تضمنت كلمة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى حفظه الله ورعاه أمام أعمال الدورة الخامسة والسبعين لانعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك عبر الاتصال المرئي، تأكيد الثوابت الوطنية والقومية والإنسانية التي ما فتئت مملكة البحرين تدعو إليها في مختلف المحافل الدولية باعتبارها منطلقات وأسسا ثابتة في سياسة المملكة، ففي معرض إشادة جلالته بالمساعي الطيبة التي بذلها الأمين العام السيد «أنتونيو غوتيريش» في «تعزيز دور المنظمة في تسوية النزاعات وطرح الحلول والمبادرات، من أجل التوصل إلى نظام عالمي قائم على ترسيخ وحماية حقوق الإنسان، وتحقيق أعلى مستويات التنمية على أسس المساواة والمشاركة الكاملة للدول الأعضاء في هذه المنظومة الأممية الرفيعة»، جاء ذلك ليعبر عن انسجام السياسات الداخلية والخارجية للمملكة في هذا الميدان، إذ حرص جلالة الملك المفدى على ترسيخ مبادئ حقوق الإنسان والإعلاء من شأنها داخل البلاد، فضمن الحياة الحرة الكريمة للمواطنين والمقيمين ووفر للجميع البنية التشريعية والتنظيمية التي تصون العدالة والمساواة، وأطلق المشاريع التنموية التي تسهم في تحقيق الأمن الاقتصادي والاجتماعي والرفاهية للجميع. وفيما يتعلق بالعلاقات الدولية بالمرحلة الراهنة أكد جلالته أن البحرين «تشارك الأمم المتحدة رؤيتها الصائبة في التأكيد على أهمية العمل الجماعي الفعّال لمواجهة كافة التحديات والأخطار»، ومنها خطر جائحة كورونا (كوفيد-19)، إذ أوضح جلالته أن الجائحة أثبتت «أن المجتمع الدولي في حاجة ماسة إلى تنحية الخلافات جانبًا وتقوية مجالات التكاتف الإنساني، لنعمل متحدين في وجه هذه التهديدات الصحية»، وقد كانت مملكة البحرين من أوائل دول العالم التي بادرت بالاتصال بمنظمة الصحة العالمية، ودعت دول العالم المختلفة للتعاون المثمر لمواجهة تحدي الجائحة. وقد عرض جلالة الملك المفدى التجربة المشرقة لمملكة البحرين في التصدي لجائحة كورونا من خلال قيامها «بتشكيل فريق عمل وطني، برئاسة ولي عهدنا، لوضع وتنفيذ خطة طوارئ متكاملة نتج عنها العديد من التدابير الوطنية، وفق أفضل الإجراءات والممارسات الوقائية والعلاجية، من أجل المحافظة، أولاً وأخيرًا، على صحة وسلامة المواطنين والمقيمين، على حد سواء»، ليس هذا فحسب، بل أشار جلالته إلى التدابير الاقتصادية التي اتخذتها المملكة للتصدي لتداعيات الجائحة بالقول «آخذين في الاعتبار الحاجة القصوى للتخفيف من الآثار الاقتصادية والاجتماعية التي نعمل جاهدين على تنويع برامجها ومجالاتها الداعمة، حفظًا لرخاء واستقرار شعبنا العزيز ولعودة سريعة نشهد فيها تعافي اقتصادنا الوطني».وفيما يتصل بإتفاقية تأييد السلام أوضح جلالة الملك المفدى أن البحرين انطلقت من حرصها على «أمن واستقرار المنطقة، وتجسيدا لنهجها الراسخ في الانفتاح والتعايش مع الجميع، في رسالة حضارية تؤكد بأن يدنا ممدودة للسلام العادل والشامل باعتباره الضمانة الأفضل لمستقبل شعوب المنطقة جميعا»، مؤكدا جلالته في الوقت نفسه، أهمية «تكثيف الجهود لإنهاء الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي وفقًا لحل الدولتين» باعتباره «مدخلاً أساسيًا لتحقيق السلام العادل والشامل والمؤدي إلى قيام الدولة