نجيب محفوظ: الحكَّاء الكبير (1-2)

  • 9/25/2020
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

«أجد سعادتي في الكتابة.. هي مهنتي التي أحيا من أجلها» نجيب محفوظ في هذه الحلقة الخامسة من سلسلة دراستنا عن (الخالدون في الرواية) نخصصها للحديث عن الروائي العربي أو الحكاء الكبير والمتميز نجيب محفوظ - رحمه الله. الحديث عن الكاتب التنويري الروائي والقاص نجيب محفوظ هو حديث متنوّع، حديث عن ثقافة جيل عربي رائد في الفكر والرواية والأدب، جيل مصري عربي تتلمذ نجيب محفوظ على رواده الأدباء والمفكرين مثل طه حسين وتوفيق الحكيم والعقاد والمازني ومحمد حسين هيكل رواد الرواية العربية، جاء نجيب محفوظ ليختزل تجربة محمد حسين هيكل في روايته الأولى «زينب» وطه حسين في روايته «الأيام» وتوفيق الحكيم في روايته الرائدة «عودة الروح» وعباس العقاد في روايته «سارة» والمازني في روايته «إبراهيم الكاتب» وهي روايات أو سير شخصية، استفاد منها نجيب محفوظ وتجاوزها في محتوى وتقنيات رواياته المتعمقة في أزمة الإنسان العربي وتحولات المجتمع المصري الاجتماعية والسيكولوجية والسياسية والثقافية والاقتصادية. قد لا أضيف جديداً عن نجيب محفوظ على ما كتبه أصدقاؤه مثل جمال الغيطاني ويوسف القعيد، ورجاء النقاش، ومحمد سلماوي وغيرهم، والنقاد مثل لويس عوض وغالي شكري وفوزية العشماوي وغيرهم. وما كتب عنه من رسائل ماجستير وأطروحات دكتوراه في مصر والعالم العربي ودول العالم باللغة العربية وباللغات الأخرى. إني اعتبر الروائي الكبير نجيب محفوظ أحد المؤثّرين على جيلنا السعودي من كتَّاب القصة والرواية منذ جيل الستينات وما بعدها، وأحاول في هذه الدراسة أن أضيء جوانب من حياة وإبداع محفوظ القصصي والروائي من خلال آراء أصدقائه الذين عرفوه وصاحبوه وكتبوا عن سيرته من زوايا متعددة وكانوا له مرايا عكسوا جوانب حياته وجماليات رواياته، وكذلك دارسو أعماله الروائية وتقنياته وأبطال رواياته، واربط فيما بينها لنكتشف سر جمال إبداعه وتميزه عن غيره وتعدد أعماله الروائية وثراءها وتنوّع أبطاله وتطور أسلوبه وتقنياته السردية عبر أجيال وسنوات تجاوزت الخمسين سنة بأكثر من خمسين عملاً روائياً وقصصياً ذات جودة فنية في المحتوى والشكل لتؤهله للحصول على نوبل في الأدب، ويكون أحد الخالدين في الرواية. على المستوى الشخصي، قرأت نجيب محفوظ مبكراً منذ أوائل السبعينات الميلادية وتابعت قراءات أعماله بالتدرج حسب مراحله التي مر بها، وتأثرت بلغته البيضاء وأسلوبه الساحر وتقنياته القصصية والروائية المتجددة، واستمتعت بها خلال حياتي الأدبية، فهو أحد المؤثّرين علي في كتاباتي القصصية. حياة نجيب محفوظ اسمه الكامل نجيب محفوظ عبدالعزيز إبراهيم الباشا المعروف بـ(نجيب محفوظ)، وأشار في أحد أحاديثه الإذاعية، إلى أن ولادته تعرضت لبعض الصعوبة وأشرف على ولادته طبيب اسمه «د. نجيب محفوظ» واعتمد اسمه كاسم له. ولد في حي الجمالية في القاهرة في 11 ديسمبر 1911 وتوفي في القاهرة في 30 أغسطس 2006. تزوج السيدة عطية الله إبراهيم عام 1954 وله بنتان هما فاطمة وأم كلثوم. (1) شهد نجيب محفوظ ثورة 1919 وهو ابن سبع سنوات، وكان لها تأثير في وجدانه وروحه الوطنية وأثرت في إنتاجه الروائي. حياته العلمية بدأ دراسته في الكتاب ثم أكمل تعليمه الابتدائي والثانوي، وبدأ اهتمامه بالأدب العربي في المرحلة الثانوية، وقد تأثر بالكاتب حافظ نجيب. والتحق نجيب في الجامعة عام 1930 وتخرَّج من قسم الفلسفة في كلية الآداب عام 1934، ودرس الماجستير في مجال الفلسفة وتوقف بعد عام، واحترف الكتابة الأدبية. (2) حياته العملية - عمل موظفاً إدارياً في جامعة القاهرة - عمل كاتباً صحفياً في جريدة