صحيفة المرصد: انتظم في مدينة إسطنبول التركية عرض خاص لفيلم "محمد" للمخرج الإيراني مجيد مجيدي، والذي واجه انتقادات من علماء دين مسلمين بسبب تجسيده للنبي بالصوت والصورة. ويستعرض الفيلم المثير للجدل والمنبوذ من طرف العديد من الدول العربية حياة نبي الإسلام في فترة الطفولة. وفي حين جابه الفيلم موجة غضب عارمة في اوساط الناشطين والمثقفين وعلماء الدين في العديد من الدول العربية، فقد حظي بحفاوة الترحيب في تركيا وفقا لصحيفة "الشرق الأوسط". واعتبر مراقبون ان تركيا تسبح ضد التيار العربي بعرضها الفيلم المثير للغضب وحتى للحنقة. وحضر العرض الخاص، أربعة من المهتمين بمجال السينما، واعتبروا، إن الفيلم يمكن مشاهدته من قبل جميع الفئات، وإنه الفيلم الأول الذي يتناول حياة الرسول بعد فيلم "الرسالة"، الذي أخرجه الأميركي من أصل سوري مصطفى العقاد. وأفادوا أن الفيلم يصور الحياة الاجتماعية، في تلك الفترة الزمنية بشكل جيد، ويحتوي عناصر يمكنها جذب اهتمام المشاهد الغربي، كما يضم عناصر ميلودرامية كعادة أفلام مجيدي. واعتبروا فيلم محمد "فيلمًا جريئًا"، مؤكدًا أنه ليس "فيلم أطفال". وأشاروا أن الفيلم بدأ بواقعة هجوم جيش أبرهة على مكة، وعرض لعدة وقائع شهدتها السنوات الأولى من حياة النبي محمد. وأوضحوا أن الفيلم أظهر النبي محمد من الخلف فقط. ويصور الفيلم، الذي لم يُطرح في دور العرض بعد، طفولة النبي محمد حتى عمر الثانية عشر، وسينظم العرض الأول للفيلم يوم 27 أغسطس/ أب الجاري، حيث سيكون فيلم الافتتاح للدورة الـ39 لمهرجان مونتريال السينمائي. وبلغت ميزانية إنتاج الفيلم 30 مليون دولار، واستغرق إعداده سبع سنوات، ومن المقرر ترجمته إلى الإنكليزية والعربية بجانب الفارسية. وتولى الموسيقار الهندي آي آر رحمان وضع موسيقى الفيلم، والفنان الكرواتي "ميلجن كركا كلجاكويتش" تصميم مشاهد وديكورات الفيلم. وتم تصوير مشاهد الفيلم فى منطقة "كرمان" ومدينة "نور" السينمائية الواقعة جنوب شرقي إيران، والفيلم من بطولة الممثلين الإيرانيين كاوة شجاع نوري ومهدي باكدل وسارة بيات. وكان عدد من علماء وفقهاء أهل السُنّة أفتوا بحرمة مشاهدة الفيلم، بسبب تجسيده لشخصية خاتم الأنبياء، فيما أباحه بعض مراجع الشيعة في إيران. وقال مخرج الفيلم مجيد مجيدي، إنه يحترم الانتقادات التي وجهت للفيلم في بعض الدول العربية، إلا أنه اعتبرها انتقادات متعجلة وأحكاما مسبقة، داعيا إلى تأجيل تقييم الفيلم لما بعد مشاهدته. ولفت مجيدي أنه تلقى ردود أفعال إيجابية من علماء دين سنة وشيعة بعد تنظيم عرض خاص لهم، قائلاً "أخذنا آراء خاصة من علماء دين سنة وشيعة، وردود الأفعال كانت مرضية وداعمة، وقسم كبير منهم أبدى إعجابه بالفيلم، وكانت الانتقادات في نقطة أو اثنتين فقط، لا تؤثران على المحتوى". وأشار مجيدي إلى أنه تم تصوير النبي في الفيلم من الخلف فقط، وهناك بعض الحوارات الصوتية له، قائلا إن "نبي الإسلام هو إنسان كباقي الناس، وعاش ضمن المجتمع كالبقية، فلا فتوى دينية بخصوص موضوع الصوت، كما أعتقد بضرورة إيجاد مخرج لهذا الموضوع من أجل الأفلام الدينية التي تعالج التاريخ الإسلامي". وأوضح مجيدي أن فريق الفيلم أجرى دراسات واسعة، حول مسألة تجسيد النبي، خلال مرحلة التحضير، التي استمرت سنتين، وتباحث مع علماء سنّة وشيعة مختصين في هذا المجال. وهدد فيلم "محمد" قبل البدء في عرضة في قاعات السينما بتأجيج مزيد من الفرقة الطائفية بين المسلمين السنة والشيعة. ويعتبر الفيلم السينمائي الأول من نوعه الذي يجسد شخص خاتم الأنبياء بالصوت والصورة وهو ما يحرمه أهل السنة ويبيحه بعض الشيعة، امتدادا للأزمات المذهبية بين إيران من ناحية ودول الخليج العربي ومصر من ناحية أخرى. ويتأجج خلاف مذهبي عميق بين إيران الشيعية وحلفائها في العالم من جهة، وبين الدول الإسلامية السنية من جهة أخرى، وهو خلاف تطور إلى خلاف سياسي بين الجانبين. وتفرض طهران رقابة صارمة على صناعة السينما لذلك فهي لا تمرر إلا "الأفلام التي ترضى عنها النظام الحاكم" ومن هنا "تولي الدولة اهتماما بالغا بصناعة تلك الأفلام بل وتساهم في إنتاجها بملايين الدولارات"، لأنها تدخل في سياق الدعاية الدينية للطائفة الشيعية وفقا للمذهب الصفوي الاشد تطرفا في معاداة السنة. ولاقى فيلم "محمد" منذ أن كان مجرد فكرة تخامر معديه معارضة شديدة من دول عربية عديدة. وقالت مصادر صحفية إن مصر وقطر والإمارات والكويت والبحرين والأردن والمغرب من أوائل الدول العربية التي استجابت لفتاوى تحريم تجسيد الأنبياء. ورغم أن "محمد" يعد الفيلم الأضخم في تاريخ السينما الإيرانية إلا أن عشرات الأفلام الدينية قد سبقته، ما جعل صيت السينما الإيرانية يقترن بتجسيد الصحابة والأنبياء. كما حفلت الدراما الايرانية بمثل بأعمال تاريخية مثل مسلسل "يوسف الصديق" و"ملك سليمان" و"أصحاب الكهف" و"المختار الثقفي". وافاد النقاد ان تناول المحرمات في العقيدة السنية هو تحديدا ما يزيد من ارتفاع درجة "المخاوف العربية من استخدام إيران للسينما خاصة والفن عامة لنشر المذهب الشيعي وبث معلومات مغلوطة عن الأنبياء و الصحابة لأهل السنة".
مشاركة :