وفاق بين الأمم المتحدة ومرجعية النجف على دعم الانتخابات العراقية المبكرة | | صحيفة العرب

  • 9/14/2020
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

الظهور النادر للمرجع الشيعي الأعلى في العراق ولقاؤه المبعوثة الأممية دليل على أهمية موضوع اللقاء، وهو هنا الانتخابات البرلمانية المبكّرة التي يمثّل إجراؤها في موعدها المحدّد مصلحة كبرى للنظام العراقي الباحث عن توازنه بعد أن اهتزّ بشدّة أمام أكبر موجة غضب شعبي شهدتها البلاد منذ سنة 2003. النجف - تطلّب إقرار موعد للانتخابات البرلمانية المبكّرة في العراق الاستئناس برأي المرجع الشيعي الأعلى علي السيستاني، وذلك في تأكيد جديد لمكانته الروحية التي تعطيه قدرة الفصل بطريقة فوقية في أصعب القضايا والملفات، على غرار ملف الانتخابات الذي ثار حوله جدل كبير مأتاه خوف الأحزاب المتنفّذة من تبعات ذلك الاستحقاق على مكانتها السياسية ومكاسبها المادية. واستقبل السيستاني، الأحد بمكتبه في النجف جنوبي العاصمة بغداد، ممثلة الأمم المتحدة في العراق جينين هينيس بلاسخارت في أول لقاء بينهما منذ بدء تفشي جائحة كورونا في البلاد، حيث عقد آخر لقاء في 12 نوفمبر 2019. واعتبر السيستاني في بيان نشره مكتبه عقب اللّقاء مع بلاسخارت أنّ “الانتخابات النيابية المقرر إجراؤها في العام القادم تحظى بأهمية بالغة”. وشجّع العراقيين على المشاركة فيها بصورة واسعة، محذرا من أنّ “مزيدا من التأخير في إجراء الانتخابات أو أجراءَها من دون توفير الشروط اللاّزمة لإنجاحها بحيث لا تكون نتائجها مقنعة لمعظم المواطنين، ستؤدي إلى تعميق مشاكل البلد والوصول.. إلى وضع يهدد وحدته ومستقبل أبنائه”. وطالب بـ”الاستمرار والمضي بحزم وقوة في الخطوات التي اتخذتها الحكومة في سبيل تطبيق العدالة الاجتماعية والسيطرة على المنافذ الحدودية وتحسين أداء القوات الأمنية وفرض هيبة الدولة وسحب السلاح غير المرخص وفتح ملفات الفساد الكبرى”، مشدّدا على وجوب “العمل بكل جدية للكشف عن كل من مارس أعمالا إجرامية منذ بدء الحراك الشعبي، لاسيما الجهات التي قامت بأعمال الخطف أو تقف وراء عمليات الاغتيال الأخيرة”. وشدد السيستاني أيضا على “الحفاظ على السيادة الوطنية والوقوف بوجه التدخلات الخارجية وإبعاد مخاطر التجزئة والتقسيم”. ومن جانبها قالت المبعوثة الأممية في مؤتمر صحافي “تحدثت مع المرجع السيستاني في ثلاثة أمور منها إجراء الانتخابات في موعدها المقرر، بقانون منصف وعادل لجميع الأطراف، وبسط هيبة الدولة وضبط السلاح المنفلت، وفتح ملفات الفساد الكبيرة في البلد لمحاسبة الفاسدين”. وحذرت من “انزلاق البلد لمنحدرات خطرة إذا لم تجر الانتخابات المقبلة في ظل هذه الشروط”، مضيفة “أكدنا على حفظ سيادة البلد وعدم السماح بالتدخلات الخارجية وفرض هيبة الدولة في هذا الشأن”. وفي وقت سابق أكدت بلاسخارت أن بعثتها تؤيد جهود الحكومة العراقية في إرساء علاقات دولية متوازنة، فيما شددت على ضرورة أن تكون الانتخابات المبكرة بقيادة عراقية. إجراء انتخابات نزيهة وخالية من التزوير يمثّل خطرا على مكانة الأحزاب الحاكمة نظرا لفشلها وتعاظم نقمة الشارع عليها ونادرا ما يظهر السيستاني في العلن، كما يتجنّب لقاء شخصيات سياسية باستثناء ممثلي الأمم المتحدة. ويدلّ ذلك على أهمية الموضوع الذي استدعى ظهوره إلى جانب المبعوثة الأممية وهو موضوع الانتخابات التي يُنظر إليها كمَخرج للنظام من مأزقه الذي وقع فيه بسبب موجة الغضب غير المسبوقة التي شهدها الشارع العراقي منذ خريف العام الماضي والتي شهدت رفع شعار إسقاط النظام القائم على المحاصصة الحزبية والطائفية وتقوده أحزاب دينية شيعية بالأساس. وتعليقا على فحوى اللقاء بين بلاسخارت والسيستاني قال كاتب سياسي عراقي “إذا كان المقصود من إجراء الانتخابات الحفاظ على امتيازات الأحزاب في السلطة، فإن ذلك يمكن أن يتم من غير إقرار قانون جديد للانتخابات. وهو ما أتوقع أن المرجعية تحاول القفز عليه بحيث تبقى الأمور كلها في متناول الأحزاب الكبيرة. وكان الأولى بالمرجع أن يصرّ على ضرورة تغيير قانون الانتخابات الحالي قبل إجراء الانتخابات المبكّرة. وبذلك تساهم المرجعية في إنقاذ العراق من وضعه المزري الحالي. أمّا أن تتم الدعوة إلى إجراء الانتخابات وفق السياق القديم، فإن ذلك يعني الاستمرار في الوضع نفسه”. وكان رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي قد حدّد تاريخ السادس من شهر يونيو القادم موعدا لإجراء الانتخابات المبكّرة، لكنّ الخلافات حول الموعد والقانون الذي ستُجرى وفقه تلك الانتخابات ألقت بظلال من الشكّ حول إمكانية إجراء الاستحقاق الذي أُقرّ تحت ضغط الشارع. وتراوحت الاعتراضات بين من رأى وجوب تقديم موعد الانتخابات للتعجيل بإنهاء المرحلة الانتقالية التي تُؤمّنها حكومة الكاظمي، ومن رأى تأخيره إلى ما بعد الصيف القادم لإتاحة المزيد من الوقت للتحضير بشكل جيد للاستحقاق وضمان نجاحه. غير أنّ أغلب الملاحظين اعتبروا أنّ المحرّك الأساسي وراء الاعتراضات رغم تناقضها، هو مصلحة الأحزاب وقادتها المتوجّسين من تناقص شعبيتهم ومن نقمة الشارع عليهم والتي ستكون العامل المحدّد للنتائج التي ستفرزها الصناديق، في حال تمّ ضمان شفافية الاقتراع وتجنيب العملية التزويرَ الذي شاب الانتخابات الماضية على نطاق واسع. ولم يستبعد البعض سعي الجهات الأوسع نفوذا وتمكّنا من السلطة والأكثر استفادة من الوضع الحالي إلى منع إجراء تلك الانتخابات والحفاظ على البرلمان الحالي الناتج عن انتخابات سنة 2018 إلى نهاية عهدته.

مشاركة :