بنك الكويت الوطني: الدولار أفضل عملات الملاذ الآمن

  • 9/28/2020
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

عندما ارتفعت حالات الإصابة بفيروس كوفيد -19 في مارس الماضي وفرضت الدول عمليات الإغلاق، ارتفع الدولار إلى مستويات قياسية. وهنا نتساءل: هل سيعيد التاريخ نفسه؟ قال تقرير أسواق النقد الأسبوعي الصادر عن بنك الكويت الوطني، إن الأسبوع الماضي لم يشهد أحداثاً تذكر على الصعيد الاقتصادي وكان أسبوعاً هادئاً على غير المعتاد، في حين أحكمت مخاوف تفشي موجة ثانية من جائحة «كوفيد - 19» قبضتها على مسار الأسواق. ووفق التقرير، كان هذا الأمر واضحاً منذ فترة، لكنه بدأ الآن في دفع الحكومات للاستجابة بفرض قيود أكثر صرامة. في التفاصيل، وحسب جامعة جونز هوبكنز، تجاوز العدد الإجمالي لحالات الإصابة بفيروس كورونا المستجد 32.1 مليون حالة على مستوى العالم، وارتفعت أعداد الوفيات إلى أكثر من 981 ألف حالة. وفي الولايات المتحدة، تجاوزت حالات الإصابة بالفيروس سبعة ملايين حالة بما يمثل أكثر من 20 في المئة من إجمالي الحالات المعلنة على مستوى العالم. وعلى الرغم من ذلك، شهد الدولار الأميركي ارتفاعاً واسع النطاق خلال الأسبوع الماضي مقابل الملاذات الآمنة الأخرى (الين الياباني والفرنك السويسري والذهب). ويبدو أن العوامل التي تحرك الأسواق ليست مرتبطة بعدد حالات الإصابة بفيروس كوفيد -19، بل بالقيود الجديدة التي تفرضها الدول لاحتواء الجائحة. وسجلت المملكة المتحدة وفرنسا مستويات قياسية لحالات الإصابة اليومية بكوفيد -19 خلال الأسبوع الماضي، بينما اقتربت إسبانيا من تسجيل مستويات قياسية. وتم فرض تدابير احترازية جديدة في تلك الدول سالفة الذكر. وحذرت السلطات الصحية الإسبانية سكان مدريد من «أسابيع صعبة قادمة»، فيما قد تستمر القيود التي فرضتها الحكومة البريطانية أخيراً لمدة ستة أشهر. وفي وقت تفرض أوروبا قيوداً مشددة، لا تفكر الولايات المتحدة في وضع أي قيود على حرية الحركة وأنشطة الأعمال. وقد ارتفع الدولار الأميركي إلى أعلى مستوياته المسجلة في شهرين، وصولاً إلى 94.742 مقابل سلة من العملات ليسجل ارتفاعاً بنسبة 1.91 في المئة على أساس أسبوعي. وعندما ارتفعت حالات الإصابة بفيروس كوفيد - 19 في مارس الماضي وفرضت الدول عمليات الإغلاق، ارتفع الدولار إلى مستويات قياسية. وهنا نتساءل، هل سيعيد التاريخ نفسه؟ وفي وول ستريت، تراجع أداء مؤشرات الأسهم الرئيسية الثلاثة بشكل جماعي، إذ سيطرت حالة الابتعاد عن المخاطرة على معنويات السوق. كما يبدو أن المستثمرين بدأوا يفقدون الأمل في توصل الكونغرس إلى اتفاق بشأن تقديم المزيد من برامج التحفيز الاقتصادي قبل انتخابات الرئاسة الأميركية على الرغم من تحذير محافظي البنوك المركزية الأميركية من حدوث تباطؤ اقتصادي ما لم يتم إقرار جولة جديدة من الدعم المالي. وقد تراجع مؤشر ستاندرد آند بورز من أعلى مستوياته المسجلة خلال الشهر والبالغة 3.588.11 نقطة وخسر أكثر من 8 في المئة من قيمته، في حين تراجع مؤشر داو جونز بحوالي 7 في المئة من أعلى مستوياته المسجلة خلال الشهر الجاري. وعلى صعيد أسواق العملات الأجنبية، كانت العملات الأكثر تذبذباً وعملات السلع الأسوأ أداءً خلال