نيويورك- تمر على الآباء والأمهات أحيان كثيرة يشعرون فيها بالإعياء والحيرة لمعرفة السّبل المثلى لتأديب طفلهم. وأكدت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) أن “ضبط النّفس ليس بالأمر الهيّن سواء أكنت تتعامل مع عويل طفل صغير أو مع مراهق غاضب. ولا يتمنى أي والد أو والدة أن يجدا نفسيهما في مواقف كهذه، ومع ذلك فإن الصّراخ والعنف الجسدي غير مجديين”. وأشارت إلى أنه لحسن الحظ هناك طرق أخرى مجدية أكثر وإحداها هي التأديب الإيجابي، وأوضحت أستاذة الإرشاد الاجتماعي للأطفال والأسرة بجامعة أكسفورد لوسي كلوفر، وهي أمّ لصبيّين صغيرين، “لا يحبّذ الوالدان ضرب أطفالهما أو الصّراخ في وجههم، لكننا نفعل ذلك حين نشعر بالإجهاد ولا نرى أمامنا أيّ وسيلة أخرى”. وقالت لليونيسف “لكنّ البرهان ساطع، الصراخ والضرب بكلّ بساطة غير مجديين وقد يتسبّبان في أذى أكبر على المدى الطويل. وقد يؤثر الصراخ والضرب سلبا في حياة الطفل كلّها. كما قد يؤدي الجوّ النفسي السام الذي يخلفه هذا الأسلوب إلى مجموعة من النتائج السلبية كارتفاع خطر ترك المدرسة، والاكتئاب، وتعاطي المخدّرات، والانتحار، وأمراض القلب”. وأضافت “الأمر أشبه بقول أحدهم لك ‘خذ هذا الدواء، إنه لن ينفعك، بل سيزيد من مرضك’. حين نوقن بأن أمرا ما غير نافع، فإن ذلك يعطينا سببا وجيها للبحث عن طرق أخرى”. وبدلا من العقاب ومن الأشياء التي لا ينبغي فعلها، يركّز أسلوب التأديب الإيجابي على تنمية علاقة إيجابية مع طفلك وعلى إفهامه ما هو المطلوب منه حيال سلوكه. وتعدّ الخلوة أمرا مهما لبناء أي علاقة جيدة فما بالك حين تكون العلاقة هي تلك التي تجمعك بطفلك. الطفل وقالت كلوفر “من الممكن أن يكون ذلك لعشرين دقيقة في اليوم. أو حتى لخمس دقائق. وبوسعك دمج الوقت هذا مع نشاطات كجلي الصحون سوية وغنائك لأغنية ما، أو التحدّث معه وأنت تنشر الغسيل. بيت القصيد هنا هو أنّ اهتمامك يجب أن يكون منصبا على طفلك. المهم حقا هو أن تركز على طفلك. أي أن تطفئ التلفاز، وتغلق هاتفك، وتنزل إلى مستواه وتختلي به”. وغالبا يركز معشر الآباء والأمهات على هفوات أطفالهم وقد لا يفوّتون فرصة للإشارة إليها. وقد يفهم الطفل ذلك على أنه سبيل إلى جذب انتباههم إليه، ما يديم من سلوكياته السيئة بدلا من أن ينهيها. ولا شيء يعطي الأطفال نشوة كالثّناء، فالمديح يجعلهم يشعرون بأنهم يحظون بحبّ أهاليهم وبأنّهم متميّزون. وتنصح كلوفر الوالدين قائلة “ترقّبا صدور فعل حميد عنهم وأثنيا عليه، حتى وإن لم يكن ذلك الفعل سوى لعبهم مع أخ أو أخت لهم لخمس دقائق. فمن شأن ذلك أن يحفّز السلوكيات الحميدة وأن يقلّل من الحاجة إلى اللجوء إلى معاقبتهم”. وأضافت كلوفر “إن إعلامك لطفلك بما عليه فعله بالضبط أجدى بكثير من إعلامك له بما هو ممنوع من فعله. فحين تطلب من طفلك ألا يثير الفوضى مثلا، أو أن يكون مؤدّبا، فإنك تصعّب عليه فهم ما عليه فعله بالضبط. أما الأوامر الواضحة كـ ‘لملم كلّ لعبك لو سمحت وضعها في الصندوق المخصّص لها’ فهي تفهمه تماما ما هو المطلوب منه، وتزيد من احتمال استجابته لطلبك”. وأوضحت “بيد أن من المهم أن تأمره بالمستطاع. فطلبك منه أن يبقى هادئا ليوم كامل مثلا هو طلب قد لا يطيقه مقارنة بطلبك منه أن يصمت لعشر دقائق لأنك تتحدث على الهاتف. أنت خير من يعلم قدرات طفلك، فلا تطلب منه ما يعجز عنه، لأنه حتما سيخفق حينها”.
مشاركة :