«وأنت في طريقك للبحث عن حياة، لا تنس أن تعيش». في قرية إيطالية ريفية، نلقي نظرة على العالم، والإنسان، والطبيعة باعتبارها انعكاسًا لواقع داخلي، ومسار حياة. مناظر طبيعية بصرية وصوتية تستكشف الطبيعة والإنسان، سيمفونية غنائية وواقعية تتشكَّل من ضوء الشمس الساطع إلى الغسق الخافت الغامض. شعر فضفاض وحرّ يذكّرنا بالجمال الكامن وراء اللفتة اليومية للحياة. إنه في الواقع فيلم قيّم للغاية على الشاشة كما في الحياة، يروي قصة الحياة -حياة الإنسان-. مرحلة تلو الأخرى، جنبًا إلى جنب مع مواسم السنة المتغيرة. تعيش الأجيال المختلفة هناك وأحيانًا تلتقي مع بعضها البعض، براءة الأطفال، ودهشة واضطرابات المراهقة، ممرّات مختلفة من الحياة، من الطفولة إلى الشيخوخة. يدور الفيلم حول خضوعنا الضروري لهذه الدورة -الحياة- ومقاومتنا الخفية لها، والتدفق المستمر للأشياء، والمسار الزمني الذي لا يمكن وقفه. ابتكر «بيافولي» لغة لا تحتاج فيها إلى فهم ما يقوله الناس، ولكن يمكنك أن تشعر بمشاعرهم، ويمكن أن تشعر بالاتصال بهم من خلال استيعاب الصور المرئية. يصوّر الدراما البشرية بالطريقة التي يصوّر بها المرء فيلمًا وثائقيًا عن الطبيعة، مع التركيز على أدق التفاصيل من المشاهد والأصوات والألوان. وصف سينما «بيافولي» لا يختلف كثيرًا عن وصف الحياة نفسها، حيث يبدو الأمر كما لو أن الاثنين يسيران جنبًا إلى جنب، كلاهما يشتركان في مسارات تتقاطع وتندمج أحيانًا، لا يتكيف مع الشكل السردي ولا يختار مدى جفاف الفيلم الوثائقي، ولكنه يعتمد ببساطة على أصوات تملأ الفراغ، صور تنحت الزمن. الفيلم في الأساس بحث عن أشكال الوقت وتدفق اللحظات الهادئة، بطريقة حادّة وشاعريّة بشكل مدهش. حتى تبدو الكاميرا وكأنها تختلس النظر وتكتشف الحيوية، فقط تأمل هادئ. معجزة صغيرة من الخفّة والشِعر، خالية تمامًا من الحوارات والشخصيات، تسمح لك باكتشاف الجمال اللطيف لأبسط الإيماءات. بيافولي هو المخرج الكامل. بالإضافة إلى كتابة الفيلم وإخراجه، قام بتصويره وتحريره. هنا تكمن الفنون الجميلة في أشملها وأكثرها سهولة وإنسانية. فيلم ساحر وشاعري جدًا لأنه كليًا من عالمنا المألوف.
مشاركة :