ماذا لو فصلنا كل الموظفين - د. صفوق الشمري

  • 11/12/2013
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

يقول عالم الاجتماع الشهير سان سيمون (لنفترض أن فرنسا فقدت، بشكل مفاجئ، أهم خمسين عالما في الفيزياء، وأهم خمسين كيميائياً، وأهم خمسين طبيباً وعالماً رياضياً، وشاعراً ورساماً وموسيقياً وأديباً ومصرفيا.. الخ فإن الأمة عندما تفقدهم ستصبح جسداً لا روح فيه! وهي على الفور ستسقط في وضع متدنٍ بين الأمم التي تعاملها اليوم معاملة الند للند! عند هذا ستحتاج فرنسا إلى ما لا يقل عن جيل بكامله لكي تعوّض هذه الكارثة التي حلت بها! لكن لنفترض أن فرنسا قد احتفظت بكل العباقرة في العلم والفن والحرف، لكنها في المقابل فقدت في اليوم نفسه جميع الموظفين الحكوميين فإن ذلك سيحزن الفرنسيين لأنهم طيبون وسيسبب لهم الشجن ولكنه لن يوثر في فرنسا ولن يضر البلد! لأن هناك من سيحل مكانهم بسهولة). دائما ما يطرح السؤال التالي: ما هو رأس المال الذي لا يخسر أبدا؟ الإجابة ببساطة رأس المال البشري وبعضهم يسميه رأس المال العقلي! لكن السؤال الأهم هل فعلا نعتني برأس مالنا؟! نشرت مجلة فوربس عشرة أسباب لرحيل الموهوبين: عدم تحفيز طاقاتهم الفكرية. عدم الاستفادة من إبداعاتهم. عدم تنمية مهاراتهم. عدم إثارة حماسهم. عدم إتاحة الفرصة للتعبير. عدم الاهتمام باحتياجاتهم. عدم منحهم مزيدا من المسؤولية. غياب القيادة الفاعلة. عدم تقدير إسهاماتهم. عدم الوفاء بالوعود. من هذه القائمة نكتشف أن الاحتياجات المادية لا تشكل إلا 1من 10 من أسباب رحيل الموهوبين لكن الأسباب الأهم هي عدم التقدير وعدم الوفاء بالوعود وغياب القيادة الفاعلة، وعدم الاستفادة من إبداعاتهم. فالموهوب يستطيع العيش بدخل مادي بسيط لكنه لا يتحمل أن توأد أفكاره وتحطّم إبداعاته فذلك يقتل روح الإبداع لديه! ومنه نستنتج أن عذر غياب الإمكانات الذي يتحجج به البعض في العالم العربي هو غير منطقي لتفسير هروب الموهوبين العرب إلى الخارج ولكن السبب الحقيقي هو العقلية والإجراءات. أسباب إهمال الإبداع في العالم العربي يرجع لعاملين الجهل أو سوء النية! الجهل يرجع لأن عقلية المسؤول لا تتقبل الإبداع فهو لا يتقبل أن الموهوب تختلف طريقة تفكيره عن البقية (وإلا لما كان موهوبا) بينما بعض المسؤولين يريد البقية أن تكون نسخة مكررة منه! أو انه يجهل التعامل مع الإبداع فيحاول معاملته نفس الآخرين لاعتقاده أن هذا من العدل فيقوم بتكبيله بالبيروقراطية القاتلة والاجراءات المعقدة! أما العامل الثاني فهو سوء النية :فبعض المسؤولين يعتقد أن الموهوب ربما في يوم من الأيام قد يأخذ مكانه أو انه قد يحصل على الثناء ما يحجم صورة المسؤول امام رؤسائه فيحاول التخلص من الموهوبين حتى يبقى دائما في الصورة وكأنه يحاول الالتصاق بالكرسي إلى ما لا نهاية! هم لا يعلمون أن عبقريا واحدا ممكن أن يغير مستقبل أمة بينما مليون موظف سيديرون ما يفعله العبقري فقط! أديسون غيّر حياة البشرية من خلال 1090 اختراعا من اختراعاته جعلت أمريكا المتصدرة للصناعات في العالم لعقود بينما مر على العالم ملايين المهندسين الجيدين الذين كانوا يعيدون ما تعلموه من أديسون لكن دون أن يخترعوا! الموهبة والعبقرية مثل الالماسة الكبيرة النادرة لا تجدها في أي مكان لكن عندما تجدها فهي تحتاج لجواهرجي ماهر لصقلها حتى تشع النور ويستمتع برؤيتها بقية العالم..

مشاركة :