الإعاقة منحة ربانية تمنح الصبر، قبل أن تكون محنة تختبر قوة الشخصية وقدرتها على التحمُّل.. بهذه العبارة الغنية المعاني، دأب الطفل المواطن ظاهر محمد المهيري (11 عاماً)، على وصف حالته المرضية المعروفة طبياً بـالشلل الدماغي، الأمر الذي زرع فيه منذ سنواته الأولى الأمل والتفاؤل، وعزّزهما بإيجابية كبيرة حتى غدا، وفقاً لمتابعي صفحته الذين يزيدون على 30 ألف متابع على موقع التواصل الاجتماعي إنستغرام، سفيراً للإيجابية لنظرائه من ذوي الإعاقة أسوةً بالأسوياء. يطلّ المهيري الطالب المتفوّق في الصف الخامس بمدرسة الخليج الوطنية بدبي على متابعيه يومياً بموضوعات متنوّعة، تحمل نصائح ودروساً في رسائل مكتوبة، وأخرى مرئية، تتعلق بالإيمان، وتدعو إلى الشكر الدائم على النعم، وتدفع نحو التفاؤل والأمل، بعيداً عن اليأس والاستسلام: السعيد حقاً من كان مع الله، والأسعد من كان الله معه، وحارب المرض قبل أن يحاربك، وقدموا الجميل دائماً وسترون ما هو أجمل، واجعل ابتسامتك أول ملامحك مع إطلالة كل صباح، والابتسامة في وجه أخيك صدقة، وغيرها الكثير الذي استقاه من قراءاته المتنوّعة، التي يجد فيها ما يُنمي قدراته ويطوّرها كما يذكر. ولا يكتفي المهيري، الذي يجيد الكلام بشكل جيد جداً، بنشاطه على إنستغرام سفيراً للإيجابية التي جعلته يتعايش مع واقعه، ويتقبله بكل آلامه، بل يتعداها للعمل على التعاون مع جهات مختلفة في الدولة، لنشر الإيجابية، لاسيما بين صفوف ذوي الإعاقة، ممن يحتاجون إلى دعم أكبر وتشجيع أكثر، يمنحهم فرص الاندماج والتفاعل، ويخلق أمامهم أدواراً أشمل للعطاء والتعبير عن الذات وقدراتها الكامنة، ومن هذه المشاركات: الاحتفالات المدرسية، وفعالية سفراء الوطن، وملتقى العائلة بدبي، وفعالية لجمعية الإمارات لمتلازمة داون، التي تشير إلى مشاركاته في دبي، إلى جانب مشاركاته في أبوظبي، التي شملت لقاء مركز الأطفال المبدعين، واحتفالات اليوم الوطني. يحرص المهيري، أكبر إخوانه الثلاثة: التوأمان خالد وعبدالرحمن (10 سنوات)، وحمد (أربع سنوات)، بإيجابيته الكبيرة والدعم اللامحدود من والديه، على التغلب على الشلل الدماغي، الذي يؤثر بشكلٍ كبير في حركته، وذلك من خلال حرصه على تلقي العلاج الطبيعي، إلى جانب ممارسة هوايات تعينه على مقاومة آثار مرضه، كالسباحة وركوب الخيل والرماية. وتقول والدته مريم المهيري، التي ترافقه حالياً في رحلة علاج بألمانيا: وُلد ظاهر بمرض الشلل الدماغي، وهو مصطلح شامل يتضمن مجموعة من الحالات المرضية الحركية، التي تسبب عجزاً جسدياً أثناء النمو، وذلك في أجزاء مختلفة من الجسم. وأضافت: منذ أن كان ظاهر في عمر سنتين وهو يتلقى العلاج كل عام في الخارج، مع الاستمرار في العلاج الطبيعي، الذي ساعده على سرعة تقوية عضلات قدميه. واستطردت: وأخيراً حصل له (اعوجاج) بسبب قوة الشد في الرجلين، ما أدى إلى تحريك الجزء الأمامي من الركب من مكانها، وعليه قام بإجراء عملية دقيقة في هذا الجزء بالرجل اليمنى، وكذلك في أسفل القدم التي أصيبت هي الأخرى بالاعوجاج، ومن المتوقع أن تُجرى له العملية الثانية في الجزء نفسه بالقدم الثانية خلال أغسطس المقبل، وذلك لضرورة استقامة الرجلين في الوقوف وعند المشي بمساعدة الأجهزة إن شاء الله. وأشارت المهيري إلى أنه على الرغم من أنه لا يوجد علاج كلي للشلل الدماغي، وأن الإعاقة ستظل ترافقه، فإنه بالإمكان التخفيف من آثارها والحدّ من الإصابات التي قد تلحق به جرّاءها، وذلك من خلال اتباع علاجات حركية بشكل مستمر، واستخدام أجهزة تساعد على التقليل من هذه الإصابات، وذلك لكي يستطيع مستقبلاً القيام بالأمور الحياتية الضرورية بنفسه، ومن ثم تقليل الاعتماد على الغير كما يحرص دائماً. وتصف الوالدة بفخر ولدها ظاهر قائلة: ظاهر طفل حنون جداً ورقيق الإحساس ومحبوب من جميع أفراد أسرته، ويستطيع أن يندمج مع من حوله دون أن يشعر بأنه أقل منهم قدرة. ويعدّ وجوده بين أسرته مصدر إلهام لأفرادها وأنا منهم، إذ نتعلم منه الكثير من الطباع والصفات الجميلة، التي قلما توجد عند الأطفال الذين يساوونه في العمر.
مشاركة :