الأسبوع الماضي إذ سيطرت معنويات الابتعاد عن المخاطر على كل الأسواق. وانخفض كل من الدولار الأسترالي والدولار النيوزيلندي بنسبة 3.67 في المئة و3.18 في المئة على التوالي مقابل الدولار الأميركي. ويأتي تعثر الدولار الأسترالي وسط تزايد التوقعات بشأن خفض وشيك لسعر الفائدة في أكتوبر، بينما أكد مسؤولو السياسة النقدية في نيوزيلندا أنهم في طريقهم لتطبيق المزيد من سياسات التيسير النقدي، بما في ذلك أسعار الفائدة السلبية. مؤشرات الاقتصاد الكلي الأميركي تراجعت أنشطة الأعمال هامشياً هذا الشهر في الولايات المتحدة، وسجل قطاع الصناعات التحويلية مكاسب قابلها ضعف أداء قطاعات الخدمات. وانخفض مؤشر مديري المشتريات المركب 0.2 نقطة فقط ليصل إلى 54.4، في حين تراجع مؤشر الخدمات من 55 إلى 54.6. من جهة أخرى، قفز نشاط المصانع إلى أعلى مستوياته المسجلة على مدار 20 شهراً، وصولاً إلى 53.5. وبالنظر إلى الصورة الشاملة، نلحظ تحسن أنشطة الأعمال بشكل كبير مقارنة بحالة التراجع الحاد الذي شهدناه خلال الربع الثاني أثناء ذروة تفشي الجائحة إذ يستمر المصنعون في التفوق على مقدمي الخدمات. وبالنسبة لآفاق النمو، من المتوقع أن يتعافى الناتج المحلي الإجمالي إلى 32 في المئة على أساس سنوي في الربع الثالث بعد انخفاضه بمعدل 31.7 في المئة في الربع الثاني عندما سجل أسوأ أداءً على الإطلاق منذ أن بدأت الحكومة في الاحتفاظ بتلك السجلات في عام 1947. منطقة اليورو أظهرت المؤشرات الأولية الصادرة عن منطقة اليورو لشهر سبتمبر تبايناً واضحاً بين أداء قطاعي الصناعة والخدمات. إذ انخفض مؤشر نشاط قطاع الخدمات في السوق الموحدة متراجعاً لمستويات الانكماش من 50.5 إلى 47.6 نقطة في حين ارتفع مؤشر القطاع التصنيعي متخطياً أعلى مستوياته المسجلة في عامين، إذ بلغ 53.7 نقطة مقابل 51.7 نقطة. وحين تراجع مؤشر مديري المشتريات المركب، الذي يشمل كلا القطاعين من 51.9 إلى 50.1، إذ تراجع قطاع الخدمات الأكبر حجماً إلى منطقة النمو السلبي. وصرح كبير الاقتصاديين التجاريين لدى IHS Markit أن «شركات خدمات التعامل المباشر مع المستهلكين على وجه الخصوص تضررت جراء تزايد مخاوف تفشي الجائحة. وبالنظر إلى أداء قطاع الصناعات التحويلية الألماني، نلحظ ارتفاع المؤشر إلى أعلى مستوياته المسجلة منذ 31 شهراً إذ بلغ 56.8 نقطة مع إعلان المصانع عن نمو الإنتاج وسط زيادة الطلب، خصوصاً من أسواق التصدير. وعموماً تجاوز إجمالي حالات الإصابة بكوفيد - 19 في أوروبا 5 ملايين حالة، وارتفعت أعداد الوفيات إلى 227.130. ويبدو أن الموجة الثانية التي كانت الأسواق المالية قلقة بشأنها قد بدأت بالفعل، ومع أخذ ذلك بعين الاعتبار، قد يظل قطاع الخدمات ضعيفاً دون حاجز 50 نقطة حتى تتم السيطرة مجدداً على حالات الإصابة بالفيروس. قيود تجارية جديدة فقد التعافي الاقتصادي في المملكة المتحدة زخمه خلال الشهر كما يتضح من مؤشرات مديري المشتريات. إذ انخفض مؤشر مديري المشتريات المركب إلى أدنى مستوياته المسجلة في 3 أشهر وصولاً إلى مستوى 55.7 في سبتمبر مقارنة بأعلى مستوياته المسجلة في ست سنوات التي وصلها في أغسطس عند مستوى 59.1. وفقد مؤشر الخدمات 3.7 نقاط وتراجع إلى مستوى 55.1 نقطة، في حين تراجع