الفلسطينية المستقلة، وعاصمتها القدس الشرقية، استنادًا إلى قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية». وانطلاقا من العرفان العالي بالدور الايجابي البناء للمملكة العربية السعودية في المنطقة والعالم، ومكانتها الرفيعة في نفوس وقلوب أهل البحرين وكل الشعوب العربية والإسلامية، أعلن جلالة الملك المفدى عن تقديره الكبير لها بالقول «وإنها لفرصة طيبة نتوجه فيها من خلال منبركم الهام، بتقديرنا الكبير للدور الرائد والعمل الدؤوب للمملكة العربية السعودية الشقيقة، بقيادة أخينا خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ليس فقط على صعيد إرساء دعائم الأمن والسلم في المنطقة والعالم أجمع وبشكل يراعي مصلحة كافة الأطراف، بل لما تبذله من جهود بارزة ومؤثرة خلال رئاستها الحالية لمجموعة العشرين لصياغة «عقد جديد» تتحقق فيه آمال شعوب العالم في الرخاء والاستقرار. مؤكدين هنا، على نهج بلادنا الثابت بالوقوف مع الشقيقة الكبرى صفًا واحدًا في جميع المواقف وفي كافة الظروف»، وذلك تعبير صادق عن الوفاء المميز الذي يحمله جلالته للمملكة العربية السعودية وقيادتها الرشيدة التي كانت دائما السند المتين لأمن البحرين واستقرارها، والداعم لتنميتها ونهضتها في مختلف الظروف والأزمان.ولم يفت جلالته في هذا المحفل العالمي الكبير الإعراب عن المساندة التامة للجهود الخيرة التي تقوم بها جمهورية مصر العربية في «ترسيخ الأمن والاستقرار الإقليمي» ولمساعيها السلمية الجادة، لمواجهة وصد التدخلات الخارجية في ليبيا، و«الإسهام في إعادة بناء مقدرات دول المنطقة من منطلق دور مصر الرائد في حماية وصون الأمن القومي العربي»، وحيث إن الأمن والسلام من أبرز المعالم السياسية والفكرية التي تدعو وتحرص مملكة البحرين على أهمية استنباتها في جميع دول العالم، وتستثمر مختلف المناسبات لدعوة المنظمات الدولية للعمل الجاد والمثمر على ضمان تحقيقها، فقد أكد جلالته في هذا المحفل العالمي الهام عليهما بالقول «إن نجاح المجتمعات وازدهارها مقرون باستتباب الأمن والاستقرار فيها، وهذا ما انتهجته مملكة البحرين على الدوام».وختم جلالته كلمته السامية بتأكيد التزام البحرين بدعم الأمم المتحدة لبلوغ وجهتها المنشودة من أجل «تحقيق التطلعات المشروعة للشعوب وإعادة بناء جسور الثقة والمحبة، وصولاً لعالم أكثر أمنًا واستقرارًا وسلامًا».حفظك الله سيدي فبحكمتك ووفائك لشعبك أعليت البناء ورسخت أسس التنمية وحققت نعمة الأمن والاستقرار، وجعلت من البحرين نموذجا متميزا لدولة يعيش شعبها كريما حرا مرفها امنا في دخله وعيشه ومسكنه ومتطلبات حياته الأخرى، وأصبحت رسائلك وكلماتك في المنظمات الدولية، دليل عمل للشعوب المحبة للأمن والسلام فهنيئا ومباركا لك سيدي جلالة الملك المفدى هذه المكانة العالمية السامية، وهنيئا لشعبنا المعطاء بمليكه الذي رسم له طريق العز والأمل بغد أفضل، وهنيئا لمن يحظى بتوجيهاتك السديدة فتكون له عونا ودثارا لعاديات الزمن، وهنيئا لمن يحظى بلقاء جلالتك فيستمد منه عزما والهاما وأملا. فتقبل منا سيدي بالغ المحبة والوفاء والإخلاص، مجددين العهد والبيعة والولاء الدائم، وليبقى شعارنا دائما، البحرين خليفية خليجية عربية مسلمة.{ أكاديمي وخبير اقتصادي
مشاركة :