كانت علاقة الملك عبدالعزيز رحمه الله بأهالي الأحساء علاقة وطيدة قبل وبعد ضم الأحساء للدولة السعودية. فقبل ضم الأحساء كانت هناك مراسلات بين الملك عبدالعزيز وأعيان الأحساء وعلى رأسهم مفتي الأحساء الشيخ عبداللطيف الملا الذي تمت بيعة أهالي الأحساء في بيته بحي الكوت بالهفوف ، ومنهم أيضاً الشيخ عبدالله الجعفري والشيخ إبراهيم المبارك وآل القصيبي وغيرهم من أعيان الأحساء ، وكان يخبرهم في تلك المراسلات بانتصاراته في معاركه التي خاضها في سبيل توحيد البلاد وأحواله وما منّ الله عليه من فتوحات . وبعد ضم الأحساء لحوزة الدولة السعودية الثالثة في سنة 1331هـ توطدت العلاقة بين الملك عبدالعزيز وأهالي الأحساء جميعاً ، فبعد طرده للأتراك العثمانيين من الأحساء مكث فيها مدة ثلاثة شهور في تلك السنة ورتب فيها أميراً عليها هو ابنه عمه ورفيق كفاح دربه الأمير الشهم الذي لايخاف في الله لومة لائم الأمير عبدالله بن جلوي . وفي سنة 1333هـ جاء الملك عبدالعزيز لتأديب الخارجين عن طاعته وحدثت معركة كنزان المشهورة في منتصف شعبان من تلك السنة ،وجرح فيها الملك عبدالعزيز جرحاً بليغاً ، وقد شفاه الله بعدها ، وقد مكث في تلك السنة في الأحساء مدة ستة شهور . وبعدها توالت زيارة الملك عبد العزيز للأحساء في كل سنة أو سنتين حيث كان يمكث فيها حوالي الثلاثة شهور . وكان الملك عبدالعزيز يسكن طيلة إقامته في الأحساء في قصر السراج في حي الكوت حيث بني له قصر فيها سنة 1345هـ مكون من أكثر من طابق وكان يستقبل فيه المشايخ والأعيان والمواطنين من أهل البلاد ويقضي حوائجهم . وكان من عادته رحمه الله أنه يزور الأهالي ويتواصل معهم في منازلهم وفي مزارعهم ، ومن المزارع المشهورة التي زارها الملك عبدالعزيز للأهالي مزرعة باب الهوى للمانع ، ومزرعة المهرام للقصيبي ،ومزرعة المزرع للشيخ عبدالله الجعفري ، ومزرعة أبو ليله للجغيمان، ومزرعة مرضية لوزيره ابن سليمان وغيرها من المزارع . وكان يحرص رحمه الله أن تكون زيارته للأحساء مع أبنائه وبعض زوجاته وحاشيته وأن تكون في فصل الصيف حيث البساتين المثمرة بالفواكه كالرمان والخوخ والتين ، والنخيل المثمرة بأنواع الرطب . وكان يأنس بوضع كرسي له في إحدى مجاري أنهار الأحساء في تلك المزارع ، ومما يروى عنه أنه يقول : عندكم يا أهل الأحساء جنة الدنيا التي تجري من تحتها الأنهار ، ويقصد بذلك تلك المزارع التي تتخللها أنهار الأحساء العذبة . كما بنى له قصراً في إحدى المزارع وهي مزرعة الصقيهية بطرف الحقل ، وكان يدوام على زيارتها يومياً وتناول وجبة الغداء فيها مع الأمير عبدالله بن جلوي . وقد كان الأمير عبدالله بن جلوي يجلّ ابن عمه الملك عبدالعزيز ويحترمه احتراماً عظيماً حيث كان يقف على رأسه في جميع المجالس التي يحضرها الملك عبدالعزيز في الأحساء احتراماً وإجلالاً مع كونه أكبر منه سناً . وكانت آخر زيارة للملك عبدالعزيز للأحساء في سنة 1367هـ ، وكانت للاستشفاء في عين نجم المشهورة بمياهها الكبريتية ، حيث كان يعاني من مرض الركب . ويحدثني العم الشيخ عبدالرحمن عن خادم للملك عبدالعزيز وكان من أهالي الأحساء وقد كانت مهمته صب الماء لوضوء الملك عبدالعزيز في قصره في الأحساء أنه كان يشاهده طيلة إقامته في الأحساء يقوم الليل كله ويحييه في الصلاة والتهجد وقراءة القرآن إلى أن يؤذن للفجر . رحم الله الموحد الملك عبدالعزيز وغفر له ، وبارك لنا في عقبه وعلى رأسهم مليكنا خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان وولي عهده الأمين ، و أدام علينا نعمه ظاهرة وباطنة ، والحمد لله رب العالمين . د عبدالإله بن محمد الملارئيس قسم الشريعة والدراسات الإسلاميةبجامعة الملك فيصل بالأحساء
مشاركة :