يحاول بين فترة وأخرى بعض دعاة العصر ووعاظه، البحث في أسباب ظهور داعش، هذه الفئة العظيمة الجهل بالدين والدنيا، التي تعبث في بعض أرض المسلمين فسادًا، ومعها جماعات مثلها أو أشد شرًّا منها، ولها جميعًا فكر ومنهج واحد، أصله ظهر قبل أربعة عشر قرنًا من الزمان، ولا يزال يكمن ثم يظهر، ثم يُقضى عليه فيكمن، وانبعاثه اليوم في صورة جديدة أشد ضررًا وأعظم بُعدًا عن الدّين والقيم الإنسانية، لأن العصر اختلف، وتوافرت فيه من أدوات القتل والدمار، ومن وسائل السيطرة على العقول ما به الله عليم، ورغم ذلك لا نشك أن من وراء داعش دعاة على أبواب النار يحشدون لها من ضعاف العقول الجهلة ما يمكن السيطرة عليهم، وتوجيههم للشر والمفاسد من كل لون، وهؤلاء هم المنظّرون، الذين قد يكون بينهم من الأذكياء من استعملوا ما وهبهم الله من الذكاء في أعلى الشرور فتكًا بالعقول، ثم مخدوعون مسيّرون يبذلون المال لهؤلاء ليجندوا من شباب الأمة أسخفها عقولاً، وأقلّها علمًا بدينها، ليتّخذوا منهم حطبًا لجهنم، ووقودًا لحرب على الإسلام وأهله، ولا نستبعد أن يكون وراء ذلك هيئات ودول لها مصلحة أن تصبح أوطان المسلمين نهبًا لأهل كل شر، وهذا ظاهر فيمن يملكون من الأدوات والوسائل ما يوقف هذا البلاء فورًا من القوى العالمية والمهيمنة، ولكنها لا تفعل، أمّا أن تأتي مجموعة تنسب نفسها زورًا للعلم الدّيني، ويزعم أفرادها أنهم الدعاة إلى الخير، وتجدد خطابًا كان من أسباب فرقة المسلمين عبر العصور، بادّعاء فئة قليلة أنها وحدها من تعلم حقيقة الإسلام، وهي التي على الحق والسنّة، وما سواها من المسلمين على باطل، هي الناجية وحدها من النار، وسائرهم إليها سائرون، وتلك قضية ليست ببعيدة عن قضية الدواعش الذين يرون أن سائر الأمة -حكامًا ومحكومين- قد ارتدّوا وهم من سيعيدونهم إلى الاسلام، وتسيل الدماء، وتُرتكب المحرمات، وتُنتهك الأعراض، ويُستولى على الأموال، وهو بلاء يتجدد في هذه الأمة بسبب دعوات كهذه. وحتمًا أن كل معصية لله وراءها الشيطان، ولكن أشد الشياطين حرصًا على إيقاع الناس في المعاصي هم أعوان الشيطان من البشر، فشياطين البشر الدّاعون لمثل هذا هم مَن صنعوا البدعة الحقيقية، فأنشأوا جماعات البغي، وأسموها جماعات إسلامية، وقسموا المسلمين إلى تيار إسلامي، وآخر غير إسلامي، أو لا ينتمي إلى الإسلام، وهم عامة المسلمين فأشاعوا في بلاد المسلمين هذه الفوضى التي تتعاظم، ويُراد منها ألاّ يبقى من أوطان المسلمين وطن سالم، فهلّا كفّوا عن هذا؟ هو ما نرجو والله ولي التوفيق. alshareef_a2005@yahoo.com
مشاركة :