«كورونا» يزيد ترويج المخدرات عبر مواقع التواصل

  • 9/27/2020
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

تحقيق: سومية سعد أصبح الفضاء مفتوحاً أمام الشباب، وترويج المواد المخدرة والمؤثرات العقلية عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وخاصة في زمن «كورونا»، إلى جانب أن المروجين للمخدرات يلجأون في بعض الأحيان الى جذب اهتمام الناس لغرف دردشة، والإيقاع بهم بطرق عدة لا يلاحظ فيها الناس منذ الوهلة الأولى نيتهم، وإنما يتم استدراجهم بطرق معينة، ويجد هؤلاء أنفسهم معرضين لسيل من العروض ولأنواع مختلفة من المخدرات، حتى يصبح الضحية مدمناً؛ بل الأكثر فداحة أن يستغل بعضهم في عمليات الترويج، وهنا تكمن الخطورة.ويتطلب ذلك من جميع المواطنين والمقيمين في الدولة التعاون والتواصل مع الأجهزة المختصة في مكافحة المخدرات، والتبليغ عن أي أمر يشتبه في أنه ذو صلة بالمخدرات.وجه الفريق ضاحي خلفان تميم نائب رئيس الشرطة والأمن العام في دبي، رئيس مجلس مكافحة المخدرات على مستوى الدولة، بمراقبة المواقع المشبوهة التي يعتقد أنه يتم عن طريقها ترويج المخدرات ومواد أخرى ممنوعة، ويجب السيطرة على الفضاء المفتوح، وما يسمى بالإنترنت المظلم، والوقوف في وجه المجرمين من تجار السموم الذين لا يوفرون أية وسيلة لنشر تجارتهم، وضرورة مراقبة الفضاء الإلكتروني؛ من أجل التصدي لهذه الظاهرة ولمروّجي المخدرات عبر الإنترنت، ووسائل التواصل. الجانب الأمني أكد اللواء خبير خليل إبراهيم المنصوري مساعد القائد العام لشؤون البحث الجنائي في شرطة دبي، أن الشرطة تسعى بكل السبل إلى حماية الشباب؛ من خلال البرامج التفاعلية والفعاليات المجتمعية، إلى جانب حملات التوعية المتواصلة التي تقوم بها إدارات الشرطة المعنية؛ لكي لا يقعوا فريسة لضعاف النفوس ممن يجيزون لأنفسهم أن يهدموا مستقبلهم؛ من خلال الوقوع في آفة المخدرات، ولهذا تم تسخير إمكانات المركز؛ من أجل حماية هذه الفئة، وشغل وقت فراغهم بما هو نافع لهم ولمستقبلهم، وتقديم الرعاية الصحية والعلاجية لهم؛ ليعودوا إلى المجتمع كأشخاص أسوياء؛ إذ تنص المادة (43) من قانون الاتحادي رقم (14) لسنة 1995 في شأن مكافحة المواد المخدرة والمؤثرات العقلية المعدل بالقانون الاتحادي رقم (1) لسنة 2005 على أنه: لا تقام الدعوى الجزائية على من يتقدم من متعاطي المواد المخدرة أو المؤثرات العقلية من تلقاء نفسه إلى وحدة علاج الإدمان أو إلى النيابة العامة طالباً العلاج، والمادة (43) لا تقتصر على أبناء الدولة فقط؛ بل تمتد لتشمل ضحايا الإدمان من المقيمين. قضية عابرة للحدود وقال العقيد عيد بن ثاني حارب مدير الإدارة العامة لمكافحة المخدرات بشرطة دبي، إن شرطة دبي لا تدخر جهداً في مكافحة المخدرات؛ إيماناً منها بأن قضية المخدرات قضية عابرة للحدود، تستلزم تعاوناً دولياً؛ لمكافحتها، ونجحت الإدارة العامة في رصد وحجب 39 موقعاً إلكترونياً تروّج للمخدرات خلال النصف الأول من العام الجاري، كما نجحت الإدارة في ضبط كثير من القضايا، وهي جهود كبيرة تقوم بها شرطة دبي؛ لمكافحة المخدرات؛ وتحصين الدولة وأبناء الشعب الإماراتي من مخاطر هذه الآفة؛ وضبط التجار والمروجين.وتعمل الإدارة علي تطبيق ذكي عبر الهواتف الذكية؛ للتوعية بمخاطر المخدرات تستفيد منها الأسر أينما كانت إلى جانب استفادة الأبناء؛ حيث يستهدف البرنامج التوعوي الذكي الأبناء وأولياء الأمور. إبلاغ الجهات المختصة وقال العقيد عبد الله الخياط مدير مركز حماية الدولي: إن خطورة المخدرات والمؤثرات العقلية تهدد المجتمعات كافة، وحسب التقرير الأخير الصادر في فبراير/شباط 2020، فإن أعلى معدلات التعاطي والاستخدام كانت في أوروبا (13% من الشباب) ثم جاءت الأمريكتان (11.6%) ثم أوقيانوسيا (11.4%) وإفريقيا (6.6%)، ثم آسيا (2.7%).