كذلك لا يتحرج الكاتب من التطرق إلى موضوع الهولوكوست، ويشير إلى حجم المبالغة التي عرفتها القضية، وكيف استغل بعض اليهود تلك المأساة الإنسانية لتحقيق مآرب شخصية محضة. أما عقدة الحكاية أو الحبكة التي تحرك الأحداث إلى الأمام، فهي تدور حول موضوع فساد الجوائز الأدبية. ويتحدث احجيوج عن جائزة أدبية فرنسية، بحكم زمان ومكان أحداث الرواية، لكنها أزمة تنطبق على أغلب الجوائز، قديمها وحديثها، وما الجوائز العربية ببعيدة عن ذلك الفساد، المتمثل في التدخلات الخارجية، من أصحاب الجائزة ومن الناشرين ومن الكتاب النافذين. “ينبغي التيه ليتحقق الوصول” يقول احجيوج في مستهل الرواية اقتباسا عن الكاتب المغربي عبدالفتاح كليطو. كذلك هي شخصيات الرواية تنتقل من تيه إلى آخر. لكن هل وصلت؟ يتركنا الكاتب أمام نهاية مفتوحة من التأويلات المتشعبة، يلتقي فيها مسارا الرواية الإثنين، وتضعنا أمام نقطة يندمج فيها الواقع مع الخيال، ولا نعود نعرف، أين نحن. أين الواقع وأين الخيال. لعل هذا هو سؤال الرواية الحقيقي. سؤال الرجل الحكيم الذي حلم أنه فراشة في مرج أخضر وحين استيقظ تساءل إذا ما كان هو رجلا حلم بالفراشة أم هو فراشة تحلم أنها رجل. ونذكر أن رواية “أحجية إدمون عَمران المالح” صدرت أخيرا عن دار هاشيت أنطوان/ نوفل ببيروت، وهي الثانية في رصيد الكاتب محمد سعيد احجيوج، بعد روايته الأولى “كافكا في طنجة” التي صدرت في القاهرة، ديسمبر 2019. كما أصدر من قبل مجموعتين قصصيتين، “أشياء تحدث” (2004) و“انتحار مرجأ” (2006)، وسبق له الفوز بثلاث جوائز شعرية، وفاز مخطوط روايته “ليل طنجة” بجائزة إسماعيل فهد إسماعيل للرواية القصيرة (نوفمبر 2019). كما أصدر مجلة “طنجة الأدبية” (2004 – 2005) وعددا من المشاريع الأدبية والثقافية.
مشاركة :