طالبت منظمات وطنية مغربية السلطات بضرورة منح المزيد من التسهيلات التمويلية والائتمانية لمساعدة الشركات المتضررة من فايروس كورونا على استعادة نشاطها وتفكيك العقبات، في وقت تواجه فيه المصارف أصلا إشكالية عدم سداد الديون وشح السيولة.
الرباط - وجهت منظمات وطنية نداء للسلطات المغربية مطالبة باستئناف إجراءات منح القروض وطلبات الدعم المخصصة للشركات المتضررة في ظل تواصل الأزمة الصحية بوتيرة أكثر حدة أعادت البلد إلى مربع الإغلاق.
وتأتي هذه المطالب في وقت تكافح فيه المصارف المغربية أصلا إشكاليات لا حصر لها تتعلق بشح السيولة وارتفاع حجم القروض غير المسددة.
وكشفت الهيئة المغربية للشركات أن نسبة من طلبات الدعم المخصص للشركات لم يتلقّ أصحابها أي جواب من المصارف، وآخرون جاءهم الرد بالرفض.
ودعت الهيئة وزارة الاقتصاد والمالية والإدارات التي تنضوي تحت إشرافها، إلى تفكيك العقبات أمام الشركات للحصول على برامج الدعم والتمويل، تفعيلا لمضامين التوجيهات الملكية والبرامج الحكومية ذات التوجه التنموي.
وفي هذا الصدد أكد صندوق الضمان المركزي، أن نحو 15.183 شركة استفادت من برنامج “ضمان إنعاش” الذي يهدف إلى ضمان قروض الشركات الصغيرة جدا و”ضمان انطلاقة” الموجه للشركات الصغيرة والمتوسطة والكبيرة حيث بلغ حجم القروض المضمونة 22.4 مليار درهم (2.6 مليار دولار).
وقد أطلق صندوق الضمان المركزي نافذته التشاركية “سند تمويل” المخصصة حصريا لنشاط التمويل التشاركي، وذلك في إطار مواكبته لسوق التمويلات التشاركية، وتهدف إلى تسهيل الولوج للتمويلات الممنوحة من طرف البنوك والنوافذ التشاركية لفائدة كل من الشركات والأفراد من خلال تقديم آليات ضمان مخصصة لهذا الغرض.
وطالبت الهيئة المغربية للشركات المؤسسات البنكية والمصرفية بترجمة التوجيهات الملكية عبر مساطر واضحة، وآليات مضبوطة، لاسيما في ما يتعلق بالتمويل الذي يؤمن مخاطره صندوق الضمان المركزي، بهدف ضمان الاستقرار الاقتصادي، والحفاظ على مناصب الشغل، وزرع الثقة في نفوس المستثمرين بكل فئاتهم، وكل مبادرات التشغيل الذاتي للشباب المؤهل.
ولتعزيز التشغيل الذاتي للشباب المؤهل وتنافسية الشركات المحلية والمنتج المحلي، بما يمكن من تنشيط الاقتصاد الوطني وتحقيق النمو، وإحداث فرص الشغل، دعا رئيس الحكومة سعدالدين العثماني، إلى التقيد بمجموعة من الإجراءات الرامية أساسا إلى دعم نسيج الشركات الوطنية لاستعادة ديناميتها، خصوصا لتجاوز التداعيات الاقتصادية والاجتماعية الناتجة عن كوفيد – 19.
وسبق أن كشفت مديرية الدراسات والتوقعات المالية التابعة لوزارة الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة المغربية، عن تفاقم حاجات البنوك إلى السيولة خلال شهر يوليو الماضي، لتصل في المتوسط إلى 10.2 مليار دولار، مقابل 10 مليارات دولار في يونيو و9.6 مليار دولار في مايو.
وأكدت المديرية لجوء بنك المغرب المركزي في يوليو إلى زيادة حجم عملياته لضخ السيولة التي بلغ متوسطها نحو 11.1 مليار دولار، مقابل 10.5 مليار دولار خلال الشهر الذي قبله.
ووفقا للمديرية فقد تدخّل البنك المركزي من خلال عمليات القروض المضمونة لمدة سنة برسم برنامج دعم تمويل المشاريع الصغيرة جدا والصغيرة والمتوسطة، والتي ارتفع متوسط مبلغها إلى 3.1 مليار دولار.
وضخ بنك المغرب (البنك المركزي) في الفترة الممتدة من 3 إلى 9 سبتمبر الجاري، 33.9 مليار درهم (3.4 مليار دولار)، في إطار برنامج دعم تمويل المقاولات الصغيرة جدا والصغيرة والمتوسطة.
وقال شكيب لعلج، رئيس الاتحاد العام لشركات المغرب، الذي يُمثل القطاع الخاص، إن “الوضع اليوم يتطلب تجميع القوى للتغلب على المشكلات والأضرار الاقتصادية التي سببتها الأزمة وتلك الموجودة قبل انتشار الوباء، مثل القطاع غير المهيكل وآجال الأداء، دون إغفال الجانب الاجتماعي الذي يجب أن يبقى في صُلب الأولويات”.
