في الوقت الذي يشهد فيه سوق العقار حركة إعادة تمركز متزايدة بين المستأجرين في جميع أنحاء الكويت، عمد ملاك بعض العمارات أخيراً إلى إعادة تقسيم بناياتهم إلى ما كانت عليه قبل أيام «العز»، عندما كان الطلب يفوق بأشواط العرض، لا سيما أن عيون المستأجرين باتت شاخصة نحو الشقق ذات المساحات الأوسع والإيجارات الأرخص.ووفقاً لما أفادت به مصادر عقارية، فإن الصورة تبدّلت مدفوعة بالآثار السلبية لجائحة كورونا، والتي أدت إلى خسارة الكثير من الوافدين لوظائفهم ومغادرتهم الكويت خلال الأشهر القليلة الماضية، إلى جانب التوجهات الحكومية نحو تقليص أعداد الوافدين بشكل أكبر، والذين يعتمد عليهم قطاع العقار الاستثماري بشكل رئيسي، ما ينبئ بأن زمن «فورة» الطلب في سوق التأجير قد أفل، في ظل ما يشهده من إخلاءات، وصل إلى شغور عمارات كاملة في مناطق متفرقة، نظراً للظروف الاقتصادية التي تمر بها البلاد.من ناحيته، أكد خبير عقاري أن السوق يعاني منذ أكثر من سنة من وجود 80 ألف شقة خالية، متوقعاً أن يتضاعف هذا العدد بنهاية العام الحالي، لاسيما وأن من وصل سنّهم إلى 60 عاماً بدؤوا بحزم أمتعتهم استعداداً لمغادرة البلاد، والذي يبلغ عددهم وفقاً لإحصائية رسمية 68 ألفاً، مبيناً أن معظمهم عائلات، والقلة هم من العمالة الهامشية.وأكد أن ملاك العقارات الذين أعادوا تقسيم وحدات عماراتهم خلال السنوات الماضية بمساحات أضيق، عندما كان الطلب في أوجه بغية تعظيم عوائدهم، بدؤوا بالتحرك نحو الرجوع إلى المساحات الواسعة، إذ باتت شهية المستأجرين نحو الوحدات الصغيرة جداً ضعيفة.وبيّن أنه مع ازدياد عدد الوحدات الشاغرة يوماً بعد يوم تتوسع الخيارات أمام المستأجرين، بينما يشهد السوق حالياً إعادة تمركز الكثير منهم وتحولهم من الوحدات الأضيق والأغلى إلى الوحدات الأكبر والأرخص، مستفيدين من هبوط الإيجارات. وأكد أن السياسات الحكومية بتقليص أعداد الوافدين سيكون لها بالغ الأثر في تعميق جراح القطاع على المدى البعيد، فيما لفت خبير عقاري آخر إلى أن الإيجارات بدأت في الانخفاض على أرض الواقع بنسب متفاوتة على حسب المنطقة، تراوحت بين 10 في المئة بالمناطق الإستراتيجية والمرغوبة مثل السالمية وحولي، ووصلت إلى 20 في المئة في مناطق مثل المهبولة وخيطان، متوقعاً أن تزيد هذه النسب خلال الأشهر القليلة المقبلة.وبيّن أن حركة الإخلاءات في بعض المناطق تهدّد بتعثر الكثير من أصحاب العقارات المرهونة عن دفع أقساطهم للبنوك، لاسيما وأن بعض المناطق مثل المهبولة (معظم عقاراتها مرهونة) وخيطان شهدت شغور عمارات بأكملها، ما انعكس انخفاضاً في الإيجارات بنحو 20 في المئة مع منح الملاك شهراً وشهرين مجاناً لاستقطاب أكبر عدد من المستأجرين.ونوّه عقاريون إلى ضرورة أن يتحلى ملاك العمارات من شركات وأفراد بالمرونة مع المستأجرين ومراعاة الأوضاع التي يمرون بها، والإشراف بأنفسهم على تأجير بناياتهم بعيداً عن الوسطاء الذين نشطوا في هذه الفترة، بسبب إعادة تمركز الوافدين، وارتفاع نسبة البحث عبر التطبيقات الإلكترونية المخصصة للتأجير، في حين أن الشغل الشاغل للكثير من الوسطاء العمولات التي يتقاضونها، لا شيء آخر.
مشاركة :