والتصرف الصحيح للأسرة في التعامل مع أحد أفرادها المدمنين؛ هو إبلاغ الجهات المختصة؛ لإعادة تأهيل المدمنين بشكل فوري، حتى لا تنتشر هذه الآفه بين الشباب، والإبلاغ عن أية حالات إدمان داخل الأسر من شأنه أن يمنع الكثير من المآسي التي ينتج عنها تشتت وتفرق الأسر. الجانب القانوني يقول المحامي إسماعيل العادل: إن القانون رقم (14) لعام 1995 في شأن مكافحة المواد المخدرة والمؤثرات العقلية؛ قانون متوازن؛ من حيث الصرامة والشمول، وحدده نص المادة (36) من قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات في العقوبة الصادرة ضد مروجي المواد المخدرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي أو وسائل تقنية المعلومات، بأن يعاقب بالسجن المؤقت والغرامة التي لا تقل عن 500 ألف درهم ولا تجاوز مليون درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من أنشأ أو أدار موقعاً إلكترونياً أو أشرف عليه أو نشر معلومات على الشبكة المعلوماتية، أو وسيلة تقنية معلومات، للاتجار أو الترويج للمخدرات أو المؤثرات العقلية وما في حكمها، أو كيفية تعاطيها أو لتسهيل التعامل فيها في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. الجانب النفسي وتقول الأخصائية النفسية ليليان نجم: إن عملية التعاطي فالإدمان عادةً يبدأ في سن مبكرة، خاصة في مرحلة المراهقة، وفي الأغلب تكون البدايات بالتدخين ثم الانتقال إلى الكحول والمخدرات حتى يصل الأمر إلى السموم القوية؛ مثل: الهيرويين والكوكايين.وطالبت بتفعيل دور المؤسسات الشبابية والإعلامية والمجتمعية في توجيه سلوك الأبناء، واستغلال طاقاتهم نحو برامج وأنشطة فاعلة ومفيدة لهم. وتهذيب وتقويم سلوك الطلبة وتوجيهم، وعلى الأسرة رعاية الابناء ومراقبة سلوكهم، وكيفية اختيارهم لأقرانهم. الجانب الاجتماعي وترى الاختصاصية الاجتماعية عايدة بن سالم، أن أهم أسباب إقبال الشباب على تعاطي المخدرات يكمن في: التفكك الأسري؛ والإهمال؛ ومرافقة أصدقاء السوء؛ وتطلع الشاب في سن المراهقة إلى الإحساس بالرجولة والإقبال على ما هو غريب وتقليد الآخرين، وخاصة رفقاء السوء.ولذا لابد من مراقبة الأبناء على مواقع التواصل، وتوجيههم التوجيه الصحيح، في حين أن معالجة تلك الآفة؛ تستوجب علاج كل تلك المسببات المحيطة بالمتعاطي للمخدرات أولاً ليتم بعدها عزله عن البيئة الاجتماعية والأصدقاء في مصحات طبية متخصصة، يخضع فيها لبرامج تأهيلية وعلاجية. الجانب الأسري وتقول الدكتورة باسمة موفق العمري خبير العلاقات الدولية واستشارية الأسرة وحقوق الإنسان: إن ترويج المخدرات ما يزال منتشراً في زمن الكورونا على الرغم من انهيار التجارة الدولية، وانخفاض فرص الاتجار، وزراعة المخدرات وتصنيعها وصعوبة توافرها في الأسواق المحلية خلال الجائحة، كما أن الخطر على أبنائنا ظهر بأساليب جديدة وأكثر انتشاراً عن طريق الشحنات البريدية والتسوق الإلكتروني والأنشطة غير المشروعة عبر ما يسمى (الإنترنت المظلم) وبعض المنتديات المروجة للتعاطي واستدراج الشباب إلى هذا الوباء مع ارتفاع أسعارها ورداءة المواد.وهناك للأسف من يسعى لترويجها؛ نظراً للظروف النفسية والاجتماعية والتعليمية من ازدياد الفقر والبطالة والجهل والأزمات النفسية المتزايدة التي نتجت عن «كوفيد 19» حول العالم.