حكمت المحكمة الجنائية الصغرى الثالثة بإيداع شاب في إحدى مصحات علاج الإدمان أو معالجته في إحدى المستشفيات أو العيادات المتخصصة. وذلك بعد أن تبين لها أن إدمانه المادة المخدرة والمؤثرات العقلية أقرب من كونه مجرما، وأن ما دفعه إلى العودة للتعاطي حالة مرضية لا رغبات إجرامية؛ ولذلك قضت باستبدال العقوبة بتدبير علاجي عملاً لحكم المادة 38 من قانون المواد المخدرة. وكانت الجهات المعنية تلقت بلاغا من والد المتهم يفيد بأنه شاهد نجله بحالة غريبة حيث كان صوته منخفضا وعيناه شبه مغلقتين واغمي عليه وعلى الفور تم ارسال سيارة اسعاف وحضرت دورية امنية وتم نقل المتهم إلى المستشفى وتبين أن حالته غير مستقرة وتم ادخاله إلى العناية القصوى وعليه تم اخذ عينة المتهم وتبين تعاطيه المواد المخدرة والمؤثرات العقلية.فأسندت النيابة العامة للمتهم أنه حاز وأحرز بقصد التعاطي مادة مخدرة (المورفين) ومؤثرين عقليين في غير الأحوال المرخص بها قانونًا وذلك على النحو المبين بالتحقيقات.وقالت المحكمة في حيثيات الحكم أن على المحكمة عند تطبيق أحكام القانون تغليب روح القانون على نص القانون، وحيث أن تعاطي المواد المخدرة والمؤثرات العقلية ذات طابع مزدوج، فهي من جهة تُشكل جريمة مؤثمة بموجب القانون ومن جهة أخرى فإنها تُشكل ظاهرة مرضية، وهذا ما راعاه المشرع عند معالجته لهذه الظاهرة بموجب أحكام قانون المواد المخدرة والمؤثرات العقلية والسلائف، وذلك عندما قرر إلى جانب العقوبات الجنائية المستحقة لمن يقارف هذا الجرم تدابير علاجية بديلة، وبذلك فقد ألقى على كاهل المحكمة مهمة النظر في ظروف وملابسات كل واقعة على حدة.وقالت إنه إذا رأت المحكمة أن الواقعة ترشح إلى أن المتهم إنما سلك طريق معاقرة المواد المخدرة والمؤثرات العقلية بدافع إجرامي يريد من خلاله تجاوز أحكام القانون؛ فيجب على المحكمة أن تزجره وتردعه بتوقيع العقوبة المناسبة عليه، أما إذا ما تبين لها من ظروف وملابسات الواقعة أن المتهم إنما يعاني من حالة مرضية جره إليها حظه العاثر وإنه لم يسلك هذا المسلك بدافع الإجرام وتجاوز القانون؛ فعندئذ يجب عليها تغليب الجانب العلاجي على الجانب العقابي.ولما كان لم يثبت بأوراق الدعوى أن المتهم سبق اتهامه في دعاوى مماثلة ومن حيث إن ملابسات الدعوى وظروف الواقعة تشير إلى أن حقيقة واقع المتهم أقرب إلى كونه مدمنًا لمادة مخدرة من كونه مجرما، وأن ما دفعه إلى العودة لمقارفة هذا الفعل حالة مرضية لا رغبات إجرامية؛ فإنها ترى استبدال العقوبة بتدبير علاجي إعمالاً لحكم المادة 38 من قانون المواد المخدرة والمؤثرات العقلية والسلائف.فلهذه الأسباب حكمت المحكمة على المتهم بإيداعه في إحدى المصحات التي تنشأ لغرض علاج الإدمان من المواد المخدرة والمؤثرات العقلية أو معالجته في إحدى المستشفيات أو العيادات المتخصصة بحسب المتاح وذلك وفقًا للبرنامج المعمول به فيها إلى ان يأمر قاضي تنفيذ العقاب بإنهاء إيداعه.
مشاركة :