المؤشر التصنيعي 0.9 نقطة إلى 54.3. وظلت المؤشرات فوق حاجز 50 نقطة بما يدل على التوسع في كلا القطاعين، وبذلك تكون أرقام مؤشر مديري المشتريات في المملكة المتحدة أفضل من تلك التي شهدتها منطقة اليورو. وعلى الرغم من البيانات الإيجابية إلى حد ما، فإن تراجع المؤشرات يشير إلى أن وتيرة الانتعاش بدأت بالفعل في التباطؤ. وخلال الأسبوع الماضي، صرح رئيس الوزراء بوريس جونسون بأن المملكة المتحدة وصلت إلى «نقطة تحول خطيرة» أثناء إعلانه تطبيق إجراءات احترازية جديدة للحد من تفشي الجائحة. وتتوقع الحكومة أن تبقى الإجراءات الجديدة سارية حتى شهر مارس المقبل بما قد يؤدي إلى انتكاسة التعافي الاقتصادي ويدفع بالاقتصاد نحو الركود. وقد تتسبب إعادة وضع القيود على عدد ساعات العمل وإجبار الموظفين على العمل من المنزل مرة أخرى في تعطيل وتيرة الانتعاش الاقتصادي تماماً في الربع الرابع. لكن الخطر الرئيسي يكمن في أن الحكومة يجب عليها تطبيق إجراءات أكثر صرامة. فعلى سبيل المثال، قد تأمر الحكومة بإغلاق الأنشطة الاقتصادية على المستوى الوطني مدة أسبوعين. من جهة أخرى، انخفض الناتج المحلي الإجمالي للمملكة المتحدة أكثر من 20 في المئة في الربع الثاني، فيما يمثل أعلى معدل تراجع لأي من اقتصادات مجموعة الدول السبع، ويتوقع بنك إنكلترا أن يتباطأ نمو الناتج المحلي الإجمالي في الربع الثالث بنسبة 7 في المئة عن مستويات ما قبل الجائحة. استمرار أسعار الفائدة السلبية أبقى البنك الوطني السويسري على سعر الفائدة على الودائع عند مستوى -0.75 في المئة الذي يعتبر أدنى المستويات على مستوى العالم، والذي كان سارياً منذ عام 2014. ورسم البنك صورة أقل تشاؤماً عن تأثير جائحة فيروس كورونا المستجد على الاقتصاد السويسري من خلال رفع توقعاته لآفاق النمو الاقتصادي، متوقعاً أن يصل معدل انكماش الناتج المحلي الإجمالي إلى 5 في المئة في العام الحالي، أي أفضل من الانكماش بنسبة 6 في المئة الذي توقعه في يونيو. وأكد أن هناك حالة ضبابية شديدة ما تزال تحيط بالتوقعات الاقتصادية، لكنه توقع انتعاشاً «قوياً» في الربع الثالث للاقتصاد السويسري. وأضاف البنك: «قد تستمر التطورات الإيجابية في عام 2021». وعلى صعيد التضخم، يتوقع البنك المركزي أن يشهد ارتفاع الأسعار أداءً إيجابياً العام المقبل بمعدل 0.1 في المئة وبنسبة 0.2 في المئة في عام 2022. كما أبدى البنك استعداده لتسريع وتيرة تدخله بصورة كبيرة في سوق العملات الأجنبية نظراً إلى تزايد حالة عدم اليقين الاقتصادي على مستوى العالم والتي أدت إلى زيادة الضغط على الفرنك السويسري. وكان الفرنك السويسري ارتفع في شهر مايو إلى أعلى مستوياته المسجلة في خمس سنوات مقابل اليورو، وتشير تقديرات محللي بنك كريدي سويس الصادرة الأسبوع الماضي إلى أن البنك الوطني السويسري باع ما قيمته 98 مليار دولار من عملته في النصف الأول من هذا العام وحده - وهو أكبر خطوة قام بها البنك المركزي السويسري لإضعاف قيمة عملته خلال السنوات الخمس الماضية. ونستخلص من ذلك حرص مسؤولي السياسة النقدية على اتباع أسلوبهم المزدوج القائم على فرض أسعار الفائدة السلبية والتدخل في أسواق العملات للحد من قوة الفرنك السويسري كملاذ آمن.

مشاركة :