زكية كردي «ثقافات عبر الزمن» بداية فكرة لفعاليات تجول بالأطفال بين الحقب الزمنية المختلفة بمخيلاتهم الخصبة، وبألوانهم اللامتناهية، فيزورون بيتهوفن في عصره، يتلمسون قبعته ويعرفون حكاية الشعر المستعار، وهم يكتشفون في الرحلة ذاتها داخل مركز الجليلة لثقافة الطفل في دبي، ألوان أمزجتهم الخاصة، الموسيقى التي يفضلونها، وعصيرهم المزاجي الخاص بهم، كما يبدعون قريتهم الإفريقية والأقنعة التي سوف يرتدونها، كل هذه التفاصيل عبر عصور وفنون متنوعة هي بعض من كل منسجم، يشكل مرحلة مهمة - لا مخيماً صيفياً فحسب - في تكوين هذا الإنسان المثقف والرائع، والفنان الحر الذي سيكونه أطفال المستقبل.استقبلت شيخة الحبابي، اختصاصية تغذية، الفئة العمرية ما بين 7 - 9 سنوات في الأسبوع الأول من المخيم لتخوض معهم رحلة التعرف إلى أساسيات الصحة الجسدية، والحركة البدنية، بالإضافة إلى مساعدتهم في التعريف على طريقة تحضير مشروبهم الصحي المفضل، والذي يختاره الأطفال بحرية من المكونات الصحية المتاحة أمامهم، مع شرح مقدار السعرات الحرارية لكل مكون، والفائدة التي يقدمها، أما الأسبوع الثاني فكان مخصصاً للأطفال الأصغر سناً ما بين 4 - 6 سنوات، الذين يقتصر التعليم معهم على الجانب النظري أكثر لعدم قدرتهم على استيعاب المعلومات الأكثر تعقيداً.مقدار المتعةتقوم سوزانا الليغرا، مسؤولة قسم الأطفال من 4 - 6 سنوات، بتولي مهمة مساعدة مدرسي الفنون والمهارات المختلفة لضبط الأطفال؛ حيث تعمل على جذب انتباههم لأهمية ما يتعلمونه، وتفتح الأبواب أمام مخيلتهم لتريهم مقدار المتعة والفائدة التي سوف يحصلون عليها في هذا النشاط وذاك، ويأتي هذا من كونها دمجت في دراستها ما بين الفنون والتعامل مع الأطفال.ويستكشف كمال الزعبي، مسؤول قسم الخزف، أفكار ومساحات جديدة مع الأطفال في هذا الفن المغري بالنسبة لهم، فيساعدهم لاكتشاف قدراتهم في إبداع أعمال خزفية تجريدية، بتقنية عالية، فتأتي الأشكال خاصة جداً بشخصية كل واحد منهم، وبمخيلته، وطريقته في رؤية الأجسام حوله بشكل ثلاثي الأبعاد، ويقول: «عندما نوفر العناصر والأدوات المختلفة للطفل تتسع رؤيته فيثق بقدرته على التخيل والتفرد، أما الأصغر سنّاً فنعمل معهم بطريقة أبسط فيتعلمون إلصاق الطين، مع منحهم مساحة من الحرية لتشكيل تصاميمهم المختلفة للأطباق الصغيرة التي يعملون عليها».تنمية المهاراتالفكرة كانت هي نقطة الانطلاق للفنانة رغد الرضا، مسؤولة المرسم، لتبدأ خطتها بتنمية مهارات الأطفال ومخيلتهم في عالم الرسم، وتقول: «كانت فكرتنا اليوم عن السعادة، أجنحة العصافير، وإمكانية امتلاكهم أجنحة مثالية تمنحهم الانتعاش والسعادة، فهم عندما يقومون بفعل الأشياء التي يحبون يكونون أشبه بالعصافير وهي تطير، وهذا يمنحهم القدرة والثقة بأنهم قادرون على التحليق بأي مجال يكونون فيه، وهكذا قام كل طفل بتلوين ريشة كبيرة الحجم ليضيفها إلى الأجنحة العملاقة التي جمعت ألوانهم المنوعة في عمل فني واحد».