ثورة على «الأنا» و»الآخر»

  • 7/31/2015
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

ربما يكون مصطلح الأنا والآخر، هو الأكثر تداولاً في كتابات النقد المقارن، أو تلك الكتابات ما بعد الكولونيالية، وربما يكون المفكر العربي إدوارد سعيد، من أبرز من استخدموا هذا المصطلح في كتابه الاستشراق، وقد مثل (الآخر) دائماً في الدراسات النقدية البحتة، فئة الأغيار، حيث الغيرية هنا، هي ذلك المنطق الإنساني الذي يفسر الأدوار والعلاقات والانعكاسات المتبادلة بين الطرفين، (أنا و آخر)، فأمريكا على سبيل المثال، هي بلاد شاسعة، تقوم بنية السكان فيها على تعدد الجنسيات، ومنتجو الثقافة في هذا البلد، هم أمريكيون، وإن كانوا ينتمون في الأصل إلى بلدان وشعوب مختلفة، والآخر في المجتمع الأمريكي، كما يكتب الجزائري طارق بوحالة ارتبط بفئة السود، وهي فئة من مكوّنات المجتمع الأمريكي، وهي آخر بالنسبة إلى البيض، ولايزال هذا التصنيف موجوداً إلى اليوم، حيث يرجع هذا التمييز إلى وجود أنساق ثقافية خفيّة لاتزال هي المؤثرة في بناء شخصية الأمريكي الأبيض. اكتسب هذا المفهوم دلالاته، من ذلك التناقض الواضح في المكتسبات والحقوق، هذا في التعبير الأدبي المثقف، لكنها في واقع الأمر، ومن حيث الفهم ما بعد الكولونيالي، كما روجها إدوارد سعيد، تقوم على فكرة نفي الآخر، وتحجيمه، وربما النظر إليه بعين الشك والريبة. درس المختصون، في الأدب المقارن هذا الموضوع، تحت عناوين مختلفة، من بينها صورة الآخر في الآداب الغربية، هذا الآخر الذي كان من لون مختلف، أو عرق مختلف، أو حضارة مختلفة من حيث الفهم والتوجهات والمنطلقات الاجتماعية والفكرية. في الساحات الثقافية العربية، برز هذا مصطلح الأنا والآخر في أدبيات كثيرة، لعل أكثرها صرامة، هو ذلك النسق الذي يرى الآخر، هو الأقل شأناً، وهو الطارئ، وربما من يخلخل الثقافة، لهذا البلد أو ذاك. ومع انتشار الآداب، على نحو كبير ودخول المرأة معترك الحياة السياسية والثقافية والحضارية والأدبية، تشعب المصطلح، لتتناسل مصطلحات ثقافية جديدة. لا ننكر أن هذا المصطلح، موجود ومتداول، في الثقافات جميعها، شرقية وغربية، كما أن هذا المفهوم غالباً ما يجيء تحت توصيفات عدة أكثرها قسوة، هو من يرى الأنا منتجاً ثقافياً أصيلاً، والآخر طارئاً وثانوياً، وهو أحد مسببات ظهور هذا المصطلح في النسق الحضاري والاستشراقي، كما أشرنا سابقاً، وهو الذي يؤطر مختلف الدراسات السياسية والاقتصادية والفكرية في العالم. هل نحن بحاجة إلى تغيير مصطلحات ومفاهيم، هي في المحصلة النهائية، إنما تبرز نزعة التفوق، وهي نزعة مختلف عليها، في الدراسات المقارنة، حيث الآخر دائماً، هو الأقل شأناً وميزة؟ هل نحن بحاجة إلى ثورة جديدة في المفاهيم؟ لربما نعم، إذا ما آمن الجميع، بأن المشترك الإنساني والثقافي، هو ما يؤكد البعد الحضاري للأمم والشعوب.

مشاركة :