الخرطوم - قال مجلس السيادة الحاكم في السودان، الأحد، إن مسؤولين سودانيين سيبحثون مع مسؤولين أميركيين استبعاد بلدهم من قائمة أميركية للدول الراعية للإرهاب خلال زيارة لدولة الإمارات هذا الأسبوع. وتضغط الحكومة السودانية الانتقالية التي تتولى المسؤولية منذ الإطاحة بعمر حسن البشير العام الماضي من أجل رفع اسم السودان من القائمة الأميركية وهو الأمر الذي يعرقل قدرته على الحصول على قروض خارجية لمعالجة أزمة اقتصادية. وكانت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب رفعت في السادس من أكتوبر 2017، عقوبات اقتصادية وحظرا تجاريا كان مفروضا على السودان منذ عام .1997 ولم ترفع واشنطن اسم السودان من قائمة "الدول الراعية للإرهاب"، المدرج عليها منذ عام 1993، لاستضافته الزعيم السابق لتنظيم القاعدة أسامة بن لادن. ويشكل استمرار وجود السودان في قائمة الدول الراعية للإرهاب معضلة حقيقية في جهود انتشال هذا البلد من أزمته الاقتصادية، حيث تحول دون وصول الاستثمارات الأجنبية، وأيضا دون حصوله على مساعدات من المنظمات المالية الدولية. وقالت وكالة السودان للأنباء إن رئيس مجلس السيادة الفريق أول عبدالفتاح البرهان ووزير العدل نصرالدين عبدالباري ضمن الوفد الذي توجه، الأحد، إلى أبوظبي حيث يلتقي أولا مع مسؤولين إماراتيين لبحث قضايا إقليمية. وسيلتقي عبدالباري بعد ذلك مع مسؤولين أميركيين يزورون الإمارات لبحث استبعاد اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب ودعم الفترة الانتقالية وشطب الديون الأمريكية على السودان. وطرح وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو خلال زيارة في أغسطس، قضية إقامة السودان علاقات مع إسرائيل، وأبلغه رئيس الوزراء عبدالله حمدوك بأنه ليس لديه تفويض للقيام بذلك. وقامت الإمارات والبحرين بتطبيع العلاقات مع إسرائيل في اتفاقين توسطت فيهما واشنطن. وقال الرئيس الأميركي إنه يتوقع أن تحذو دول عربية أخرى حذوهما. وتعد العلاقات مع إسرائيل قضية حساسة في السودان الذي كان من ألد أعداء إسرائيل في العالم الإسلامي خلال حكم البشير. ولا يستبعد مراقبون أن يتم الطرق خلال المباحثات إلى إمكانية توقيع الخرطوم اتفاقية لتطبيع العلاقات مع إسرائيل، خاصة أن البرهان لا يمانع في التطبيع، ويعتقد أن هذه الخطوة ستساعد السودان على الخروج من الأزمة الاقتصادية والإنسانية الحادة التي وجد نفسه فيها. غير أن البرهان لا يمثل سوى المكون العسكري في الحكومة الانتقالية، حيث أن ممثلي المكون المدني في الحكومة، خاصة رئيس وزرائها يعارضون التطبيع مع تل أبيب، خوفا من الاحتجاجات الداخلية. وتواجه السلطات ضغوطا لإنهاء الأزمة الاقتصادية التي تفاقمت منذ الإطاحة بالبشير. ووصل معدل التضخم إلى نحو 170 في المئة الشهر الماضي، وتراجعت قيمة الجنيه السوداني وأعلنت الحكومة حالة الطوارئ الاقتصادية. ومنذ مجيئها بعد الإطاحة بنظام البشير في أبريل 2019 وضعت حكومة حمدوك جهود شطب السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب في مقدمة أولوياتها، وأبدت تعاونا كبيرا في مفاوضاتها مع الجانب الأميركي، لكنها ظلت تشدد على أن واشنطن تعاقب الشعب السوداني بجريرة النظام السابق الذي طالما اتهم بإيواء متشددين وإرهابيين من دول عربية مختلفة. وفي وقت سابق توصلت إدارة ترامب إلى اتفاق مبدئي مع الحكومة السودانية يقضي بأن تدفع الخرطوم تعويضات بقيمة 335 دولار لأسر ضحايا تفجيرات سفارتي الولايات المتحدة في نيروبي ودار السلام والبارجة "يو إس إس كول". وينص الاتفاق على أن يدفع السودان ما يصل إلى 10 ملايين دولار لكل أميركي و 800 ألف دولار لكل أجنبي من الذين قتلوا في التفجيرات، كما ينص على أن يحصل الأميركيون المصابون في الهجوم على تعويضات تتراوح بين 3 إلى 10 ملايين دولار مقابل 400 ألف دولار لحاملي الجنسيات الأخرى. وعلى الرغم من انتقاد التسوية من ناحية عدم مساواتها بين الضحايا وتمييزها للأميركيين عن غيرهم، إلا أنها وجدت أخيرا قبولا من الجميع خصوصا في ظل الانتظار الطويل الذي بلغ عقدين من الزمان. وقالت مذكرة مرسلة للكونغرس وتحمل توقيعات 80 من ممثلي أسر الضحايا إن اتفاق التسوية ورغم السلبيات التي تحيط به إلا أنه يعتبر مقبولا ويوفر العدالة للضحايا. وتمر الحكومة الانتقالية السودانية بفترة حرجة وتواجه صعوبات اقتصادية ضخمة بسبب إرثها ديونا خارجية تزيد عن 60 مليار دولار إضافة إلى قيود كبيرة تمنعها من الاستفادة من أطر التعاون الدولي بسبب العقوبات الناجمة عن إدراج السودان في قائمة الدول الراعية للإرهاب.
مشاركة :