واصلت دائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي الأسبوع الماضي تنظيم سلسلة «حوارات الثقافة للجميع» الافتراضية، مع جلسة حوارية معمّقة حول تطور صناعة الأفلام في دولة الإمارات العربية المتحدة ومستقبلها في عالم ما بعد «كوفيد 19». أقيمت الجلسة تحت عنوان «حوارات الثقافة للجميع: تصور المستقبل»، وتضمنت مناقشة مجموعة واسعة من المواضيع بين محمد خليفة المبارك، رئيس دائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي؛ والمنتج الهوليوودي المخضرم جايسون بلوم الحائز جائزة إيمي والمرشح لنيل جائزة أوسكار. تم بث الجلسة الحوارية عبر قناة أبوظبي للثقافة لدائرة الثقافة والسياحة - أبوظبي على «يوتيوب»؛ وغطت عدداً من الموضوعات المتنوعة والمهمة، بدءاً من المسيرة المهنية اللامعة للمنتج بلوم، وصولاً إلى الشعبية العالمية الراسخة لأفلام الرعب، والأزمة التي أثرت في عالم هوليوود بأكمله مع تفشي وباء «كوفيد – 19». أنتج بلوم عدداً من أنجح الأفلام السينمائية في الآونة الأخيرة. وكان يعمل رئيساً مشاركاً لقسم الاستحواذ والإنتاج المشترك لدى شركة «ميراماكس فيلمز» في نيويورك قبل أن يبادر إلى إطلاق شركته الخاصة متعددة المجالات «بلوم هاوس»، والمسؤولة عن إنتاج عدد من أفلام الرعب الاستثنائية التي تدعو المشاهد إلى التأمل والتفكير. من ضمن هذه الأعمال الفيلم المعروف عالمياً «نشاط خارق للطبيعة»، وكذلك امتيازات «حملة التطهير»، و«غدار»، و«سينيستر»؛ إضافة إلى عدد من الأعمال الناجحة الأخيرة مثل «أخرج» و«الرجل الخفي». وتفرغ بلوم مؤخراً لإنتاج الأفلام الدرامية مثل «ويبلاش» «وبلاك كلانزمان»، وترشح في كليهما لنيل جائزة أوسكار، إضافة إلى المسلسلات التلفزيونية مثل «النحس» الذي فاز بجائزة «أيمي» لأفضل عمل وثائقي. وأشار إلى أن سرد القصص لطالما كان جزءاً رئيساً من الثقافة الإماراتية قبل أن يتطور اليوم إلى الأشكال الحديثة من وسائل الإعلام. وقال: «كنا نروي القصص منذ آلاف السنين، وقد بدأنا بتحويلها إلى أفلام، وأعمال تليفزيونية، ومجلات رسومية، ورسوم أنيمي ومانغا – ونتطلع إلى استخدام جميع أشكال المحتوى لرواية قصصنا». وناقشت الجلسة الحوارية كذلك نمو قطاع الأفلام ذات الميزانية الصغيرة، والتي تدور برأي المبارك حول «السرد القصصي الضعيف والتأثيرات [البصرية] المريعة»، ما يجعلها لا تؤخذ على محمل الجد. ونجح بلوم بتغيير هذا النموذج من خلال إنتاج أفلام صغيرة الميزانية بمعايير رفيعة للغاية. وقال بلوم: أنا شخصياً أشعر بأن الفيلم يكون عرضة للفشل بمجرد إنفاق الكثير من المال عليه. فالمخرج يركز كثيراً على المؤثرات الخاصة والحركات الجريئة ناسياً جانب السرد القصصي؛ ما يجعل الفيلم يتخذ منحى المبالغة، وغنيٌ عن القول أن مرتادي السينما يهتمون بالدرجة الأولى بجانبي الأداء والسرد القصصي، وما عدا ذلك يعد من الكماليات. وخلص بلوم إلى أن أفلام الرعب تعد الوسيلة المثلى لإنتاج أفلام مستقلة وصغيرة الميزانية تجذب قاعدة جماهيرية واسعة، وقال: لست بحاجة إلى الكثير من المال لصنع فيلم مقنع للغاية، كل ما تحتاجه سيناريو رائع وممثلون رائعون لتشويق المشاهد وجذبه. وانتقل الحديث إلى ازدهار قطاع السينما العالمي مع بزوغ نجم عدة أفلام من كوريا وألمانيا وبلدان أخرى تتحدى تفوق هوليوود في قطاع السينما. وقال المبارك على الرغم من أن كل بلد وصانعي أفلامه قد يستمدون إلهامهم من هوليوود، إلا أنهم يضيفون أيضاً بصمتهم أو هويتهم الخاصة إلى الأفلام التي يصنعونها. واستشهد بفيلم التشويق النفسي زنزانة للمخرج الإماراتي ماجد الأنصاري، والذي جسد على حد تعبيره حالة توازن جميل بين الثقافة العربية والسمات المستوحاة من هوليوود. وتحدث المبارك عن أفلام الرعب وجاذبيتها بالنسبة للثقافة الإماراتية، حيث ينطوي الفولكلور المحلي على الكثير من القصص الشيقة حول كائنات خارقة للطبيعة، معرباً عن أمله أن تتحول بعض هذه القصص إلى أفلام في المستقبل. وقال بلوم: ما يتمحور حوله فيلم الرعب ليس الرعب بحد ذاته، فالجمهور لا يتطلع إلى الشعور بالإحباط، بل يتطلع إلى الخوف بمعناه الحقيقي، والطريقة المثلى لإخافة شخص ما هي التفكير في ما يختلجه من مشاعر بين كل هذه المخاوف التي يعيشها. وفي إشارة إلى الوضع الراهن الذي فرضته جائحة كوفيد – 19، وجه المبارك سؤالاً إلى بلوم عما إذا كان يرجح عودة الناس بأعداد كبيرة إلى دور السينما بمجرد انتهاء الأزمة، أم استمرارهم بمشاهدة الأفلام عبر الإنترنت في المنزل. وأجاب بلوم بأن الجائحة ستحدث تغييرات جذرية في مجال السينما بطريقتين: أولاً، ستؤثر التجربة المزعجة، والمتمثلة في إجبار الناس على البقاء في المنزل وارتداء الأقنعة، في محتوى السرد القصصي للأفلام. وثانياً، سيعود الناس إلى دور السينما ولكن بشكل مختلف، حيث سيكون لديهم المزيد من الخيارات ولكنها أقصر من حيث فترات العرض. وفي ختام حديثه، وجه بلوم رسالة إلى جميع صنّاع الأفلام الشباب قال فيها: إياكم أن تفقدوا الأمل أو الإلهام، سينتهي كوفيد – 19 ويعود العالم إلى ما كان عليه. وطلب منهم عند التفكير في قصة يقدمونها محاولة العثور على قصة قريبة من القلب تعرفون الكثير عنها؛ والأهم من ذلك محاولة جعلها مخيفة، فهذا يجعلها تستقطب مشاهدات أكبر، وبالتالي تحقق حافزاً أكبر لإنتاج المزيد. تابعوا فكر وفن من البيان عبر غوغل نيوز طباعةEmailفيسبوكتويترلينكدينPin InterestWhats App
مشاركة :