يعمل الباحثون على مسارات مختلفة لتمكين المرضى من محاربة جائحة كورونا متعددة الأوجه، وقد بدأت بالفعل تظهر فعالية بعض التجارب الإكلينيكية ومنها الأجسام المضادة وحيدة النسيلة التي تعد واحدة من الاستراتيجيات الواعدة لتجنب الإصابة بأمراض خطيرة نتيجة الإصابة بكوفيد – 19. ملبورن (أستراليا) – بعد أكثر من ثمانية أشهر من ظهور فايروس كورونا المستجد، لم يثبت أي علاج فعاليته حتى الآن، ولكن بدأت تظهر بعض المعطيات المشجعة، من بين المئات من التجارب الإكلينيكية الجارية بالفعل. وقال مدير المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية في الولايات المتحدة أنتوني فاوتشي، إن الأجسام المضادة وحيدة النسيلة التي تمنع انتشار فايروس كورونا في الجسم هي من بين الاستراتيجيات الواعدة لتجنب الإصابة بأمراض خطيرة نتيجة الإصابة بكوفيد – 19 قبل التوصل إلى لقاحات. وتستخدم الأجسام المضادة وحيدة النسيلة في العديد من الحالات، مثل الأورام السرطانية وأمراض المناعة الذاتية، وقد تمت تجربتها للمساعدة في مكافحة كوفيد – 19. وتجري تجارب على عائلة من الأدوية المنظمة للمناعة بما في ذلك توسيليزوماب، وسريلوماب أو أناكينرا، كلها أجسام مضادة وحيدة النسيلة أنشئت انطلاقا من فئران عُدلت “لإضفاء الطابع البشري” على أنظمتها المناعية. وهي تؤدي عند التعرض لفايروسات حية أو مخففة إلى إنتاج أجسام مضادة بشرية تُنتج بكميات كبيرة في المختبر. وأعلنت شركة إيفا فارما للأدوية في نهاية أغسطس الماضي أن دواء ريمديسيفير، حصل على ترخيص جديد بناء على دراسات علمية أجريت على الدواء، وأظهرت فاعلية الدواء في تسريع شفاء المرضى المصابين بفايروس كورونا المستجد، ليس فقط في الحالات الحرجة، وإنما الحالات البسيطة والمتوسطة أيضا. وأضافت الشركة في بيان أن الموافقة الجديدة لم تسمح باستخدام ريمديسيفير للحالات المتواجدة خارج المستشفيات، وأكدت على أهمية استخدام الدواء تحت إشراف طبي. ووسعت هيئة الدواء والغذاء الأميركية FDA، ترخيصها للاستخدام الطارئ لريمديسيفير، ويشمل جميع البالغين والأطفال المصابين بفايروس كورونا المستجد داخل المستشفيات، وذلك بغض النظر عن شدة أعراض المرض لديهم. استخدمت الأجسام المضادة وحيدة النسيلة في مكافحة الأورام السرطانية وأمراض المناعة الذاتية، وكعلاج جديد لكوفيد – 19 وكانت التقديرات العلمية السابقة الصادرة عن الهيئة، والتي اعتمدتها باقي دول العالم التي أتيح لها استخدام الدواء، قد أتاحت استخدام ريمديسيفير لمرضى كورونا ذوي الحالات الحرجة فقط، وعرفتهم الهيئة الأميركية، على أنهم المرضى الذين يعانون من انخفاض مستويات الأكسجين في الدم، أو يحتاجون إلى علاج بالأكسجين أو الوضع على أجهزة التنفس الصناعي. ونقلت وكالة بلومبرج عن فاوتشي القول إن “العلاجات التي تعتمد على الأجسام المضادة ومنتجات الدم الأخرى من المرضى المتعافين والأدوية المضادة للفايروسات يتم فحصها كعلاج مبكر. والهدف من ذلك هو حماية