إندونيسيون يخاطرون بحياتهم بحثا عن بضعة جرامات من الذهب

  • 9/26/2020
  • 23:12
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

لا يتوانى إندونيسيون ضاقت بهم السبل جراء أزمة فيروس كورونا المستجد عن المجازفة بحياتهم بحثا عن الذهب في مناجم عشوائية إثر الارتفاع الشديد في أسعار هذا المعدن النفيس. ووفقا لـ"الفرنسية"، تهافت المستثمرون من حول العالم على شراء الذهب، مزايدين في أسعاره، في ظل الأزمة الاقتصادية التي ولدها وباء كوفيد - 19. وأدى هذا الإقبال الشديد على المعدن النفيس الذي يعد ملاذا آمنا وقت الأزمات إلى تخطي سعر الذهب عتبة الألفي دولار للأونصة الواحدة، وذلك للمرة الأولى في آب (أغسطس). أما في إندونيسيا، فقد انعكس هذا الارتفاع القياسي تهافتا على مناجم الذهب غير القانونية على الرغم من المخاطر الكثيرة، التي تنطوي عليها هذه الأنشطة، من خطر التعرض للتوقيف أو لرصاصة طائشة أو للتسمم بالزئبق أو لحوادث. ويمضي مصطفى يومه كمئات المنقبين غيره في المنجم في كر وفر مع قوى الأمن في إقليم بابوا، في أقصى شرق إندونيسيا، ومع زملائه، يبحث هذا الأب لطفلين عن فتات الذهب في نهر قريب من منجم جراسبرج، وهو أحد أكبر مناجم الذهب في العالم وتديره مجموعة "فريبورت" الأمريكية. وفي أحسن الأحوال، يجمع مصطفى جراما من الذهب يصفيه من الوحل بواسطة قطعة قماش ويبيع غلته إلى تاجر محلي في مقابل 800 ألف روبية تقريبا (نحو 50 دولارا)، وهو مبلغ ليس بقليل في هذه المنطقة، التي تعد من الأفقر في البلد. وهو يؤكد أن الزئبق لا يستخدم هنا، غير أن مخاطر أخرى تحدق بهم، فهم قد يتعرضون للتوقيف في أي وقت أو يعلقون وسط طلقات نارية متبادلة بين قوى الأمن ومتمردين انفصاليين يشتبكون مع السلطات بين الحين والآخر منذ عشرات الأعوام في المنطقة. ويقول مصطفى في اتصال هاتفي مع "الفرنسية"، "ازداد عددنا منذ تفشي الوباء مع ارتفاع سعر الذهب، قد نتعرض للتوقيف لكن لا خيار آخر أمامنا، فنحن بحاجة إلى تأمين القوت لعائلاتنا". ومن خلال هذا العمل المضني، قد يواجهون أيضا خطر الإصابة بفيروس كورونا أو بأمراض ناجمة عن الملوثات السامة في المياه المتأتية من المنجم الصناعي القريب. ويضيف: "إنه خطر كبير لصحتنا، فأنا، كما أصدقائي، أعاني أمراضا جلدية، لكن، الحمد لله، على أن أحدا لم يصب بالفيروس حتى الساعة". وفي جزيرة بورنيو على بعد آلاف الكيلو مترات أوقفت الشرطة هذا الشهر نحو 400 عامل اتهموا باستغلال موارد منجم غير قانوني في منطقة محمية، وهم قد يواجهون عقوبة السجن 15 عاما. ويعرض الزئبق العمال والبيئة لمخاطر شديدة في هذا الموقع، بحسب ما يقول سوستيو إريونو المسؤول عن حماية الغابات في وزارة البيئة، الذي يؤكد أن الموجة الأخيرة من التوقيفات تظهر أنشطة غير قانونية واسعة الانتشار. وعلى الرغم من غياب الإحصاءات الرسمية، يؤكد المسؤول أن استغلال المناجم غير النظامية يتزايد على نحو كبير، بما في ذلك على جزيرة جاوة الأكثر تعدادا للسكان وسومباوا الشاسعة. ويوضح: "السعر المرتفع للذهب هو الذي يحفز هذا النشاط غير القانوني، والبعض يحقق الأرباح من خلال الإضرار بالبيئة، ويحاول الجميع إيجاد حلول لتسوية الوضع". ويشير عايش رومبكان الناشط البيئي إلى أن الازدياد الشديد في المناجم العشوائية هو نتيجة محاولة من ضاقت بهم السبل بعد خسارة عملهم بسبب أزمة فيروس كورونا تأمين حاجات عائلاتهم بأي ثمن. ويقول مدير جمعية ولهي للبيئة في بابوا إن "هؤلاء المنقبين غالبا ما يستخدمون الزئبق لتسريع العملية، ما يلحق أضرارا بيئية بالمنطقة والأنهر والبحيرات ذات الصلة، محذرا من مغبة كارثة بيئية". وحظرت إندونيسيا استخدام الزئبق في 2017 في المناجم غير الصناعية، لكن من الممكن الحصول على هذا المعدن، الذي يؤثر في الجهاز العصبي، ويؤدي إلى تشوهات عند الأجنة في السوق السوداء. وهذه المناجم الضيقة النطاق هي مصدر رزق أكثر من مليون إندونيسي، بحسب برنامج الأمم المتحدة الإنمائي.

مشاركة :