كشف مدير مركز الشيخ جابر الأحمد الثقافي فيصل خاجة عن أن الموسم الرابع للمركز سيشهد المزيد من الاعتماد على المحتوى الإبداعي المحلي مع التركيز على الفعاليات الممتعة، لتخفيف الضغوط النفسية التي خلّفتها أزمة كورونا، «إيماناً بأن الصحة النفسية لا تقل أهمية عن الصحة الجسدية وهو ما دفع المركز إلى تقديم مجموعة من الأفكار، لتقديم أمسيات مبتكرة لبثها مباشرة عبر الشاشة الصغيرة سواء عبر التلفاز أو الإنترنت».خاجة، أوضح في حوار مع «الراي» أن مركز الشيخ جابر الثقافي يعكف على تجهيز فعاليات الموسم الثقافي الرابع المقبل، مع رصد التجارب المختلفة للمراكز الرائدة في العالم للاستفادة منها، متوقعاً «أن يشهد شهر يناير من العام المقبل عودة المركز لتقديم فعالياته، ولكن بحذر ومع مزيد من الاعتماد على البث المباشر لفعاليات منتقاة من الموسم»، واصفاً أن الاتفاق مع أسماء فنية كبيرة في الوقت الحالي، على غرار المطرب الأوبرالي العالمي أندريا بوتشيللي أو غيره «بالمغامرة» نظراً للتكلفة المرتفعة لتلك الأسماء مع عدم وضوح الرؤية في ما يتعلق بحركة السفر والمتغيرات الأخرى المحتملة. ● كيف تجري التحضيرات حالياً في مركز الشيخ جابر الأحمد الثقافي للموسم المقبل؟- يعكف المركز حالياً على تجهيز فعاليات الموسم الثقافي الرابع المقبل مع رصد التجارب المختلفة للمراكز الرائدة في العالم للاستفادة منها، ويتضح مبدئياً أن شهر يناير المقبل سيشهد عودة غالبية تلك المراكز لفتح أبوابها للجمهور وفق اشتراطات مختلفة حسب ظروف كل دولة على حدة، وعليه فقد قمنا بوضع سيناريوهات عدة للعودة مع توقعنا بأن يشهد شهر يناير عودة المركز لتقديم فعالياته ولكن بحذر ومع مزيد من الاعتماد على البث المباشر لفعاليات منتقاة من الموسم، بالتنسيق مع تلفزيون دولة الكويت، ونستطيع أن نوضح بعض ملامح الموسم المقبل والذي سيشهد المزيد من الاعتماد على المحتوى الإبداعي المحلي مع التركيز على الفعاليات الممتعة التي نأمل أن تسهم في تخفيف الضغوط النفسية التي واجهتنا في الفترة السابقة. ● ما أبرز الفعاليات أو التعاقدات مع الفرق الأوركسترالية التي تم وضعها على طاولة المقترحات؟- منذ الموسم الثقافي الأول وضع المركز على عاتقه مهمة تقديم الموسيقى الكلاسيكية عبر استقطاب أفضل الفرق الأوركسترالية الفيلهارمونية العالمية من أوروبا بحكم ريادتها وتاريخها، مع العلم بأن الفرق الأوركسترالية العريقة لديها جدول مزدحم لسنوات، إلا أن نجاح المركز في استقطاب فرق عالمية ذات شأن عالٍ مع الإقبال الجماهيري المرتفع على تلك الأمسيات ساهم في وضع الكويت كوجهة محتملة للعديد منها، ومنها على سبيل المثال أوركسترا فيينا فيلهارمونيك والذي قام المركز باستضافة الفرقة المصغرة منها العام الماضي والمكونة من 7 عازفين، إذ تم الاتفاق معهم على وضع الكويت ضمن جدول الرحلات المقبلة للفرقة الكاملة، إلا أن المستجدات المتعلقة بالجائحة اضطرتنا لتأجيل المفاوضات إلى وقت آخر بحيث نضمن الاستفادة المثلى من وجود هذه الفرقة العريقة في الكويت وإتاحة الفرصة لأكبر عدد من الجمهور لحضور هذه الأمسية المميزة خصوصاً أن الإقبال على الأمسيات الموسيقية الكلاسيكية فاق نسبة 90 في المئة خلال المواسم الماضية.