بينما تعمل نصرة المعمري، مسؤولة التدريب المسرحي، على تدريب الأطفال للعرض المسرحي الذي سوف يقدم في ختام المخيم الصيفي، وتقول: «مسرحيتنا تتكلم عن الأقنعة الإفريقية، لكننا قمنا بابتكار أقنعتنا، وقريتنا الإفريقية الخاصة أيضاً، فالأطفال قاموا بأنفسهم بابتكار عالمهم الخاص في المسرحية، وشكلوا الأقنعة التي سوف تستخدم كديكور للمسرحية»، وعن توزيع الفئات العمرية في هذا العمل، توضح قائلة: «الفئة الأصغر ما بين 4 - 7 سنوات سوف يكونون الممثلين، أما الفئة من 7 - 16 سنة فسوف تتولى مهمة أداء المؤثرات الصوتية والموسيقية، هذا بالإضافة إلى مساهمة الفتيات من عمر 10 - 16 سنة في تصميم الأزياء»، وتضيف: «إن أهمية هذا العمل تأتي من كونه نتيجة تعاون فريق أطفال المخيم حيث تولى كل منهم مهمة ليساهم في الجانب الذي يبدع به».تصميم وغناءتتعامل تالا توتونجي، مسؤولة قسم الموسيقى، مع فئتين عمريتين هما 7 - 9، و 10 - 16، وتضع برنامجاً مختلفاً لكل منهما، فالفئة الأصغر تتعرف معها إلى كل العصور الموسيقية بداية من عصر الباروك ولغاية وقتنا المعاصر، وعن أسلوب تقديم هذه المعلومات، تقول: «لتعليمهم الموسيقى لابد من أن نكون قادرين على منحهم وسيلة للتفاعل، لهذا قمنا بتمثيل دور الشخصيات الشهيرة في تاريخ الموسيقى مثل موزارت، وبتهوفن، لندخل من خلالها إلى تجسيد تلك الحقبة، أما الفئة العمرية الأكبر فكان التركيز معها على موسيقى الجاز، الذي ننطلق منه إلى الموسيقى الإماراتية»، وتضيف: «بدأ الأطفال باكتشاف قدراتهم على التلحين، وميولهم الفنية حسب الحقبة الزمنية ونوع الموسيقى، وكل واحد منهم سوف يشارك في حفل ختام المخيم، وهناك من سيشارك بالعزف ومنهم من سيقوم بالغناء».أما في قسم التصميم فكانت الأفكار مثيرة للإعجاب، حيث عملت بدور عبد القادر، مصممة أزياء، على منح الأطفال فسحة من حرية المخيلة والثقة بقدرتهم على تصميم «تي شيرت» خاص بكل منهم بطريقة فن الكولاج، وبعد طباعة صورهم عليه يختار كل طفل الأدوات والطريقة التي يرغب بتجسيد صورته وتصميمه بها، ومنهم من استخدم أقمشة مزركشة بألوان مختلفة، ومنهم من استعان بالأزرار، أو الطباعة.أشغال يدويةتعمل منى عمرين، مسؤولة قسم الأشغال اليدوية والأزياء، على تعريف الأطفال على أشكال وأنواع وأشكال القبعات ووصلات الشعر المستعار على مر العصور، فتتناول المرحلة التاريخية من 1700 إلى 1990، لتقدم للأطفال صوراً ونماذج من كل حقبة، ثم تترك لهم حرية اختيار تصميم القبعة الخاصة بكل منهم.ط وتقول: «بعد أن نمنح الأطفال المعلومات نطلب منهم أن يقدموا تصاميمهم الخاصة، وبالفعل لاحظنا أن لكل منهم نظرة مختلفة، ليصمموا القبعات الورقية متأثرين بالحقبة التي أحبوها أكثر من غيرها»، وتشير إلى أن جانب الابتكار يتركز في صناعة هذه القبعات بأدوات بسيطة تستخدم في الأشغال اليدوية، وليس بالخياطة واستخدام الأقمشة.استوديوهات بصريةتوضح عائشة جمعة، مدير إدارة البرامج، أن المركز يقدم نوعين من الفنون حسب الفئات العمرية، فيحصل الأطفال على التدريب ليتعرفوا إلى كل الاستوديوهات البصرية والأدائية بينما تدمج معظم الاستوديوهات العمل الفني لتوجّهٍ واحد، فيعمل المسرح بالتعاون مع قسم الموسيقى، ومع التصميم. وتتابع قائلة: «أردنا أن نعرّف الأطفال إلى الحقب الزمنية المختلفة للفنون من خلال الموسيقى، والعمارة، والمسرح، وتصميم الأزياء، لتلتقي هذه الرحلة التعليمية الممتعة في النهاية بعمل مسرحي يقدم الرقص وعرض الأزياء، والموسيقى»، وعن دورها تشرح أنها تشكل دور الرابط ما بين كل الاستوديوهات، فالجميع يعمل كفريق يساهم كل من فيه بطرح الأفكار لتصبّ كل التوجهات والأفكار بنفس الاتجاه.
مشاركة :