قطع الحبل السري خلال الدقائق الأولى بعد الولادة هو فعل شائع، موافق ومعلن عليه طبيًّا. ولكن، تبعًا لموقع صحيفة «لو موند» الفرنسية، هناك منشور شاركه روّاد مواقع التواصل الإجتماعي آلاف المرّات ومفاده: «لا يجب قطع الحبل السري إلّا بعد ساعة من الولادة»، ونسب هذا النصّ لـ«طبيب مخضرم». وتمّ تقديم سببين رئيسين لدعم الرأي أعلاه: الحبل السري يوفّر للمولود الجديد الأكسجين والعناصر الغذائية. وقطع الحبل السري مباشرةً بعد الولادة سيؤذي «مناعة الطفل الطبيعيّة». ويكمل أصحاب هذه النظريّة والتي يمكن العثور عليها أيضًا في العديد من المواقع الإلكترونية والمنشورات الأخرى على وسائل التواصل الإجتماعي، أنّ قطع الحبل السري في الدقائق التالية للولادة ليس له أي مبرر طبي، إلّا التأكّد من أن الولادة «انتهت في أسرع وقت ممكن». هذه النظريّة خاطئة! فوجئ الإخصّائيّون الذين سُؤلوا عن هذا النصّ. واستهلّوا حديثهم مؤكّدين أنّ هناك إجماع علمي على إلتقاط الحبل السرّي أي وضع ملقط لوقف تدفّق الدم قبل قطعه خلال الدقائق الأولى. حتّى بدايات الـ2000، القواعد الطبيّة كانت تفرض القيام بقطع الحبل السري خلال الثواني الـ60 الأولى بعد الولادة. ولكن المنظّمة العالميّة للصحّة لم تعد تشجّع على هذا التدخل المبكر، وأوصت في الـ2014، أن يتم قطع الحبل بعد 3 دقائق من كل أنواع الولادات. ووفقًا للمنظّمة العالميّة للصحّة، فإنّ المحافظة على تدفّق الدم بين المشيمة وحديثي الولادة خلال هذا الوقت المحدّد قبل قطع الحبل السري، يساعد بالفعل على «تحسين معدّل الحديد لدى الرضيع خلال الأشهر الستة الأولى بعد الولادة ». التأخّر في قطع الحبل السري أكثر من بضعة دقائق أمر يثير تفاجؤ الإختصاصيّين. وأكّد عضو اللجنة العلمية للكليّة الوطنيّة للقوابل في فرنسا، لوران غوشيه «ليس هناك، على حدّ علمي برهان علمي للتوصية بالإنتظار«على الأقلّ ساعة»».وهذا ما وافق عليه أيضًا، طبيب حديثي الولادة فيليب فوفان. فعلى سبيل المثال لا يوجد أي صلة بين التأخّر بقطع الحبل السري ومناعة الطفل. وفي الحالتين، يتوقف تدفق الدم في الحبل السري من تلقاء نفسه بعد بضعة دقائق، وتنتهي بذلك وظائف التبادل مع مشيِمة الأم. وبدوره أكّد رئيس قسم الولادة في مجموعة مستشفيات «دياكونيس كروا» في باريس، تييري هارفي أنّ : «عندما يسير كل شيء على ما يرام ، يمكننا الانتظار قليلاً قبل لقط الحبل السري، لكننا نتحدث عن بضع دقائق لا أكثر». ويذكّر أيضًا انّ شروط الإنتظار لا يمكن إتّباعها دائمًا: حوالي 20٪ من الولادات تتم بعملية قيصرية وحوالي 15٪ عن طريق الاستخراج بواسطة معدّات. لذلك لا يوصى بالانتظار لمدة ساعة قبل قطع الحبل. فعلى العكس هذا الإنتظار يزيد المخاطر على الأم والمولود الجديد. بدءًا من نزيف ما بعد الولادة (تفقد امرأة واحدة من كل عشرين امرأة أكثر من نصف لتر من الدم) وصولًا إلى النزيف الخطر الذي يعدّ السبب الرئيسي لوفيات الامّهات (16%) والذي يمكن تجنّبه بنسبة 80%.
مشاركة :