هل تستمر حكومة المشيشي في ظل التجاذبات السياسية في تونس؟

  • 9/14/2020
  • 01:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

انتهت مبدئيا أزمة التشكيل الحكومي في الشقيقة تونس بالتصويت على حكومة رئيس الوزراء هشام المشيشي بحصوله على موافقة البرلمان بـ134 صوتا من أصل 217 وذلك تأكيد على أمرين:الأول: هو اضطرار البرلمان إلى الموافقة على هذه الحكومة التي وصفت بكونها حكومة كفاءات مستقلة خوفا من حل البرلمان من قبل رئيس الجمهورية قيس سعيد لأن عدم الموافقة على حكومة المشيشي تعيد الكرة إلى ملعب رئيس الجمهورية الذي بإمكانه إصدار قرار بحل البرلمان وفقا لما ينص عليه الدستور التونسي.وهذا الخوف الذي قاد إلى الموافقة على حكومة المشيشي يخفي في الحقيقة مخاوف الطبقة السياسية التونسية التي تشكل الأحزاب الرئيسية في البرلمان من أنها لن تتمكن في حال جرت انتخابات برلمانية جديدة بعد الفترة الدستورية المحددة فإنها لن تحصل على الأرجح على نسبة الأصوات التي حصلت عليها في السابق وذلك نتيجة فشلها السياسي الذريع وغضب الناخبين التونسيين الذين أوصلوها إلى مقاعد البرلمان وفي مقدمة هذه الأحزاب التي سوف تخسر جزءا كبيرا من مقاعدها حزب حركة النهضة الذي يمتلك حاليا 52 مقعدا في البرلمان (أي حوالي ربع المقاعد) والذي تشير الاستطلاعات الأخيرة التي نشرت إلى أنه لن يكون الحزب الأول في أي انتخابات جديدة (إذا ما جرت هذه الأيام وأنه لن يحصل على أكثر من 20%) من أصوات الناخبين في أحسن الأحوال وكذلك الأمر بالنسبة لحزب قلب تونس المتهم بالفساد والانتهازية والتخلي عن مواقفه المبدئية التي كانت خلال حملته الانتخابية وأصبح في ظل المطامع السياسية حليفا لحزب النهضة، كما تشي الاستطلاعات بأن الحزب الأول في حال إجراء الانتخابات اليوم سيكون الحزب الحر الدستوري التونسي بقيادة المحامية البارزة عبير موسى وأنه سيحصل على أكثر من 35% من أصوات الناخبين -حاليا لديه (18) مقعدا- وفي حال حصوله على النسبة المشار إليها سوف يحصل على أكثر من (60) مما سيؤدي إلى تغيير جوهري في معادلات السياسة التونسية، أما حزب قلب تونس برئاسة رجل الأعمال نبيل القروي فمن المرجح بحسب الاستطلاعات فسوف يحصل على أقل من 7% من أصوات الناخبين وهو سيكون أكثر الخاسرين مع حزب حركة النهضة ولعل هذا ما يبرر الموافقة الاضطرارية الانتهازية على حكومة هشام المشيشي التي لا تشمل في عضويتها أي عضو من الأحزاب السياسية مما أغضب الأحزاب السياسية وخاصة حزب النهضة وحزب قلب تونس اللذين أكدا أن هذه الحكومة تعتبر انقلابا على نتائج الانتخابات وتجاوزا لها ولكن من المفارقات أن هذين الحزبين تحديدا هما صوتا لصالح هذه الحكومة المستقلة غير الحزبية وذلك للسبب الذي ذكرناه سابقا.الثاني: ما هي آفاق نجاح هذه الحكومة الجديدة خاصة أن الأوضاع الاقتصادية كارثية والعجز المالي غير مسبوق والغضب الاجتماعي يتصاعد والقدرة الشرائية للمواطنين التونسيين تتدهور ونسبة البطالة تتزايد بالإضافة إلى الأزمة الصحية الناجمة عن تفشي وباء كورونا؟ صحيح أن البرلمان التونسي قد وافق على هذه الحكومة بشكل اضطراري وصحيح أن هذه الحكومة وصفت بأنها حكومة كفاءات مستقلة ولكن هل تنجح هذه الحكومة فيما أخفقت فيه الحكومات السابقة خاصة في الملفين الاقتصادي والاجتماعي؟الجواب بحسب التقارير السياسية والإعلامية هو من الصعب جدا على هذه الحكومة أو أي حكومة أخرى مواجهة الوضع الاقتصادي والاجتماعي المتدهورين من دون أمرين:الأول: إعادة هيكلة الاقتصاد التونسي وترشيد الإنفاق وإصلاح النظام الضريبي والحد من التسيب والهدر وإعادة تنظيم القطاع العام بالشكل الذي يجعله مفيدا للدولة وليس عبئا عليها وهذا أمر لا أعتقد أن حكومة تكنوقراطية قادرة على مواجهته من دون دعم الأحزاب السياسية ومن دون الحصول على دعم النقابات لأنه سيؤدي إلى تسريح الآلاف من العمال والموظفين وخصخصة جزء كبير من الشركات التي تعاني من الخلل في توازناتها المالية.الثاني: القضاء على كافة أشكال الفساد والاستفادة من الموارد بشكل أفضل خاصة في إعادة النظر في إنتاج ثروات البلاد مثل النفط والفوسفات والسيطرة عليها بشكل أفضل إضافة إلى الحد من التهرب الضريبي وهذا يحتاج إلى قرارات جريئة وصعبة قد لا تكون حكومة المشيشي قادرة عليها.إن تونس تعاني من أوضاع اقتصادية صعبة في ظل الانكماش الاقتصادي الناجم عن تضرر السياحة بالدرجة الأولى، ورغم كل هذه الظروف يأمل التونسيون في أن تنجح حكومة الكفاءات التي شكلها المشيشي فيما فشلت فيه الحكومات السابقة وهو أمر مستبعد جدا ولكن يظل السؤال الأهم هل تستمر الحكومة في ظل التجاذبات السياسية القائمة؟؟!!

مشاركة :