المرضى من الإصابة بأضرار خطيرة في الرئة تحتاج لإعطائهم عقارات مثل ريمديسيفير وديكساميثازون”. وقال فاوتشي لمجلة الجمعية الطبية الأميركية “نحن نركز بشدة الآن على علاج العدوى المبكرة أو الوقاية من العدوى أو كليهما… وهذا هو الجسر إلى اللقاح”. وقال فاوتشي إن التحصين ضد فايروس كورونا يمكن أن يبدأ في الولايات المتحدة في نوفمبر أو ديسمبر، ومع ذلك فإن الأمر من المحتمل أن يستغرق حتى الربع الثالث من عام 2021 على الأقل لحماية عدد كاف من الأميركيين من الفايروس الوبائي للقضاء على تهديده بشكل كبير. وقال فاوتشي إنه من المحتمل أن يتم إنتاج 100 مليون جرعة من اللقاح بحلول ديسمبر، ومن المنتظر أن تكون جميع الشركات الست التي تزود الولايات المتحدة قد أنتجت 700 مليون جرعة بحلول أبريل المقبل. وتجرى تجارب إكلينيكية أخرى منها دراسة هولندية نشرت في مجلة “نيتشر”، أظهرت أن الأجسام المضادة وحيدة النسيلة التي تستهدف بشكل خاص بروتينا على سطح سارس-كوف-2 قادرة على تحييده في المختبر. ويعمل الباحثون على مسارات مختلفة لتمكين المرضى من محاربة هذا المرض متعدد الأوجه الذي أودى بحياة أكثر من 943 ألف شخص حول العالم، منهم 200 ألف في أوروبا، منذ أن ظهر للمرة الأولى في الصين أواخر العام الماضي. علاجات كورونا المبكرة يمكن أن تكون جسرا إلى اللقاح علاجات كورونا المبكرة يمكن أن تكون جسرا إلى اللقاح ويجري العمل على استكشاف العشرات من الطرق الأخرى التي قلما يتحدث عنها الباحثون لوسائل الإعلام، ومؤخرا أعلن باحثون في المملكة المتحدة اختبار لقاحات مضادة لفايروس كورونا تؤخذ عن طريق الاستنشاق. ويقول العلماء إن إيصال اللقاح إلى الرئتين مباشرة قد يحفز نظام المناعة على رد فعل أفضل من إعطائه عن طريق الحقن. وسوف يستخدم فريق “إمبريال كوليج لندن” العامل على البحث لقاحين متقدمين هما لقاح جامعة أكسفورد الذي توقفت تجاربه مؤخرا ولقاح “إمبريال” الذي بدأت التجارب عليه في شهر يونيو الماضي. وسيحصل 30 متطوعا في حالة صحية جيدة على اللقاح على شكل رذاذ، بنفس طريقة إعطاء أدوية الربو عن طريق الفم أو الأنف. ويمكن إعطاء لقاح الإنفلونزا الموسمية أيضا على شكل رذاذ عن طريق الأنف بدلا من حقن الشخص. وقال كبير الباحثين د. كريس تشيو “فايروس يهاجم الجهاز التنفسي، وهو يهاجم الخلايا المبطنة للأنف والحلق والرئتين”. وأضاف “هذه السطوح لها خصوصيتها وتؤدي إلى رد فعل من جهاز المناعة يختلف عنه في حال بقية أعضاء الجسم، ولذلك فمن المهم فحص ما إذا كان استهداف مجرى التنفس يمكن أن يؤدي إلى رد فعل أكثر فعالية من الحقن عن طريق العضل”. لكن لا يبدو أن الأمر بهذه البساطة، إذ تمكن العلماء من اكتشاف دلائل جديدة تشير إلى أن الاستجابة المناعية في جسم الإنسان ضد مرض كوفيد – 19 قد تكون قصيرة الأجل، ما من شأنه أن يصعب الأمر على مطوري اللقاحات في التوصل إلى جرعات وقائية تكون قادرة بشكل كامل على حماية الناس في موجات التفشي مستقبلا.
مشاركة :