من سوء حظ العرب أن عدوتهم إيران جاهلة بكل القوانين الدولية التي تحكم العلاقات بين الدول. إيران بالرغم مما يضفيه المعجبون بها على رموز نظامها وبالأخص ممثلو ذلك النظام في الفضاء العالمي من علامات الذكاء هي في حقيقتها فقاعة ساهم الغرب في نفخ الهواء داخلها وتسمينها لكي تكون عدوا مناسبا. يعتبر البعض أن النظام الإيراني يتصرف بدهاء سياسي لا مثيل له. دليلهم على ذلك أن الاتفاق النووي الموقع عام 2015 قد ساعد إيران على الحصول على حوالي مئة مليار دولار هي أموالها المجمدة منذ سنوات طويلة في الولايات المتحدة. تلك كذبة تنطوي على الكثير من الحماقة والاحتيال. ما كان من الممكن أن يُنجَز الاتفاق النووي لولا أن الرئيس باراك أوباما أراده إنجازا شخصيا يُنهي من خلاله واحدة من مشكلات إحدى الدول التي يمكن الاستفادة منها أميركيا في فضاء الشرق الأوسط. وما كان من الممكن الاستفادة من خدمات إيران إلا عن طريق إغرائها بإعادة أموالها إليها. وتلك هي اللعبة التي لعبها الرئيس الأميركي يومها ولم تكلف الولايات المتحدة شيئا. أوباما وهو رئيس أميركي هو من صنع الاتفاق النووي وترامب وهو رئيس أميركي هو مَن أبطل العمل بالاتفاق ولكن بعد أن تمتع الإيرانيون بكل منافعه. كانت الولايات المتحدة في الحالتين تمارس نفاقا عظيما. لذلك فإن الإيرانيين ينتظرون بفارغ الصبر هزيمة ترامب وانتصار خصمه الديمقراطي بايدن الذي يعتقدون أنه سيحمل إليهم مفاجآت سارة قد تغمرهم بمليارات جديدة تشدّ من أزرهم في حربهم ضدّ دول المنطقة. ما تعرفه الإدارة الأميركية من خبايا النظام الإيراني قد لا يعرفه خصوم ذلك النظام الذين عجزوا عن الوصول إلى اللغة التي تمكنهم من التفاهم معه. الولايات المتحدة وحدها تعرف كيف توجه شرور نظام آيات الله. ليس مهمّا بالنسبة إلى الولايات المتحدة ما يلحقه سلوك النظام الإيراني العدواني من أضرار بدول المنطقة. ما يهمّها أن تبقى مصالحها في المنطقة مصانة. وليس من المستبعد أن “أذكياء” ذلك النظام يتمنون لو أنهم توصلوا إلى تسوية يستطيعون من خلالها أن يقوموا بحراسة المصالح الأميركية في المنطقة. تعتقد إيران أنها الدولة المستعدة للقيام بذلك الدور لأنها الدولة الأقوى. ذلك اعتقاد لم يأت من عدم بل ساعدت وسائل إعلامية غربية كثيرة على تكريسه والعمل على تحويله إلى برنامج عمل يلهي الإيرانيين وأتباعهم عن الالتفات إلى مشكلاتهم الحقيقية. وهي مشكلات يمكن أن تخسف الأرض تحت أقدامهم. فإضافة إلى الأزمة الاقتصادية الناجمة عن العقوبات فقد بدت إيران ضعيفة إلى درجة أنها عجزت عن التصريح بحقيقة ما جرى لمنشآتها النووية في الأشهر الأخيرة. ليست إيران قوية بدليل أنها لم تسمّ خصمها الذي يقف وراء الحرائق التي أصابت منشآتها بل يُراد لها أن تتوهم بأنها قوية لتظل تدور في دائرة لا نهاية لها من غير أن تتمّ الإطاحة بنظامها كما جرى للعراق. ذلك كله يكشف عن عنصر غباء استعمله الإيرانيون في حروبهم داخل المنطقة من غير أن ينتبهوا أنه ليس لصالحهم على مستوى العلاقة بالمحيط العالمي. ما تحلم به إيران لن تتمّ تلبيته عالميا. فهي لن تتحول إلى شرطي الخليج، وإسرائيل لن ترضى بها جارة لها كما أن العراق لن يكون قادرا على تمويلها بعد انخفاض أسعار النفط. إيران المزعجة وحدها هي إيران المفيدة. لن يغيّر بايدن، إذا ما انتصر، شيئا. لن تتمكن إيران من الفوز بجولة جديدة. سيكون عليها أن تستمرّ بإزعاج دول المنطقة لتؤكد غباء سياسييها. إيران الغبية هي إيران النافعة.
مشاركة :