لم يكن أمام المجس الفضائي فيلة متسعاً من الوقت لإنجاز مهامه بعد أن هبط بصعوبة على سطح مذنب، إلا أن المعلومات التي جمعها جعلت العلماء يعيدون التفكير في نظرتهم لهذه المذنبات. ويشارك المجس الفضائي فيلة المسبار رشيد في مهمة مضى عليها عشر سنوات لاستكشاف المذنب 67 بي/تشوريموف-جيراسيمينكو، فيما يعمل المسبار رشيد - وهو المركبة الفضائية الأم في هذه المهمة - كمحطة تقوية للاتصالات. وهبط المجس فيلة - وهو معمل فضائي يعادل في حجمه البراد على سطح المذنب- في 12 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي متوجاً أول إنجاز تاريخي من نوعه. وكان المجس - في أول محاولة للهبوط على مذنب بسرعة 135 كيلومتراً في الساعة - قد قام بمناورة مبدئية لتثبيت نفسه على جسم المذنب لكنه عجز عن ذلك بعدما ارتطم بالمذنب مرات عدة. ثم حاد المجس عن الموقع المحدد لهبوطه على سطح المذنب واتخذ موقعاً ظليلاً خلف صخرة ما يحول دون إعادة شحن ألواحه الشمسية أو يجري سلسلة من التجارب تستمر 57 ساعة. وقال ستيفن أولماك مدير مشروع المجس فيلة في المركز الألماني للفضاء إن المحاولات التي بذلها المجس حتى الآن للتواصل لاسلكياً مع المسبار رشيد قد باءت بالفشل. وأشار إلى أن رشيد يستكشف في الوقت الحالي ي النصف الجنوبي من المذنب ما يحد من فرص اتصاله بالمجس فيلة وربما تحسنت فرص الاتصال في الثامن من أغسطس/آب الحالي. ويعتقد أن المذنبات ليست سوى متبقيات تخلفت عن الوحدات البنائية الأساسية التي نشأت عنها المجموعة الشمسية قبل 4.6 مليار سنة، وربما تحمل في طياتها قرائن تهدي العلماء إلى كيفية وصول الماء والمواد الكيميائية التي تكونت منها الحياة إلى كوكب الأرض. ويحتفظ المذنب المكون من جليد وصخور بجزيئات عضوية قديمة تمثل كبسولة الزمن. وأوضحت سبعة أبحاث كيفية استغلال فيلة للوقت المخصص له لأداء مهامه. وقالت إحدى هذه الدراسات إن المجس أرسل إشارات لاسلكية التقطها رشيد على الجانب الآخر كشفت عن أسرار مثيرة للمكونات الداخلية للمذنب. وأوضحت الصور التي التقطها فيلة خلال اقترابه من المذنب، أن له تكويناً غير متصل، وصخوراً تعكس الضوء بدرجة عالية، وأن عوامل النحت والتعرية لعبت دوراً في تشكيل مظهر المذنب. وعجز فيلة عن انتزاع عينات من سطح المذنب لتحليلها، لكن اقترابه أثار موجة من الأتربة التي استقرت في نهاية المطاف على أجهزة لرصد المركبات العضوية، فيما قال العلماء إنهم رصدوا 16 نوعاً من المواد العضوية منها أربعة لم تكن معروفة من قبل أنها ضمن مكونات المذنبات. وأوضحت معلومات (فيلة) اكتشافات مذهلة عن تنوع سطح المذنب ويبدو أن الموقع المخصص لهبوط المجس مغطى بطبقة سمكها 25 سنتيمتراً من المواد ذات الحبيبات مع وجود طبقة أكثر صلابة في الأسفل. ويأمل العلماء بأن تساعد العينات التي سيجمعها المجس (فيلة) من المذنب البالغ طوله خمسة كيلومترات وعرضه ثلاثة كيلومترات في الإفصاح عن تفاصيل كيفية نشوء الكواكب وربما الحياة نفسها. وسفينة الفضاء الأوروبية روزيتا هي الاسم الغربي تيمناً بمدينة رشيد بدلتا نهر النيل بمصر التي عثر فيها على حجر رشيد الذي فك ألغاز اللغة الهيروغليفية. وفيلة اسم جزيرة بنهر النيل قرب مدينة أسوان بصعيد مصر حيث وجدت مسلة مصرية قديمة ساعدت أيضاً على فك شفرة اللغة الهيروغليفية. (رويترز)
مشاركة :