الرسالة 1936 ونشر خلال هذا الوقت بعض القصص في جريدة الأهرام والهلال. - في عام 1938 -1945 عمل سكرتير وزير الأوقاف الإسلامية. - في 1945 تقدم بطلب نقل خدماته إلى مكتبة الغوري في القاهرة وأسس مشروعاً يُسمى «القرض الحسن» يقدم قروضاً للفقراء بدون فائدة. وساعده ذلك على التعرّف ومراقبة تلك المنطقة وسير الحياة فيها. - مدير لمكتب وزير الإرشاد. - مدير الرقابة على المصنفات الفنية في وزارة الثقافة. - في 1960 عمل مديراً عاماً لمؤسسة دعم السينما. - مستشاراً للمؤسسة العامة للسينما والإذاعة والتلفزيون. - آخر منصب له كان رئيس مجلس إدارة المؤسسة العامة للسينما (1966- 1971). - خلال هذه الفترة تعرَّف محفوظ على الأدب الغربي، حيث قرأ أعمال كونراد وشكسبير وابسن وبروست وستندال وغيرهم. (3) - بدأ بنشر روايته الثلاثية، بين القصرين 1956 وقصر الشوق 1957 والسكرية 1957 (وهي ثلاثية تتحدث عن ثلاثة أجيال، ابتداءً من الحرب العالمية الأولى حتى الحرب العالمية الثانية. وسوف نلقي الضوء عليها في حلقة قادمة بصفتها من أهم أعمال محفوظ الروائية وهي ساهمت في فوزه بجائزة نوبل في الآداب 1988. - في عام 1959 نشر روايته «أولاد حارتنا» نشرها في جريدة الأهرام على حلقات يومية. - بين عامي 1940 - 1980 تم تحويل أهم أعماله الروائية إلى أفلام سينمائية. - في عام 971 عرض عليه منصب في صحيفة الأهرام ككاتب عمود استمر يكتب عموداً أسبوعياً، وتنوَّعت كتاباته في عدة صحف حتى قبل وفاته. (4) أهم الجوائز التي حصل عليها - جائزة الدولة التقديرية عام 1968. - وسام الجمهورية من الطبقة الأولى 1972. - جائزة نوبل في الآداب 1988. - قلادة النيل العظمى عام 1989. - جائزة مبارك في الأدب، المجلس الأعلى للثقافة 1999. - العضوية الفخرية للأكاديمية الأمريكية للفنون والآداب 2002. - جائزة كفافيس 2004. أهم أعماله الروائية تميزت جميع أعمال محفوظ بالإبداع والتجديد ونعرض أهم الروايات والمجموعات القصصية: 1-أهم رواياته: (عبث الأقدار 1939 ، رادوبيس 1943 ، القاهرة الجديدة 1945، خان الخليلي 1946 زقاق المدق 1947، بداية ونهاية 1947، الثلاثية: بين القصرين 1956، قصر الشوق 1957، السكرية 1957، 1961، اللص والكلاب 1961، السمان والخريف 1962، ثرثرة فوق النيل 1966، ميرمار 1967، أولاد حارتنا 1968، الحب تحت المطر 1973، حكايات حارتنا 1975، ملحمة الحرافيش 1977، ليالي ألف ليلة 1982، العايش في الحقيقة 1985، يوم قتل الزعيم 1985، حديث الصباح والمساء 1987، قشتمر 1988)، 2- واهم قصصه: (همس الجنون 1938، دنيا الله 1962، بيت سيئ السمعة 1965، خمارة القط الأسود 1969، تحت المظلة 1969، حكاية بلا بداية أو نهاية 1971، الحب في هضبة الهرم 1979، رأيت فيما يرى النائم 1982، صباح الورد 1987، الفجر الكاذب 1988، أصداء السيرة 1995، أحلام فترة النقاهة 2004) 3- الأعمال السينمائية: حولت العديد من روايته إلى أفلام سينمائية أهمها (بداية ونهاية، اللص والكلاب، زقاق المدق، بين القصرين، الطريق، القاهرة 30، خان الخليلي، قصر الشوق، ثرثرة فوق النيل، ميرمار، السكرية، الحب تحت المطر، الكرنك، عصر الحب، قلب الليل). نجيب محفوظ درس الفلسفة وتشرَّبها، وبثها فكراً تنويرياً إنسانياً في أعماله وتناول الحرية والعلم والدين والتسامح. وجسد نجيب محفوظ في أدبه الروائي ما سميناه «التكامل بين الفكر والدهشة والمتعة» للقارئ، كما حدث في الأعمال الخالدة الكلاسيكية «الألياذة والأوديسة وألف ليلة وليلة» وخصائص أعمال «الخالدون في الرواية» التي تحدثنا عن تميزها في دراسات سابقة. في الحلقة القادمة سوف نتناول أهم المؤثِّرات على أدب نجيب محفوظ، وتميزه في أهم أعماله الروائية. ** **

مشاركة :