بغداد: حمزة مصطفى في حين التقى وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو، المرجع الشيعي الأعلى آية الله علي السيستاني، وزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، في النجف، أمس، اعتبر مقرب من المرجعية الدينية الشيعية في مدينة النجف أن تركيا «تتحمل مسؤولية كل ما يجري في المنطقة من فتن طائفية وغيرها». وأكد داود أوغلو في اليوم الثاني من زيارته إلى العراق سعي بلاده إلى العمل مع العراق للقضاء على الفتنة الطائفية فيه. وقال الوزير التركي في مؤتمر صحافي مشترك عقده مع زعيم التيار الصدري إن «لقاءاتنا مع القادة السياسيين ورجال الدين في العراق كانت مثمرة وسنعمل معا لوأد الطائفية في المنطقة»، معربا عن أمله «باستمرار مثل هذه اللقاءات». ووصف وزير الخارجية التركي لقاءه بالصدر بـ«المثمر والبناء، وبحثنا خلاله العلاقات الثنائية بين البلدين». من جانبه، قال زعيم التيار الصدري الذي رحب بزيارة داود أوغلو إلى العراق ولقائه به، إن «الزيارة مهمة لتوطيد العلاقات بين شعبي وحكومتي البلدين، وتحقيق الاستقرار الأمني في العراق والمنطقة». في السياق ذاته، قال وزير الخارجية التركي عقب لقائه السيستاني إن المرجع الشيعي دعا جميع السياسيين في المنطقة إلى «منع الفتنة الطائفية». ووصف داود أوغلو السيستاني بأنه «ذو حكمة بالغة وعقل سليم». وأضاف داود أوغلو الذي كان قد زار ضريح الإمام علي بن أبي طالب: «لقد سررنا بزيارة آية الله علي السيستاني ذي الحكمة البالغة والعقل السليم، فلقد استفدنا من اللقاء، إذ إن السيستاني هو عالم نكنّ له كل الاحترام، ونقدر جهوده في مكافحة الفتنة الطائفية»، مشيرا إلى أن «السيستاني دعا جميع السياسيين في المنطقة إلى منع الفتنة الطائفية». وتابع أوغلو أن «شهر محرم يدعونا إلى الوحدة، ونحن عازمون على العمل مع العراق من أجل وحدة المنطقة برمتها»، لافتا إلى أن «المبادئ التي كان يحارب من أجلها الإمام الحسين هي مبادئنا»، ومعربا في الوقت ذاته عن أمله في أن «لا تتكرر حرب كربلاء على العالم الإسلامي، وبأن يكون المسلمون متحدين». وأشار داود أوغلو إلى أنه نقل «سلام رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء وسلام 75 مليون تركي إلى السيستاني، ونحن ممتنون للسيستاني على هذا اللقاء الجميل والمفيد، وسننقل سلامه إلى الشعب التركي». من جهته، حمّل الأستاذ في الحوزة العلمية والمقرب من المرجعية الدينية في النجف حيدر الغرابي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» السياسية التركية مسؤولية كل ما يجري في المنطقة، قائلا إن «تركيا ضالعة جدا في كثير من القضايا التي تشكل مصدر ضرر للعراق والمنطقة، بل هي ملجأ لكثير من المجاميع المسلحة والجماعات الإرهابية». وحذر الغرابي من «تلوّن السياسة التركية التي تريد الآن أن تقدم للعراق العصا والجزرة، وتريد الآن أن تعيد تأهيل (نائب الرئيس العراقي المحكوم بالإعدام والمقيم في تركيا) طارق الهاشمي كجزء من حملتها إزاء العراق وانفتاحها عليه». وبشأن موقف المرجعية الشيعية، خصوصا على صعيد مساعي وأد الفتنة الطائفية التي تحدث عنها داود أوغلو في النجف، قال الغرابي إن «أوغلو لم يأتِ بشيء جديد، وإن المرجعية لا تتدخل في التفاصيل، وإن دورها لا يتعدى حدود التوجيه والإرشاد، والأهم من ذلك الحياد، حتى لا تكون طرفا في مسائل لم تكن مسؤولة عن أي منها». وأشار إلى أن «تركيا تعمل على زيادة حجم صادراتها إلى العراق واستثماراتها، فضلا عن الهيمنة في الجانب السياسي من خلال الأكراد وحزب العمال الكردستاني، ولذلك فإن العراق بمثابة الورقة الرابحة لهم». بدوره، يرى عميد كلية النهرين للعلوم السياسية في بغداد الدكتور عامر حسن فياض، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «زيارة داود أوغلو إلى العراق تعد بمثابة تراجع إلى الوراء بالقياس إلى ما كان مقررا لتركيا، وبالتالي فإنها مضطرة اليوم لإعادة التفكير أكثر من مرة إزاء العراق». وأضاف فياض أن «لدى تركيا ورقة واحدة للعراق هي المياه، بينما لدى العراق أربع أوراق لعب، هي النفط. والاستثمار. والتجارة. والكرد والتركمان وبالتالي، فإنه وعقب الصفعات التي وجهت لتركيا في مصر، والآن في سوريا، فإنه يدعوها لإعادة النظر فيما سمته من قبل سياسة تصفير الأزمات، وهو ما جعلها تعود إلى العراق حتى لا تضيع فرصتها مع العراق». وردا على سؤال حول ما يتوجب على العراق عمله، قال فياض إن «العراق بحاجة إلى اتباع سياسة كسب الأصدقاء وتحييد الخصوم»، داعيا الساسة العراقيين إلى أن «لا يعتبروا تطور هذه العلاقة مع تركيا على حساب الشركاء الأكراد بحيث عليه أن لا يعطي رسالة سلبية للأكراد في هذا المجال».
مشاركة :