إضاءة / صناعة المستقبل... | ثقافة

  • 8/2/2015
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

كيف نصنع جيلاً واعياً له القدرة على أن يكون متواصلاً مع العصر ومتفاعلاً مع كل مجرياته ولغته وتطلعاته، وفي الوقت نفسه متصلاً بالماضي، غير منقطع عنه؟! هذا سؤال المستقبل، الذي من المفترض أن نسعى جاهدين من أجل الإجابة عنه ليس من خلال التنظيرات الإنشائية، أو الدراسات التي مصيرها الحفظ، أو الخطب المنبرية أو عقد الندوات والمحاضرات وإقامة الملتقيات. إننا- للأسف- نترك شبابنا تحت رحمة الأجهزة الالكترونية الحديثة، هي التي تربيهم وتزرع في وجدانهم المشاعر والقيم، من دون أن نكلف أنفسنا في ان نكون قريبين منهم، ومن ثم متابعة ما تبثه هذا الأجهزة- التي يستخدمونها بكثرة- من أفكار ربما لا تتناسب مع أحوالنا الاجتماعية، و بالتالي تنشأ أفكار شبابنا بعيدا عن مفاهيمنا، وفي حيز لا يساهم في جعلهم طاقات تبني مستقبل الوطن، ومن ثم يتم ترسيخ الكثير من الأفكار غير المفيدة في عقولهم، والتي من أبرزها الاتكالية، والمغامرة غير محسوبة العواقب، والبعد عن العلم والثقافة والمعرفة، لأن معظم هذه الأجهزة- التي في متناول أيدي شبابنا- تحتوي على برامج جاهزة إما للتسلية من خلال الألعاب الإلكترونية بكل أشكالها أو مواقع للتواصل الاجتماعي، أو أنها لعرض الأفلام وخلافه، وهذه الأمور لا تساهم أبدا في تنمية ملكة الابتكار وحب الاكتشاف، وبالتي ينشأ الشاب على التقليد والاتباع، والخمول والبحث عن كل شيء ترفيهي، والهروب من أي اتجاه يحتوي على فكرة جادة أو معرفة مفيدة. كما أننا في بداية تشكيل الطفل... ربما نتركه مع الخادمة، هي التي تشكل شخصيته، وتزرع في داخله حياته المستقبلية، وبالتالي ينشأ هذا الطفل، وقد أخذ مفاهيم لا تتناسب مع مفاهيمنا، وتربى على سلوك لا يستطيع من خلاله مواصلة الحياة وصناعة مستقبله، بأسلوب يخدم مجتمعه. ومن خلال ما تبثه المحطات التلفزيونية والإذاعية المحلية من برامج وأفلام ومسلسلات وخلافه يمكننا... التأكيد على أن فكرة صناعة جيل مثقف ومحب للعلم غير واردة بالمرة، إلا من خلال بعض البرامج المتناثرة والقليلة، والتي لا تلبي المطلوب منها إعدادا وإخراجا، إلى جانب الكم الهائل من القنوات الفضائية، المتاحة أمام المشاهد الشاب، والتي تساهم في بناء أفكاره ومفاهيمه. ومن خلال حديثنا يتضح لنا أن لوسائل الإعلام والأجهزة الحديثة الدور الفاعل في تربية شبابنا بمعزل عن توجيهاتنا ومتابعتنا، ومن ثم بات من الضروري، أن تقوم الجهات المسؤولة بدارسة مثل هذه الأمور دراسة ميدانية، مبنية على وضع الأسئلة والبحث لها عن أجوبة، والتركيز على دور هذه التقنيات المتاحة في أن تكون أدوات لبناء المستقبل المشرق، وليس أدوات لهدمه. مع التواصل مع الماضي لاستخلاص العبر والأمثلة الناجحة منه، على كافة المستويات العلمية والثقافية والاجتماعية والسياسية، وتقديمها للأجيال الصاعدة بأساليب مقنعة وجادة. وللأسف لن يكون للبيت أو المدرسة... الدور المهم طالما أن الشاب يقضي يومه بنهاره وليله مع أجهزته الإلكترونية الخاصة، وطالما نحن لا نفكر في التخفيف من حدة هذا الاستخدام عن طريق التوعية السليمة، وإيجاد البديل المفيد، وهو بديل أعتقد أن هناك جهات اختصاص قادرة على توفيرها، بدلا من ترك مستقبلنا العلمي والثقافي في مهب الريح. * رئيس تحرير مجلة «البيان» وأكاديمي بجامعة الكويت alsowaifan@yahoo.com

مشاركة :