلو، أن جبران باسيل يقع تحت ضغط هائل من الولايات المتحدة، وهو مهدد بالعقوبات بسبب تعاونه مع “حزب الله”، وهو ما سيحطم أحلامه السياسية والرئاسية، منوهاً إلى أن الأمريكيين لم يذهبوا في قائمة العقوبات التي صدرت مؤخراً إلى مستوى جبران باسيل وميشال عون لعدم نسف المبادرة الفرنسية. ويوافقه الرأي مدير المركز اللبناني للأبحاث والاستشارات حسان قطب، الذي أكد أن التأخر في تشكيل الحكومة يزيد من متاعب اللبنانيين، خاصةً وأن تعامل المسؤولين مع الأزمة الحالية لم يكن على المستوى المناسب، معتبراً أن تعطيل تشكيل الحكومة قد يؤدي إلى تفاقم الانهيار الاقتصادي والمالي كون المساعدات الدولية مرهونة بتشكيل حكومة موثوقة دولياً وعربياً مستقلة وغير حزبية، فضلاً عن إجراء اصلاحات مالية وسياسية. وأكد أن قلق باسيل من احتمال وضع اسمه على لائحة العقوبات الأميركية، دفعه للتصريح بأن تياره لن يشارك في الحكومة، كونه يطمح للوصول إلى سدة الرئاسة الأولى، وأي اتهام يطاله بالفساد أو بدعم الإرهاب قد يطيح بآماله وطموحاته، كما يأتي في إطار الحديث عن استعداده لتقديم تنازلات ومعلومات مقابل عدم اتهامه وهذا ما يثير قلق “حزب الله”. مطبات لا حصر لها تسببت في تأخير ولادة الحكومة اللبنانية الجديدة، أبرزها تمسك “حزب الله” و”حركة أمل” بوزارة المالية وتسمية وزيرها، ومطلب رئيس الجمهورية ميشال عون، بتوسيع الحكومة الجديدة إلى 24 وزيراً، فضلاً عن العقوبات الأمريكية الأخيرة التي فرضت على مسؤولين مؤثرين في تشكيل الحكومة، بينما منح إعلان رئيس مجلس النواب نبيه بري، ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل عدم مشاركتهم في الحكومة بصيص أمل لترى حكومة أديب النور، باعتبار أن كليهما مساند لحزب الله ويلفظه الشارع اللبناني. وقال عياش إن تصريحات باسيل التي قال فيها “ليس لدينا رغبة في المشاركة في الحكومة المقبلة ونسهّل تشكيلها”، وتغير موقف بري المفاجئ من الدخول في الحكومة ما هي إلا محاولة لتبرئة النفس وذر الرماد في العيون، ومحاولات لمحو الذاكرة اللبنانية. وأضاف: “اللبنانيون يعرفون أن التيار الوطني الحر شريك في هذا الانهيار وطرف فيه وخصوصا شراكتهم الطويلة مع حزب الله”، ولفت إلى أن عدم ولادة حكومة مختلفة عن سابقاتها سيذهب لبنان إلى مزيد من التعقيدات. ويرى قطب أن تعثر المبادرة الفرنسية قد يضع لبنان أمام المجهول، والعودة للمربع الأول وهو هيمنة الثنائي الحاكم على الوضع اللبناني وتقديم نفسه لاعبا أساسيا لا يمكن تجاوزه، وبالتالي لن يخرج لبنان من أزمته التي هي أزمة ميليشيات وسلاح وفوضى مالية وهدر وفساد وهيمنة على الدولة ومؤسساتها.
مشاركة :