وأضافت: يجب على الأسرة ملاحظة أي تغيرات على سلوكات الأبناء النفسية؛ لأن من المعروف أن أعراض التعاطي النفسية تظهر مبكراً عن الأعراض الجسدية التي قد تتأخر بالظهور، وهنا يأتي دور الأسرة الواعية والمؤسسات التربوية والاجتماعية، فأي تغيير سلوكي مفاجئ؛ يجب أن يتبعه احتواء ومراقبة من الأسرة بشكل هادئ وواعي، ومنحهم الأمان والثقة والتفهم للبوح والعمل معاً على معالجة المشكلة، وإدراكنا أنهم ضحايا علينا مساعدتهم والأخذ بأيديهم إلى الطريق الصحيح. الجانب الديني يقول الدكتور أحمد طقش مدرب التنمية البشرية: إن الشباب هم عقل الأمة الذي يجب أن يبقى يقظاً، وأي تغييب لهذا الوعي حتماً هو باطل، ومخالف للقانون، وحرام، ويتابع: للأسف سهّلت مواقع التواصل الاجتماعي الترويج للمخدرات ويسّرت تنقلها بين البلدان؛ لكن الشاب المسلم المؤمن المحسن مشغول بنشر الخير للغير عبر الشبكة العنكبوتية، همه المؤرق في الليل والنهار أن يكون مصدراً للإيجابيات؛ فالدين الإسلامي يأمر باستثمار الوقت بما يفيد، ويجنب المهالك، ويأمر ديننا بالامتناع عن كل ما يذهب العقل، والآثار المترتبة على تعاطي المخدرات مدمرة للإنسان والمجتمع، ومتصادمة مع أحكام الشريعة الإسلامية وحِكَمِها؛ وبالتالي كان حكمها التحريم، وكذلك فإن الاتجار بالمخدرات بيعاً وشراء وتهريباً وتسويقاً وربحاً كله حرام كحرمة تناول المخدرات؛ لأن ما يؤدي إلى الحرام فهو حرام.وأهاب بأولياء الأمور، والمسؤولين في المدارس، إلى سرعة الإبلاغ عن أي مشتبه في تعاطيه سواء كان من بين أفراد الأسرة أو من بين طلبة المدارس أو غيرهم؛ من أجل حماية المجتمع من هذه الآفة الخطرة. إحصاءات ضبطت الإدارة العامة للمخدرات في شرطة دبي 712 كيلوجراماً من المخدرات والأقراص المخدرة خلال النصف الأول من العام الجاري في الإمارة، تنوعت بين كوكايين وهيروين وكريستال وأفيون وماريجوانا، ما أدى إلى إلقاء القبض على 16 متهماً، وضبط نحو طنين من المخدرات، و2706 من الأقراص المخدرة. من أخطر المشاكل تقول المستشارة تهاني التري خبيرة العلاقات الدولية: تعد مشكلة المخدرات من أخطر المشاكل التي تؤرق المجتمعات والعالم والأفراد، وعلى الرغم من حرص الآباء والأمهات على أبنائهم من عدم الاختلاط مع رفقاء السوء والشلة الفاسدة التي تبدأ بعرض تجربة لإحدى أدوات المخدرات من سيجارة أو بودرة أو غيرها من الأدوات والوسائل التي تتنوع، فإنه في النهاية قد ينزلق البعض وهو ما يؤدي إلى الإدمان والانحراف عن المسار الصحيح.وتتابع: لو تناولنا المشكلة بكافة أبعادها لن نستطيع في صفحات أو حتى مجلدات أن نتناول كافة الأسباب أو المؤثرات أو ما يؤدي لهذه المشكلة التي قد تبدأ بمزحة صغيرة بين الشباب، وتنتهي بكارثة قد تنهي حياته في لحظة.ومن هذا المنبر أود توجيه كلمات بسيطة ونصائح للآباء والأمهات، بأن يكون دورهم وهم خط الدفاع الأول بتوجيه النصح لأبنائهم، وحمايتهم من رفقاء السوء، ويجب أن تكون هناك مساحة من الحوار المشترك بين الآباء وأبنائهم وأن يكونوا الرفيق الأول لهم في كل ما يحصل معهم في العالم الخارجي، وأن تكون الأسرة أو أحد الأبوين هو مصدر المعلومات الموثوقة التي يبحث عنها الأبناء، وضرورة توعية الأبناء من مخاطر المخدرات وآثارها، والحديث أيضاً عن التحرش والعنف والتنمر والكثير من المشكلات التي قد يتعرض لها الأبناء في المجتمعات الخارجية، وخصوصاً المدرسة والجامعة، وتخصيص وقت مميز لأفراد الأسرة الواحدة مع بعضهم حتى لا يبحث الأبناء عن هذه الرفقة مع غيرهم وقد لا يحسنوا الاختيار أحياناً، وإيجاد البدائل؛ لشغل وقت الفراغ؛ بحيث لا يكون لدى الأبناء أي وقت فراغ حتى لا يشتت انتباههم تجاه بعض الأمور التي قد تضر ولا تنفع، ولكي يكون لهم الهدف الحقيقي الذي يعملون من أجله، وتعزيز الهوايات للأبناء وتشجيعهم على ممارستها؛ ليكون لديهم ما يفتخرون به ويسعون إلى تحقيقه وإنجازه.

مشاركة :