● ما إمكانية أن تُقام الحفلات الموسيقية في المركز على طريقة (الحفلات اللايف) في حال استمرت أزمة كورونا - لا سمح الله - إلى نهاية العام؟- بالنظر إلى ما قام المركز بتقديمه خلال مواسمه الثقافية الماضية، يتضح أن هذا الميدان هو ميدان جديد للمركز الذي تميز بتقديم العروض المبتكرة والتي تستند على الأبعاد المختلفة للمسرح مع الحضور الحي للجمهور، والذي نعتقد أنه أحد أهم أسباب ذلك التميز، إلا أن الظروف الحالية تتوجب التكييف معها بأفضل السبل مع إيماننا التام بأن الصحة النفسية لا تقل أهمية عن الصحة الجسدية، وعليه فقد قام المركز بتجهيز مجموعة من الأفكار لتقديم أمسيات مبتكرة مع بثها مباشرة عبر الشاشة الصغيرة سواء عبر التلفاز أو الإنترنت.● بالرغم من توقف النشاط الفني في الكويت خلال فترة «الحظر» إلا أن فرقة المركز ظلّت تواصل نشاطها - عن بعد - فهل تم ذلك باجتهادات فردية من أعضاء الفرقة؟- نستند في أعمالنا كافة على منظومة من القيم أبرزها ثقافة العمل الجماعي والعطاء، وعليه فقد تم تقديم تلك الأعمال بداية بشكل تطوعي مستهدفين رفع الروح المعنوية لمواجهة هذه الظروف الاستثنائية، مع حث الناس على الالتزام بالتعليمات الرسمية، وعليه فقد ساهم الجميع في تلك المبادرات كل من موقعه، بدءاً من الفكرة وتطويرها، والعزف والغناء، والإخراج والتسويق، وعليه فإنني أتقدم بجزيل الشكر والامتنان لجميع زملائي الأفاضل على مبادراتهم وجهودهم. ● هل تم الاتفاق رسمياً مع المراكز الثقافية خارج الكويت، للتنسيق حول كيفية العودة التدريجية؟- يكتنف الغموض الوضع المرتبط بالجائحة، إذ لم يسبق للمراكز الثقافية العالمية مواجهة ظروف مماثلة، وكما أشرنا في إجابة سابقة، فقد تفاوت تعامل المراكز المختلفة مع الظرف الحالي كل بحسب ظروفه الخاصة، لذا لا يوجد تنسيق رسمي بشكل مباشر، ولكننا نقوم برصد كيفية تعامل المراكز الرائدة في العالم للاستفادة منها وتطويرها بما يتلاءم مع شخصية وطموح المركز. ● هل سنرى في الموسم المقبل أسماء فنية كبيرة، على غرار أندريا بوتشيللي، أو ما يوازيه من كبار المغنين الأوبراليين؟- من المغامرة أن يتم الاتفاق مع أسماء فنية كبيرة، آخذين بالاعتبار التكلفة المرتفعة لتلك الأسماء مع عدم وضوح الرؤية في ما يتعلق بحركة السفر والمتغيرات الأخرى المحتملة، عليه فإننا آثرنا في الموسم المقبل أن نرتكز على المحتوى الإبداعي المحلي والذي نعتقد بقدرته على إثراء الموسم، وعندما تشهد الظروف مزيداً من الاستقرار قد نتمكن من السعي لتطعيم الموسم بالمزيد من الفعاليات من خارج الكويت. ● آخر مشاركة خارجية لفرقة مركز جابر الثقافي كانت في «قصر هوفبورغ» التاريخي في فيينا، وذلك لمناسبة الاحتفالات الوطنية الكويتية، فهل من وجهات أخرى جديدة، أم أن جائحة كورونا فرضت عليكم توجهاً جديداً؟