د. أمل مصطفى تكتب: أبجدية العطاء.. وخرافة التضحية

  • 9/22/2020
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

كل شيء طاقة، كل طاقة حركة، كل حركة حياة، هكذا هو الكون منذ الكلمة الأولى، في حالة دائمة من الحوار الكوني، التبادل الهارموني لا يبني شيئًا، لا يهدم شيئًا، تكامل سيمفوني في الصوت والصورة، عبر الذبذبات التي تعزف في جسد الكائن البشري، في خلايا الشجر، في قلب الحجر، لا يوجد أي شيء بدون ذبذبة، فهي التي تشكل، بقدرة الله سبحانه وتعالى، كل ما كان وسيكون في الأراضي السبع والسموات السبع.إذن كل شيء مرتبط بالآخر، كل شيء يعيش على وجود الآخر، كل شيء ليس له معنى إن غاب الآخر، الآخر في واقعه، ليس إلا امتداد لوجود الذات، والذات هي المفردة التي خلقها الله، لتعبر عن نفسها وتقوم بدورها ومهمتها، لا وجود لأي شيء بدون معنى.إن التبادل هو أحد القوانين الكونية، البعض يسميه قانون العطاء والبعض الآخر يسميه قانون الأخذ والعطاء، وأنا أسميه الفيض الروحاني الذي يدير كل ما حوله ويؤثر فيه ويحوله إلى حالة من حالات الحب بل العشق.بالنسبة لبعض الناس كلمة عطاء تعني التضحية لكن هناك فرقًا كبيرًا بين العطاء والتضحية، العطاء مبني على رغبة حقيقية في مساعدة الآخرين، أما التضحية تأتي من الخرافة التي تقول إنه «لكي تعطي شيئًا للناس، عليك أن تحرم نفسك منه أولًا». هذه الخرافة منتشرة بشدة، لكن العطاء يفيدك أنت من أجل رضاك أنت، لكنك قد تسأل أليس هذا أنانيًا، نعم إنه كذلك لكن على مستوى أعمق، أنت تخدم مصالحك الشخصية عن طريق مساعدة الآخرين.يعتبر العطاء أمر صحي، فالطبيعة دائمًا تعطي الأشياء بشكل مستمر وتجدد نفسها، إن الشجرة تطرح أوراقها، وجسمك يطرح جلده، والشمس تخرج الحرارة منها، كما ترى تعددت وتكاثرت، الأشياء في الطبيعة بدون أن تموت وتجدد نفسها فإن النظام البيئي سوف يتداعى، إنه يصبح عائقًا في طريق سلامته ونموه عندما نتمسك بشيء ونحاول منعه من الزوال، ونرفض أن نتركه فإننا نصبح عقبة أمام أنفسنا لذلك أنس مبدأ التضحية مع الحرمان واستبداله بمبدأ «يجب أن تعطي لتعيش».في أغلب الأحيان، عندما يعطي الناس شيئًا، فإنهم في عقولهم يتوقعون شيئًا قيمًا في المقابل، قد لا يتوقعونه في نفس اليوم أو في الغد، ولكنهم يتوقعونه في وقت المستقبل إنهم يعطون لكي يأخذون ليس من الحياة، ولكن من الشخص نفسه الذي أعطوه لكن هذا خطأ لأنه لا يوجد حاجة لأن نحسب كل شيء نعطيه للناس.عليك أن تفهم، عندما تعطي سوف تزودك الحياة دائمًا بما تريده، لذلك، لا تقلق على الذي ستعيده من الآخرين عندما تؤمن بهذه الفكرة، فستجد نفسك تعطي بدون أن تنتظر مقابلًا، سوف يكون الأمر كمثل الوردة التي تمنحك السعادة وأنت تنظر إلى لونها الأحمر أو تشم رائحتها سوف يصبح العطاء جزءًا من طبيعتك، سوف تعطي لمجرد الشعور الجميل بالعطاء.«اعط ما لديك من مصادرك ومواهبك وقدراتك لكي تصنع فرقًا في حياة الآخرين، كن كريمًا هذا هو الطريق لحياة أكثر إشباعًا ورضا».إن العطاء ، هو ما يساهم في تحقيق ما نحلم به من نجاح في السعادة والمال والنجاح، حيث إنه لا يمكن أن نحصل على المال دون أن نقدم المال، ولا يمكن أن نحصل على النجاح دون أن نعمل على إنجاح الآخرين، ولا يمكن أن نحصل على الحب دون أن نمنح الحب، وبدون مقابل. أجمع الحب في قلبك، وتنفسه بأنفاس المحبة، وأطلقه إلى السماء، سوف يذهب بعيدًا، ليأتي إليك أضعافًا مضاعفة، جرب ذلك بنية صادقة،جربه الأن..

مشاركة :