شكيب لعلج: يجب تجميع القوى للتغلب على الأضرار الاقتصادية
شكيب لعلج: يجب تجميع القوى للتغلب على الأضرار الاقتصادية
وعليه، فقد دعت الهيئة المغربية للمقاولات، في بلاغ، السلطات الإقليمية إلى الانفتاح على الهيئات المختلفة للشركات والتمثيليات المهنية والاستماع إلى مقترحاتها البناءة، وإشراكها في صناعة القرارات والحلول الممكنة، حين يتعلق الأمر بإجراءات الفتح والإغلاق الاقتصادي أيا كانت أسبابه.
كما طالب رشيد الورديغي رئيس الهيئة المغربية للشركات، القطاعات الوزارية المعنية بالصناعة والتجارة والسياحة والاستثمار والمالية والإدارة بالاجتماع مع الشركات المهددة بالإفلاس والتي تراكمت عليها الديون، لبحث إمكانية استفادتها من تدابير استثنائية، إما عبر المراجعة الضريبية، أو قروض شرف، مع مواكبة انطلاقتها الأولى.
وفي هذا السياق أكدت نزهة حياة، رئيسة الهيئة المغربية لسوق الرساميل (السلطة المكلفة بمراقبة السوق المالية)، أن “سوق الرساميل يمكن أن تشكل بالفعل مصدرا تكميليا هاما للتمويل لكل من الشركات الخاصة والعمومية، ويمكن أن تعبّئ المدخرات من خلال آليات دعوة الجمهور إلى الادخار وجمع الأموال من المستثمرين المحليين والدوليين”.
وأضافت “هذه الأزمة الوبائية ستغير كيفية تعامل المستثمرين مع المخاطر من خلال إيلاء أهمية أكبر للعوامل البيئية والاجتماعية، مشددة على أنّ تطوير التمويل المسؤول سيتيح ضمان إنعاش اقتصادي أكثر استدامة ومرونة”.
وقد أطلقت الحكومة المغربية برنامج “انطلاقة”، في شهر فبراير الماضي لدعم دعم مشاريع الشباب. ودعا لعلج إلى إعادة تنشيطه من جديد لكي يُساهم بشكل فعال في الإنعاش الاقتصادي وتعزيز التشغيل الذاتي والمبادرة المقاولاتية.
ولتحقيق اقتصاد أكثر مرونةً وتنافسيةً يُعيد الثقة لأرباب العمل، يجب الاهتمام بأربعة محاور أساسية، تهم الحفاظ على النسيج الإنتاجي وتحسين تنافسية المقاولة المغربية من خلال مراجعة المقتضيات الضريبية أو الجمركية التي تُعيق التطور والتنافسية.
ولفتت رئيسة الهيئة المغربية لسوق الرساميل، إلى أن هناك أدوات تحظى باهتمام كبير، من قبيل سوق الدين الخاص، أو السوق البديلة المخصصة للشركات الصغرى والمتوسطة، أو القسم المخصص للمستثمرين، الذي بإمكانه تلبية الاحتياجات التمويلية لمشاريع البنى التحتية على وجه الخصوص، مشيرة إلى توفر آليات تمويل مبتكرة أخرى تتيح حلولا بديلة (سندات خضراء، وهيئات التوظيف الجماعي في مجال العقار، والتسنيد) وغيرها.
وتواصل لجوء الشركات إلى سوق الرساميل للحصول على التمويل، حيث رخصت الهيئة المغربية لسوق الرساميل بـإصدار 10 سندات بقيمة إجمالية تزيد على 1 مليون دولار، بين مارس ويوليو، وإصدار سندات قروض قابلة للتداول تتجاوز قيمتها 2.6 مليار دولار.
وعلى الرغم من الوضعية الحالية، تُواصل الشركات المغربية الكفاح من أجل البحث عن إطار تمويلي لأجل الحفاظ على فرص العمل، حسب شكيب لعلج، مؤكداً أن هذا الأمر ضمن الأولويات القصوى وأحد الالتزامات ضمن ميثاق الإقلاع الاقتصادي والتشغيل. وفي ذات السياق أكدت نزهة حياة، مواكبة الفاعلين في السوق من أجل وضع خطط لمواصلة أنشطتهم لضمان السير الطبيعي لأنشطتهم.
ويوصي خبراء في الاقتصاد والمالية، بضرورة تجاوز الطريقة الكلاسيكية في معالجة المشاكل المالية التي تواجه الشركات والأفراد المغاربة، والعمل على اقتراح بدائل لمساعدة من يعانون من صعوبات في سداد القروض التي بذمتهم، وذلك لإعادة الدينامية الاقتصادية. وتتخوف البنوك من إمكانية استمرار اتساع دائرة القروض المعسرة، نظرا للظرفية التي يمر بها النسيج الاقتصادي الوطني بسبب كورونا، وانعكاس ذلك على الوضعية الاجتماعية والمالية للمستخدمين والإطارات العاملين في القطاع الخاص.