- مشاركتنا الأخيرة في قصر هوفبورغ الرئاسي والتاريخي في فيينا فبراير الماضي شكلت لنا منعطفاً مهماً في مسيرة المركز وفرقته على العديد من الأصعدة فنياً وإدارياً عبر زيارات ولقاءات عدة مع جهات ثقافية رائدة في العاصمة التي تعرف بكونها عاصمة الموسيقى في العالم، ثم أقمنا أمسيتنا بعنوان «موسيقى من الكويت» والتي تضمنت ألواناً عديدة من الفنون الكويتية بالتركيز على جماليات كل لون على حدة سواء بالغناء، الرقص، الآلات المستخدمة والتي حرصنا على التعريف بها عبر معرض الآلات الموسيقية الكويتية الذي أقمناه على هامش الفعالية، آخذين بالاعتبار طبيعة الجمهور عالي الثقافة الذي حضر تلك الأمسية، ولا أخفيك بأن ردود الأفعال التي تلقيناها كانت مشجعة جداً للتوسع في تقديم تلك الفنون خارج الكويت، مع احتمالها للتطوير في العديد من الجوانب، ونشير إلى تلقينا العديد من الدعوات الخارجية لتقديم عروضنا الفنية، إلا أن الأولوية في موافقتنا على تلك الرحلات ترتكز على العائد الثقافي المرجو منها للكويت ومدى قدرتها على تحقيق التبادل الثقافي الملموس. ● لا يخفى أن جميع الفعاليات التي أقيمت داخل المركز في السنوات الثلاث الماضية، سواء في المسرح الوطني أو قاعة الشيخ جابر العلي أو قاعة الدراما لاقت نصيبها من النجاح الكبير، ولكن ما هي الفعاليات الأبرز التي تمت إعادتها بناء على طلب الجمهور؟- نعتز جداً بما تم تحقيقه في تلك الفترة القصيرة نسبياً، إلا أننا نعتقد دوماً بإمكانية التطوير، وعليه فإن غالبية الفعاليات التي تمت إعادتها تم تطويرها مع استمرار عرضها، ومنها عرض الثمانينات الذي أعيد تقديمه 26 مرة في الكويت والخليج وحضره أكثر من 40000 شخص ولا يزال الطلب عليه عالياً، واستعراض «مذكرات بحّار» الذي تم تقديمه في افتتاح الموسم الأول كما تم تقديمه بشكل مختلف في ختام الموسم الثاني بناءً على رغبة الجمهور، مع وجود العديد من العروض الناجحة والتي يرغب الجمهور بإعادة تقديمها، ومنها عرض «أبيض وأسود» الذي احتفى بأغنيات السينما المصرية في تلك الحقبة، وهو من العروض المطلوب تقديمها خارج الكويت، بالإضافة إلى عرض «ليلة الأطلال» الذي احتوى على معالجة بصرية عصرية لمحتوى تلك القصيدة الخالدة للشاعر إبراهيم ناجي.ويتضح أن الطلب عالٍ على العروض المبتكرة والتي تستند على فرقة المركز، وهو ما يجعلنا نولي المزيد من الاهتمام لمثل هذه العروض، وسيشهد الموسم المقبل بإذن الله عرضاً جديداً يحتفي بالفنان الكبير الراحل عبدالحسين عبدالرضا بشكل يليق بتاريخه المميز. ● هل ستشهد المواسم المقبلة تركيزاً أكبر على الفنون الشعبية في الكويت؟- الكثير من تلك الفنون مرتبط بظروف تاريخية محددة لم يعد لها وجود ومنها فنون البحر، المناسبات، العمل، الترفيه وغيرها، وعليه فإنه يشغلنا دوماً سؤال عن كيفية تقديم تلك الفنون الشعبية في قالبها الملائم وبشكل محبب للأجيال الجديدة لنضمن استمرارها، وعليه فقد قمنا بتجهيز عرض «الكويت تنادي» والذي تناول الفنون الكويتية الكلاسيكية بشكل عصري مبتكر، إلا أن الظروف المرتبطة بالجائحة اضطرتنا إلى تأجيل ذلك العرض إلى موعد آخر، كما أننا نعمل حالياً على وضع أساس لعرض مبتكر دائم يقيمه المركز بشكل مستمر بحيث يحتوي على عنصري التوثيق والمتعة في آن واحد ولشرائح مختلفة من الجمهور، وذلك على خشبة المسرح الوطني. أما في ما يتعلق بتقديم أنشطة موسيقية وغنائية ترفيهية للفنون الشعبية، فإننا نقوم بذلك وسنستمر، منها على سبيل المثال تخصيص أمسية في الموسم المقبل لتقديم سامريات الشاعر الشعبي فهد بورسلي ومفاجأة أخرى جميلة لمحبي اللون الخماري سيتم الإعلان عنها في حينها. ● يتوقع البعض إعادة «مذكرات بحّار» لما حققه العمل من نجاح منقطع النظير في الموسم الماضي، بالإضافة إلى كونه أحد أهم الأوبريتات الغنائية للفنان القدير «شادي الخليج»، فما صحة هذه التوقعات؟- في الحقيقة نتطلع جميعاً إلى ذلك، إلا أن صحة العم عبدالعزيز المفرج «شادي الخليج» تمنعنا من القيام بذلك في هذه الظروف، إذ لا يمكن تصور هذا العمل الجميل من غير مشاركته، نسأل الله له الشفاء والعودة لأهله ومحبيه.● ما هي رؤيتكم المستقبلية للمركز؟- تنص رؤية إنشاء المركز على التطلع لتطوير جودة الحياة عبر الأنشطة الثقافية/الفنية والسعي إلى تحقيق الريادة والدعم القوي للسياحة والمجالات الإبداعية ورفع شأن الكويت دولياً في هذا المضمار، وعليه فإننا نعتقد أنها رؤية طموحة وليس لها سقف، لذا فإننا نتطلع إلى تحقيق تلك الرؤية والأهداف عبر استكمال المسيرة والاسترشاد بأفضل النماذج العالمية التي تقتضى التوسع في المجال التوثيقي للإرث الكويتي المميز، مع الاهتمام بالمجالين التعليمي والتطويري لمختلف الفنون الأدائية لتكون رافداً لمستقبل الحركة الفنية في الكويت. ● هل من كلمة أخيرة تود توجيهها في نهاية هذا اللقاء؟- أود أن أتقدم لكم بالشكر على هذه المقابلة التي نأمل أن تكون مفيدة، وأود أن أشير إلى أننا وبحكم طبيعة عملنا في الحقل الثقافي/الفني، كنا أحد أكثر القطاعات تضرراً ولفترة أطول من غيرها، فقد توقفنا منذ بدايات الجائحة مع استمرار التوقف إلى المرحلة الخامسة بحسب التعليمات الرسمية، ولمزيد من الاحتياط والحرص لن نعاود مباشرة تقديم عروضنا قبل ما يمكن تسميته المرحلة «السادسة»، التي استحدثناها في المركز لتأتي بعد المرحلة الخامسة وعودة الحياة الطبيعية، حرصاً على سلامة الجميع وهي مرحلة نأمل بحلولها قريباً، وعليه فإنني أتقدم بالشكر الصادق للزميلات والزملاء كافة على تحليهم بالصبر وتحملهم معاناة التوقف عن تقديم المتعة للجمهور في الفترة السابقة، وها نحن نعود لاستكمال المسيرة بشغف وحب. الصورة التي أثارت حماسة أوركسترا فيينا فيلهارمونيك! أشار السيد خاجة إلى موقف دلّ على الأولوية التي توليها المراكز الثقافية الرائدة للجانبين التعليمي والثقافي على حساب الماديات، إذ شهد اجتماعه مع إدارة أوركسترا فيينا فيلهارمونيك وبحضور سفير الكويت في النمسا صادق معرفي مفاوضات لأن يكون مركز الشيخ جابر ضمن دائرة اهتماماتهم المستقبلية وتم استعراض المنشآت والأنشطة التي أقيمت في المركز مدعماً بصور، وعند استعراض هذه الصورة التي دلّت على شغف النشء في الكويت بالفنون الرفيعة، شهد الاجتماع منعطفاً تمثل بحماستهم الشديدة لتقريب موعد الزيارة ووضع الكويت ضمن دائرة أولويات الجولات الفنية من المنظورين الثقافي/التعليمي.
مشاركة :